الأحد، 15 ديسمبر 2013

اللواء عبد الحميد عمران لـ«الشعب»: الحراك الطلابى والشعبى لن يتوقف حتى ترجع السلطة الحالية إلى أسس الديمقراطية (الأخيرة)

اللواء عبد الحميد عمران لـ«الشعب»: الحراك الطلابى والشعبى لن يتوقف حتى ترجع السلطة الحالية إلى أسس الديمقراطية (الأخيرة)


حوار: مصطفى إبراهيم
>>ما الحكمة من وجود شركة إسرائيلية فى ممر قناة السويس؟ .. تساؤل لم أتلق ردا شافيا عنه!
>>أكرر التحذير .. إسرائيل على وشك اقتطاع سيناء..ويا رفاق السلاح السياسة ليست حرفتكم
فى الحلقة الثانية من حواره مع «الشعب» أكد الخبير الاستراتيجى لواء دكتور مهندس عبدالحميد عمران أن الحراك الطلابى والشعبى لن يتوقفحتى تحترم السلطة الحالية لمصرالأسس الديمقراطية، والإقرر بحق الشعب فى ممارسة حقوقه السياسية والإنسانية والدستورية.
وكشف عن توجهه بسؤال للإدارة الحالية بمصر عن السماح لشركة إسرائيلية بالقيام بخدمات ملاحية فى قناة السويس،وعدم تلقيه ردا على سؤاله، كما اتهم إسرائيل بارتكاب حادث كرم أبوسالم برفح فى رمضان قبل الماضى، مؤكدا أن محمد دحلان يحيك المؤامرات مع عنصر من فتح ويلصق تلك الجرائم بحركة حماس للإيقاع بين مصر وحماس .. وإلى نص الحلقة الثانية من الحوار.

 *كيف ترون ثورة أو مظاهرات الطلاب وتعامل الأجهزة الأمنية معها وبصفة خاصة جامعة الأزهر؟
- الطلاب يمارسون حقهم الإنسانى والدستورى والقانونى والسياسى فى التظاهر السلمى للتعبير عن موقفهم السياسى، لكن من الواضح أن نظام الحكم الحالى لم يعد يطيق الديمقراطية أو يقبل صوت الشارع الذى طالما تحجج بأنه قد عزل الرئيس مرسى وأتى إلى الحكم استجابة له،وفى يقينى أن الحراك الشعبى الذى يقوده الطلاب سوف يستمر فى التظاهر مهما كلفه الأمر حتى تستجيب الحكومة وتلتزم بأسس الديمقراطية وحق الشعب فى التظاهر السلمى.
*طالبتم السلطة الحالية بتوضيح مدى صحة الأخبارالمنشورة فى صحف ومواقع غربية عن وجود شركة إسرائيلية لحماية السفن العابرة لقناة السويسمن حق أفرادها حمل أسلحة فى قناة السويس، وكذلك قيام شركة للدعاية يترأسها قيادى سابق فى الجيش الإسرائيلى لتتولى الدعايةوالترويج للنظام الحاكم فى مصر..فكيف ترون ذلك .. وهل تلقيتم ردا؟
- كان ذلك بعد أنكشف تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان فى بريطانياأن شركة إسرائيلية تدعى النورس للأمن الملاحى Seagull Maritime Security هى التى تقدم خدمات التأمين للرحلات البحرية وسفن الشحن فى قناة السويس بمصر، وعدة نقاط أخرى بالبحر الأحمر، وخليج العقبة بالأردن، إلى جانب كل من موانئ الفجيرة بالإمارات العربية المتحدة، وصلالة بسلطنة عمان، وشواطئ أفريقية أخرى.
وكشف بيان المنظمة أن مؤسس الشركة وقيادات عليا بها شغلوا مناصب بارزة فى الجيش الإسرائيلى من أهمهم إليعيزر ماروم الذى كان قائد البحرية الإسرائيلية حتى نهاية ألفين وأحد عشر، وهو المخطط للهجوم على أسطول الحرية عام ألفين وعشرة، كما شارك فى عملية الرصاص المصبوب على قطاع غزة نهاية عام ألفين وثمانية.
وبعدماوجهت سؤالى إلى السيد رئيس الوزراء عن مدى صحة هذه المعلومات، خاصة أنها قد وردت على موقع الشركة الإسرائيلية قبل حجبه وكان نصه (خدمات التأمين للرحلات البحرية وسفن الشحن فى قناة السويس بمصر)، إلا أن المتحدث الرسمى - كما هى العادة - أجاب عن سؤال لم نسأله وهو أن مصر لم تعهد إلى أى شركة أجنبية بتأمين المجرى الملاحى لقناة السويس.
أما موضوع تعاقد الحكومة مع شركة التسويق الإعلامى Glover Park Group لتسويق نظام الحكم العسكرى الجديد فى مصر والدفاع عنه والتحدث باسمه فى الكونجرس والدوائر الحكومية والإعلامية الأمريكية فلم نتلق عنه أى رد.
احذروا إسرائيل
*يجرنا ذلك إلى ما سبق أن وجهته للقيادة المصريةبالحذر من إسرائيل ..فما تفصيل ذلك؟
- بالفعل قلت لهم يا رفاق السلاح حذارى .. إسرائيل توشك أن تقتطع سيناء، وأوضحت أنه فى عمليات التحليل الاستراتيجى والعسكرى المسبق، لا ينبغى للمحلل أن يحرِّف المعطيات المتاحة لكى ينتصر لاحتمال على الآخر، وإلا فقد مصداقيته وقيمة تحليله، كما أنه لا يجب أن يلامعلى النتائج التى يصل إليها التحليل سواء أرضت هذا الطرف أو أغضبت ذاك.
وأكدتأن الفرصة أصبحت مواتية وسانحة لإسرائيل لاجتياح سيناء والاستيلاء عليها وضمها إلى أراضى دولة إسرائيل التى تتكون فى معظمها - بعد الجزء الذى حصلت عليه بموجب قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين - من أراضٍ اجتاحها جيش الدفاع الإسرائيلى فى مناسبة أو أخرى وعجزت الجيوش العربية عن استرجاعها فأصبحت ملكا خالصا للدولة العبرية.
وتتلخص الدوافع الإسرائيلية للقيام بهذا الاجتياح المتوقع إلى عاملين رئيسيين .. أولهما محو نتائج حرب أكتوبر التى ترسبت فى الوجدان العربى على أنها انتصار تاريخى، ربما يرفع معنوياتهم فى حرب مقبلة .. إلى جانب محو النتائج التى ترسبت فى الوجدان الإسرائيلى على أنها هزيمة لجيش الدفاع حتى لا تحبطهم يوما ما.
أما الدافع الثانى فهو العمل على نزح فلسطينيى قطاع غزة خارج حدود فلسطين القديمة وتسكينهم فى سيناء؛ كى تتخلص إسرائيل من الصداع المزمن الذى يسببه لها وجود هذا القطاع والعمليات التى تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية، وحتى تنفرد وحدها بتملك جميع الأراضى المقدسة وتتمتع بخيراتها.
* لكن لماذا تقوم إسرائيل بهذا الاجتياح الآن بالذات؟
- لأنه فى حرب أكتوبر 73 كانت إسرائيل تواجه جيشين متماسكين جيدى التدريب والتسليح يتبعان دولتين قويتين مستقرتين اقتصاديا ومتوحدتين داخليا ويحكمهما زعيمان تاريخيان محنكان .. هما الدولة السورية والدولة المصرية، فماذا عن الآن؟
وسوريا لم تعد دولة مستقرة بل دولة مدمرة منقسمة داخليا - طبقا للتخطيط الإسرائيلى - يعمل رئيسها على إبادة شعبه قصفا بالطائرات ويدمر جميع المنشآت السيادية بالمدفعية والدبابات .. يتقاتل فيها جيشان تجمعهما الكراهية المقيتة لبعضهما .. نتيجة لذلك وباختصار لا يمكن لسوريا - وهى بهذا الوضع - أن تشكل أى نوع من التهديد على الأمن الإسرائيلى.
وعلى الجبهة الأخرى وهى مصر نجد أن جزءا من جيشها متورط فى أعمال قتالية مع أهل سيناء تحت دعوى محاربة الإرهاب مما أكسبه كراهية هذا التجمع القبلى وأفقده أى فرصة فى معاونته له إذا نشبت الحرب مع إسرائيل وهو ما كان يحدث فى الحروب السابقة .. أما باقى الجيش المصرى فهو موزع على خريطة الوطن بدءا من السلوم حتى أسوان بمهمة قمع المظاهرات الرافضة للحكم العسكرى وقتل المتظاهرين السلميين، وإذا قامت إسرائيل بالهجوم على سيناء فسوف يحتاج الجيش المصرى إلى فترة شهر على الأقل لإعادة تجميع القوات وتوجيهها إلى ميدان المعركة فى سيناء، مما سيترتب عليهتفريغ الجبهة الداخلية من القوات المسلحة التى تقوم بتأمين وجود نظام الحكم الحالى فى مواجهة الشعب الثائر والتظاهرات التى لا تتوقف وهو ما يخشونه أكثر من خشيتهم من العدو الإسرائيلى.
قد يقول قائل إن إسرائيل لن تفعل ذلك بالنظام العسكرى الذى خلصها من حكم الإسلاميين لمصر والذى أيدته ودعت كل دول العالم إلى تأييده منذ يومه الأول، ولكن من وجهة نظر التحليل الاستراتيجى فإن التأييد والرفض أمور تتغير طبقا لمصلحة الدولة، فإذا كانت الظروف القائمة تعطى الإسرائيليين عائدا أفضل بغزو سيناء فلاشك أنهم سيتخلون فى هذه الحالة عن النظام الحاكم فى مصر ويتركوه لشعبه يقاتلون بعضهم بعضا مثلما يحدث فى سورياوهو ما يصب أيضا فى مصلحة إسرائيل.
شواهد المخطط
والشواهد على هذا المخطط كثيرة .. وآخرها قرار الحكومة الأمريكية الذى صدر مؤخرا , وهو ينص حرفيا على إيقاف شحن المساعدات العسكرية القتالية لمصر المكونة من الدبابات والهليكوبتر أباتشى وطائرات F-16 وهى كلها أسلحة قتالية يمكن أن تستخدم فى الحرب ضد إسرائيل، كما نص القرار حرفيا على الإبقاء على دعم الجيش بإمدادات ومعدات وأسلحة فض المظاهرات وهو ما سيحتاجه الجيش لمواجهة ثورة الجبهة الداخلية، بالإضافة إلى اقتصاص 265 مليون دولار المستحقة من المساعدات الأمريكية، وهذا يوضح أيضا أن القرار الأمريكى ليس من قبيل الاعتراض على الاستخدام المفرط للقوة فى تفريق الاعتصامات والمظاهرات، وإنما هو من أجل تأمين إسرائيل وحرمان مصر من أى فرصة لمقاومة الغزو الإسرائيلى الذى يخطط له.
وأعيد ما قلته لرفاق السلاح وأبناء القوات المسلحة البواسل .. فالسياسة ليست حرفتكم، وعدوكم ليس فى الداخل، والشوارع والقرى ليست ميدان قتالكم .. انتبهوا وحاذروا واحموا الوطن، فهو كل ما بقى لنا .. حتى لا يضيع كما ضاعت أوطان أخرى كثيرة .. وحتى لا تنقرض الحضارة المصرية كما انقرضت حضارة قبائل المايا.
حادث رفح الأول
*كانت لك رؤية اختفلت فيها معكثير من المحللين حول حادث رفح الأول الذى وقع فى رمضان قبل الماضى ..فلماذا اختلفت مع هؤلاء المحللين؟
- عقب العدوان، الذى وقع على موقع الحدود المصرى فى كرم أبوسالم، الذى تم التخطيط له بواسطة أجهزة الموساد، وتم تنفيذه بواسطة إحدى وحدات المستعربين فى الجيش الإسرائيلى، التى ربما تكون قد استعانت ببعض العملاء سواء من سيناء أو غزة، وبعد إتمام القضاء على القوة المصرية، انسحبت هذه الوحدة بعد ما وضعت العملاء فى المدرعة المصرية المختطفة، وبمجرد اجتياز المدرعة لخط الحدود كان فى انتظارها فى الجو إحدى طائرات الأباتشى الإسرائيلية فقصفتها بصاروخين أديا إلى احتراقها وتفحم جثث الخمسة الموجودين بها، التى سلمتها إسرائيل لمصر.
سارت الحسابات الإسرائيلية كالآتى:
• لا يوجد أى دليل ملموس يشير إلى مسئولية إسرائيل عن العملية.
• سوف يثور الشعب المصرى ويطلب القصاص.. وإذا فشلت الحكومة فى تقديم المتسبب فإنه سيطلب القصاص من حكومة الرئيس مرسى نفسه.
• مصر لن تحاول أن توجه ردها العسكرى فى اتجاه إسرائيل.
• مصر لن تحاول أن توجه ردها العسكرى فى اتجاه غزة واستبعادها نتيجة إدراكها لعدم استفادة غزة من العملية.
• لا يوجد سوى الطرف الضعيف، الذى ليس له ذنب لتصب عليه مصر جام غضبها استجابة للضغط الشعبى.
وفعلا قررت مصر أن توجه ضربة عسكرية إلى بعض مناطق سيناء فقامت بتحريك عدد من الوحدات المدرعة من الجيش الثانى الميدانى إلى داخل سيناء وتم حشدهم فى المنطقة «ج» المتاخمة للحدود الإسرائيلية، ومع أن ذلك مخالف لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أن إسرائيل لم تعترض مما يثير الشك فى نواياها.. قامت القوات المصرية فى اليوم التالى، بما فى ذلك طائرات القوات الجوية، باستهداف بعض مناطق سيناء خاصة جبل الحلال، مما ترتب عليه سقوط 30 قتيلا مدنيا، ولعل الشعب المصرى قد اعتبر ذلك ردا لكرامته، وبالتالى لم يتحرك ضد الرئيس مرسى، فهل انتهى الموضوع عند ذلك الحد؟.
نهاية السيناريو
*وهل انتهت الأمور عند ذلك؟
- طبعا لم ينته الموضوع.. وإنما بدأ النصف الثانى من السيناريو البديل، الذى خططته إسرائيل، فقد تحولت العملية العسكرية المحدودة إلى شكل من حرب العصابات بين بدو سيناء ووحدات الجيش المصرى القائمة بالضربة لاستنزافها.. وتصاعدت وتيرتها يوما بعد يوم ومازالت..
 وطرحت هناثلاثة أسئلة استراتيجية مهمة:
 الأول، هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر هذا الاحتمال فى حسبانها، وهو أن تتحول الضربة العسكرية المحدودة إلى حرب عصابات تستنزف الجيش المصرى؟.
والسؤال الثانى، هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها طول خطوط الإمداد بالذخيرة وقطع الغيار بالنسبة إلى الجانب المصرى والتى تصل إلى أكثر من ثلاثمائة كيلومتر فى أرض مكشوفة؟.
أما السؤال الثالث فهو، هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها - خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل عن اعتراضها على وجود القوات المصرية والمعدات الثقيلة فى المنطقة ج من سيناء، وأن هذا يخالف بنود اتفاقية السلام – وأقول.. هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها أن تقوم القوات الإسرائيلية بتطويق القوات المصرية الموجودة فى سيناء، ومن ثم حصارها ومنع وصول الإمدادات إليها؟.
وسوف يترتب على هذا الاحتمال أمران متزامنان سيحدثان فى الوقت نفسه:
• أولا– سوف تدفع مصر بالمزيد من القوات لفك الحصار عن القوات الموجودة فى سيناء، وسوف تكون هذه فرصة العمر لإسرائيل للدخول فى معركة جديدة مع الجيش المصرى، الذى بنى عقيدته العسكرية وإمكانياته القتالية وتسليحه على أن حرب أكتوبر 73 كانت آخر الحروب، مما يمكن إسرائيل من إعادة احتلال سيناء مرة أخرى.
• أيضا سيترتب على ذلك تلقائيا سقوط نظام حكم الثورة والرئيس مرسى فى مصر لثورة الشعب عليه والعودة ثلاثين عاما إلى الوراء، وهو ما كانت إسرائيل تسعى إليه منذ بداية عملية قتل الجنود المصريين فى معبر كرم أبوسالم.
اختراق مصر
 * البعض يرى أن التخويف من إسرائيل مبالغ فيه..فبماذا تردون على ذلك؟
- هم أنفسهم اعترفوا باختراق مصر بصورة رهيبة فقد أدلى الجنرال «عاموس يادلين»، الرئيس المنتهية ولايته لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان), بتصريحات فى حفل أقيم بمناسبة تسليمه مهام منصبه لخلفه الجنرال «آفيف كوخفى» تستحق أن نتوقف عندها. ففى معرض استعراضه لأهم ما حققه جهازه الاستخباراتى من إنجازات خلال أربع سنوات ونصف قضاها على رأسه, سرد «يادلين» قائمة طويلة من المنجزات، وأضاف يادلين أنه قد تطور العمل فى مصر حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائما ومنقسمة إلى أكثر من شطر,ولتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية،ولكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى هذا البلد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق