لا هى غرفة عمليات ولا مطار سرى
فراج اسماعيل
لا أتصور رفض سياسيين كبار من جبهة الإنقاذ وغيرها انطلاقًا من أسباب حزبية ضيقة حضور اجتماع مع رئيس الجمهورية بشأن أكبر أزمة تهدد مصر في تاريخها. لكن للأسف حصل. عمرو موسى بجلالة قدرة وذو الخبرات الدولية الهائلة امتنع عن الحضور.
محمد البرادعي لم يسعفه الوقت في الحصول على تأشيرة خروج وعودة من "تويتر".. أضف إليهم محمد أبو الغار الذي لا أعلم لماذا ترك صنعته كطبيب معروف ليدخل سيرك السياسة بألاعيبها ومناوراتها؟!
أما حمدين صباحي فقد أفرغ ما في جعبته من كلام خلال الأيام الماضية، فهو معجب بالعصر الحنجوري، يرتدي رداء ذلك العصر وطريقة تفكيره في الدفاع عن القضايا القومية بالميكرفونات.
الآخرون لا يعنون الرأي العام كثيرًا. لو سألت عن أحدهم فلن يعرف اسمه 1% من أي عينة عشوائية.
بوضوح علق الدكتور عمرو حمزاوي على التفكير الانسحابي الذي يطغي على بعض النخبة.
اخترت حمزاوي لأنه من قادة الجبهة إياها ومن أشرس معارضي مرسي، لكن يبدو أن درجة الحرص على المصالح الوطنية تختلف من معارض لآخر، فهناك سليم النية وصاحب الرؤية الذي يعارض لوجه الله والوطن، وهناك ما دون ذلك.
حمزاوي كتب على تويتر عقب خروجه من اجتماع الرئاسة الخاص بأزمة سد النهضة الإثيوبي وتأثيره في جريان النيل في مصر "في اجتماع اليوم، خسر المستجيبون لصخب المزايدين وخسر الرأي العام المصري المزيد من رموز السياسة الذين تجاهلوا المصلحة الوطنية خوفًا أو ترددًا".
كالعادة هناك من يفتش للرئاسة عن ثغرة ليرميها بها، ففي الوقت الذي يجب أن يحمد لها طرح هذه القضية الهامة على رموز المعارضة والسياسة والكنيسة والأزهر لأنها تستهدف قطع شريان الحياة عن مصر، خرج من يبرر عدم حضوره بأنها قضية سرية لا يجوز طرحها لمثل تلك المناقشات.يعني لا كدا عاجب ولا كدا عاجب.
ثم أمسك بخناق الرئاسة لأنها أذاعت أسرار اللقاء على الهواء، وهكذا وصلت إلى إثيوبيا خطط الحرب وزرع المخابرات بين قبائلها ومحاصرتها من الحدود وزيارة وزير الدفاع السيسي لنقاط التماس بينها وبين السودان!
كلها انطباعات أو اقتراحات حول سبل مواجهة السد الإثيوبي قالها المجتمعون وتم تداولها خلال الأيام الماضية على شاشات الفضائيات وأعمدة الصحف.
آخر شبّه البث على الهواء بنكتة المطار السري ساخرًا من خبرة الرئيس الضعيفة التي جعلته يضع خطط الهجوم والاكتساح على عينك يا تاجر!
مضحك أن يلعب السلبيون المقاطعون ويتلاعبون على الناس ظنًا أنهم يصدقون أن الاجتماع كان غرفة عمليات عسكرية، وأن المجتمعين جنرالات حرب يناقشون على الخريطة خطة سير المعارك وتدمير عمليات بناء السد.
الدكتور عمرو حمزاوي قال إنه كان على علم بإذاعة الحوار، وأنه سعيد بتلك الشفافية لأن من حق المصريين معرفة التداعيات المترتبة على بناء السد.
وأوضح محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية أن الغرض من علانية الاجتماع التعامل بشفافية مع أزمة حوض نهر النيل أمام الرأي العام وإرسال رسالة لإثيوبيا بالاهتمام المصري منقطع النظير بهذه القضية.
المقاطعون والسلبيون حجتهم دائمًا مسح السبورة. ينطبق هذا على "أبو الغار" الذي اعتبر إذاعة الاجتماع بالأمر الكارثي. مطلوب منه أن يشرح لنا ذلك أم إنها من أعراض ابتعاده عن صنعته التي يجيدها؟!
ولأن السياسة ليست صنعته، فقد وشت اتجاهاته بأنه مجرد هاوٍ باحث عن الشهرة بطريقة خذوهم بالصوت، فقد كشف بمنتهى الأريحية لبرنامج ليلي أنه كان ذاهبًا للاجتماع لكنه توقف بعد اتصالات من الحزب وبعض الأصدقاء والفنانين.
كأنه يعترف بأن المزايدة السياسية منعته من المشاركة في مناقشة خطر جدي يهدد الوطن.
على أي حال من المطلوب والمفيد أن تراقب إثيوبيا علنًا رد فعل المصريين على خططها لخنق النيل.
farrag.ismail@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق