نشطاء..أم خونة وعملاء؟!
عبدالحكيم الشامي
لدي شك كبير في رموز سياسية وشبابية وأسماء لمعت مع الثورة -ولم تصنع هي الثورة بالضرورة- ثم كشفت أحداث ما بعد الثورة زيف معادنها، وأثارت الشبهات حول تحركاتها الخطيرة والمثيرة للجدل.
قليل منهم ظهر قبل سنوات قليلة من الثورة، مقدمًا نفسه على أنه ناشط سياسي ومعارض للنظام، أما أكثرهم فقد ذاع صيته فى أيام الثورة وبعدها، على خلفية أنه صاحب حركة كذا، أو مؤسس صفحة كذا على فيس بوك، أو منسق لجنة كذا، أو بحسبانه من ائتلاف كذا.
عددهم بالعشرات، وكثير منهم مجرد "ظواهر إعلامية"، و الثابت لي الآن بعد مرور عامين ونصف العام على الثورة أن هؤلاء لا أصحاب قضية ولا وطنيون ولا ثوريون كما يدعون، بل هم مجرد أدوات تتلاعب بها جهات خارجية وأخرى داخلية لإفساد المشهد المصري بأكمله وتعطيل مسار الدولة على طول الخط، سواء كان الحاكم هو المخلوع وحزبه اللاوطني، أو الرئيس محمد مرسى وحزب الحرية والعدالة، أو حتى رموز من أي تيار سياسي آخر.
هؤلاء لايمكن أن يكونوا سوى "طابور خامس" وسيستمرون على هذا الحال، مالم تفضحهم أجهزة المخابرات والأمن وتكشف مصادر تمويلهم ومن يحركهم، مع تقديمهم لمحاكمات بتهمة الخيانة العظمى.
ولكي تتضح الصورة علينا أن نتفهم أنَّ القوى العظمى، وفي مقدمتها أمريكا، باتت تستخدم مرتزقة هذا الطابور لإحداث قلاقل داخلية في كثير من الدول لإضعافها وضعضعة قوتها، كبديل عن التدخل العسكري المباشر، أو الأعمال المخابراتية القذرة وأشهرها الاغتيالات للرموز الوطنية المناوئة لسياسات تلك الدول والكارهة لها.
وبدهي أنَّ الإنفاق على هذا الطابور الخامس أقل كلفة من التدخلات العسكرية والأعمال المخابراتية، وبهذا تصبح المنافع متبادلة، فالقيام بدور المعارضة في كل الأحوال وعلى طول الخط يحدث القلاقل المطلوبة ويسهم في تدخل تلك الدول، تصريحًا وتلميحًا في شؤوننا الداخلية إلى مستوى أن تنصب السفيرة الأمريكية نفسها مثلا كحامي حمى للمعارضة المزعومة أو يتطوع المتحدث باسم البيت الأبيض بنقد أوضاعنا الداخلية والحديث عن الحريات المنقوصة وتهديد القيادة السياسية تهديدًا صريحًا ومباشرًا، وفي المقابل يحصل المرتزقة على أموال، وتعقد لهم دورات تدريبية في الخارج عن كيفية إدارة الاضطرابات الممنهجة، التي تحول بين الدولة وبين أي نوع من الاستقرار.
نحن يا ساده أمام حرفة جديدة خطيرة جدًا وخبيثة جدًا، مسماها النمطي "ناشط سياسي" ومدلولها الحقيقي "خائن وعميل".
ومن السذاجة أن نتصور أنَّ هؤلاء من نوع من يستغفل أو يجر إلى أعمال لايدرك ماهيتها، بل يجندون بطريقة ناعمة جدًا تبدأ بتقديمهم إعلاميًا كناشطين، ثم دعوتهم لدورات خارجية ممولة من وزارات خارجية وأجهزة مخابرات، ثم "توضيب" مؤتمرات وندوات وفعاليات داخلية يكونوا هم الرموز البارزة فيها، وهكذا.
المهم هو المعارضة ثم المعارضة ثم المعارضة حتى لو حقق النظام الحاكم كل مطالبهم.
بهذا نفهم كيف امتهن شباب وفتيات هذه الحرفة وكيف أصبحوا نجومًا لامعين بين يوم وليلة وكانوا قبلها أشخاص مغمورين تمامًا !
وبهذا ندرك لماذا يغير كل منهم موقفه حتى مع تحقيق ماينادي به!
وبهذا نفسر كيف أنهم عارضوا المخلوع ثم عارضوا المجلس العسكري ثم هم يعارضون الآن الرئيس مرسى !
وبهذا نعرف أسباب ثرائهم المفاجئ وشهرتهم الكبيرة، وإنفاقهم غير المحدود على المطبوعات والمنشورات والكتيبات والمؤتمرات وكذلك المؤامرات.
بهذا أيضا نضع أيدينا على حقيقة أن أي عاطل في أي بلد يمكن أن يتحول إلى رمز بين عشية وضحاها إذا ما باع نفسه للشيطان الأكبر وارتضى أن يحترف مهنة "مرتزق سياسي"، ولا تسألونى عمن أتحدث، فأنتم أذكى من أن تطرحوا هذا السؤال، فقط فتشوا عن أسماء رجال وشبان وفتيات لم تكن معروفة إطلاقًا قبل سنوات ثم أصبحت الآن أعلامًا، بعضهم أسس حركات، وبعضهم يجمع الآن توقيعات وبعضهم يدعو للحشد ضد الرئيس 30 يونيو، وينظم وقفات بمناسبة وبغير مناسبة ضد النظام!
فمتى يتحرك النظام ويفتح ملفاتهم للرأي العام؟
المصدر : موقع الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق