الثلاثاء، 4 يونيو 2013

بلاغ إلى بوليس الآداب


بلاغ إلى بوليس الآداب
 فراج اسماعيل

عندما تقرأ تقرير اللجنة التى شكلها المجلس الأعلى للصحافة من بعض أساتذة كلية الإعلام حول أداء الصحف المصرية تشعر بالإحباط واليأس، لأن المعنيين بالتقرير انهمكوا فى اتهامه بالتسييس، ولم ينتبهوا إلى الملاحظات التى أبداها حول المواد الصحفية الفجة التى تستحق تقديم بلاغ إلى بوليس الآداب.
لم يعر مجلس نقابة الصحفيين التقرير اهتمامًا مع أن أهم واجباته الحفاظ على القيم الأخلاقية والمعايير المهنية.
وقابله كبار الصحفيين بالتعالى والسخرية مع أنه يجب عليهم حماية شرف المهنة، فإذا كان يجرى انتهاك هذا الشرف بأحط الألفاظ السوقية دون زاجر أو معقب، فقل على الصحافة المصرية السلام، واقرأ الرحمة على كلية الإعلام التى تبرأت من التقرير مع أن أحدًا لم ينسبه إليها.
أستميح القارئ عذرًا بإعادة الألفاظ التى استخدمتها الصحافة واستهجنتها لجنة تقييم الأداء، فلو عرضت فى قاعة محكمة لوجب إخلاؤها من الجمهور وجعل الجلسة سرية مراعاة للآداب العامة. 
رصد التقرير عددًا من المؤشرات التفصيلية التى مارست من خلالها الصحف التشهير والسب والقذف، كاستخدام الألفاظ النابية والتعبيرات المبتذلة، ونشر الصور الفاضحة والعارية، والكشف عن هوية ضحايا الاغتصاب وبخاصة الأحداث، ونشر صور جثث الموتى، والتوسع والإفاضة فى نشر تفاصيل الجرائم الجنسية، واختراق الخصوصية، والسب والقذف والتجريح الشخصي.
 أورد التقارير نماذج فى منتهى الوقاحة، يحاسب القانون الشخص العادى على التلفظ بها فى الشارع أو على ناصية حارة، فما بالك بصحيفة سيارة يقرؤها الجميع وتدخل البيوت. صحيفة الفجر (رئيس تحريرها عادل حمودة مقدم برنامج آخر النهار بقناة النهار) كتبت العنوان التالي: "مرسى ماكس.. أقصى أحلامه ألا تطول الكهرباء أماكن حساسة فى جسده".
 صحيفة صوت الأمة (رئيس تحريرها عبدالحليم قنديل): "الشرطة بتبلبص فى الشعب".
صحيفة اليوم السابع (رئيس تحريرها خالد صلاح مقدم برنامج آخر النهار بقناة النهار): "بور سعيد بتقولك الحظر ده عند أمك". صحيفة الحرية والعدالة (لسان حال الحزب الذى يصنف كحزب حاكم والذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ورئيس تحريرها عادل الأنصاري)"لميس ولعه ومحمود شعللها ووائل شطشطها".
صحيفة الدستور (لا يعيش لها رئيس تحرير ويكتب مالكها عناوينها) "النائب العام مسخه".
صحيفة التحرير (رئيس تحريرها إبراهيم عيسى مقدم برنامج بقناة القاهرة والناس) "شفت رأس القرد.. شكله أصبح يتكيف مما يفعلونه به فى الحوار، ويظن أن الناس عندما يشيرون إليه إنما يشيرون إلى مؤخرته الحمراء المكشوفة للجميع".
هذا غير الخروج عن الأعراف والتقاليد الصحفية فى استقاء الأخبار والاستقصاءات الصحيحة وتحيز تلك الصحف فى أخبارها وتحقيقاتها والاعتماد على مصدر واحد أو عدة مصادر تعكس وجهة نظر معينة.
استشعرت اللجنة الخطر من فقدان الصحف المصرية لمصداقيتها وفقدان المهنة لمكانتها وفقدان الصحفى نفسه لهيبته حال استمرار انتهاك المعايير المهنية والأخلاقية.
 لكن لا نقابة الصحفيين ولا رؤساء التحرير شعروا بأدنى خطر أو مسئولية تجاه ما يحدث.
لم يقابلوا ذلك بأذن من طين وأخرى من عجين فحسب، بل كالوا الاتهامات لواضعى التقرير كأن نزول الصحافة المصرية إلى القاع انتصار عظيم لا ينبغى الاقتراب منه، لاسيما أن قنوات الليل تقتات على ما تنشره من مواد مكانها الطبيعى الوقوع فى قبضة بوليس الآداب.
 farrag.ismail@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق