البلتاجي يحاكم القضاة في قاعة المحكمة (2)
أحمد منصور
بدأ الدكتور محمد البلتاجى كلمته من وراء القضبان أمام الحضور في قاعة المحكمة قائلا «أرسل برقية عزاء للشعب الجنوب إفريقي في وفاة نيلسون مانديلا وأقول إن في السجون المصرية عشرة آلاف نيلسون مانديلا، لن يقبلوا أن تحكمهم الدبابة»
وأضاف البلتاجي قائلا «نحن نواجه منظومة قضاء فاسدة وخائنة» ثم تحدث عن فتيات حركة سبعة الصبح في الأسكندرية فوصفهن بأنهن يمثلن حرائر الوطن وكل معاني الشرف بينما يمثل جلادوهم من الشرطة والنيابة والقضاء «أحط مافي الوطن».
وأضاف البلتاجي «سأقص عليكم قصة طريفة، وهي أن الجنرال صحى من النوم الصبح وقرر عزل الرئيس المنتخب وتعطيل العمل بالدستور وحل البرلمان ثم عين رئيسا من عنده بين قوسين «طرطورا» والرئيس بين قوسين «الطرطور» عين لجنة خمسين لوضع الدستور، «ولجنة الخمسين وضعت دستورا يحصن وزير الدفاع لمدة ثماني سنوات».
هذه القضية المفبركة تجري لرجلين فقد أحدهما ابنته أسماء بعدما أطلق الانقلابيون عليها الرصاص في رابعة العدوية وهو الدكتور محمد البلتاجي وفقد الآخر ابنه محمد أيضا بعدما أطلق عليه الانقلابيون الرصاص أيضا في رابعة العدوية وهو الدكتور محمد الزناتي مدير المستشفى الميداني في رابعة، والعجيب أن كلا الرجلين يحاكمان في قضية مفبركة بينما لم يتم فتح التحقيق في مقتل ابنة الأول أو ابن الثاني حتى الآن ومعهم كما قال الدكتور البلتاجي ثلاثة آلاف شهيد وشهيدة في رابعة العدوية وحدها
وهذا ما جعل رئيس هيئة الدفاع المحامي اليساري محمد الدماطي وكيل نقابة المحامين يقول لهم حينما التقي بهم حسبما نقلت بوابة «الأهرام» أنتم رمز الشموخ والشرف يا أبطال.
عرفت الدكتور محمد البلتاجي أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب جامعة الأزهر للمرة الأولى في ميدان التحرير في القاهرة إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، كان أحد الرموز الوطنية الثائرة في قيادات الثورة المتناثرة في أرجاء مصر والميدان، وكان من أوائل الذين خرجوا في الخامس والعشرين من يناير ووقفوا أمام دار القضاء العالي ثم توجه إلى ميدان التحرير وبقي هناك إلى أن سقط حسني مبارك وأعلن نائبه عمر سليمان تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، لم يكن البلتاجي يذهب إلى بيته وكانت عائلته تأتي لزيارته هناك بينما كان بعض أبنائه يقيمون معه في الميدان بشكل كامل، وقد داعبتهم ذات مرة وهم يجلسون معه جميعا وقلت لهم «الزيارة انتهت» ورأيتهم مرة أخرى على نفس الهيئة في رابعة العدوية بعد انقلاب الثلاثين من يونيو فسلمت عليهم وكانت المرة الثانية التي أرى فيها أسماء رحمها الله التي طلبت صورة معي فقد كانت شعلة في الميدان شأن كثير من النساء اللائي شاركن بقوة في التظاهرات ضد الانقلاب، كنت أشعر أن البلتاجي لا ينام فهو عند المنصة أو في لقاءات صحفية أو تليفزيونية أو في اجتماعات فردية مع كثير من الناس الذين كانوا يرونه رمزا من رموز الثورة سواء اختلف معه الناس أو اتفقوا حتى العسكر في ميدان التحرير رأيتهم كثيرا يأتون للسؤال عن الدكتور البلتاجي لكي يتباحثوا معه في بعض الأمور التي تخص الميدان كما كان يتقدم التظاهرات والمسيرات والصفوف، كان دائما مجهدا، لكنه كان دائم العمل، وكان إعلاميو الانقلاب يسمونه الرجل الذي لا يبتسم لكن صورة ابتسامته وهو وراء القضبان أثبتت أنه صاحب ابتسامة معبرة رغم ما في قلبه من جروح وآلام ثبته الله وفك أسره وأسر من معه وعوضه خيرا هو وجميع أهالي الشهداء في مصر عما فقدوه ورد مصر عزيزة أبية شامخة إلى أهلها بجيشها وقضائها وكل ذرة تراب بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق