( تفخيخ مصر..) !!
لايمكن تفسير مايجري في مصر منذ وقوع الانقلاب , من استفزاز وابتزاز واستغضاب واستقطاب متعمد مع سبق الإصراروالترصد ؛ إلا أنه تنفيذ لخطة جر الحراك الثوري السلمي في مصر جرا .. إلى النموذج الذي حدث في الجزائر سابقا , أو ما حدث ولايزال يحدث في سوريا لاحقا, حيث دفع حراك التغيير السلمي , إلى عراك الاشتباك العسكري!
مصطلحات " اللبننة " .." الأفغنة " .. " البلقنة " ..." الصوملة " وا"لجزأرة "... ونحوها من التعبيرات الإعلامية التي شاعت في العقود القليلة الماضية , للدلالة على محاولات نقل أوضاع بلد مستقر إلى حال بلد آخر يعاني من الانقسام وعدم الاستقرار الذي يفضي غالبا إلى الاقتتال.. , هذه المصطلحات يبدو أنها ستنضم لها مفردة أخرى , وهي " السورنة " أي التحول للنموذج السوري !
الجاري في مصر منذ الانقلاب , بل قبل وقوعه بمدة , هو عملية استدراج منتظم , واستدعاء ممنهج لغضب الإسلاميين , لإ لجائهم إلى الخروج قسرا عن نهج السلمية , إلى نمط العنف والسلاح والمواجهات والأعمال الانتقامية العشوائية , التي يمكن من خلالها تمرير خطط تتعدى الأوضاع الداخلية , إلى أخرى إقليمية وربما عالمية .
الانقسام الممهد للتقسيم على المدى الطويل ,والناشئ عن توريط الجيش والشرطة مع الشعب منذ شهور , وضرب قوتهما بقوة بعض , بعد ضرب قلوب بعضهما ببعض , مخطط إبليسي ؛ أكبرمن الانقلاب وأخطر من السيسي..!
استرجع معي هذه المشاهد التي تحترق لها القلوب في الصدور , ويفور لها الدم في العروق .. وتساءل معي : من يستطيع إقناع الشباب الفائر الثائر بالتعقل وعدم التعجل , وهو يراها تقرر وتتكرر بصور متعددة وأساليب مختلفة :
- مشهد تكرار استعانة مسؤولي الشرطة والجيش - على مالهما من إمكانات و صلاحيات مفتوحة , بعناصر الإجرام المسماة بـ ( البلطجية ) المسجلين بوصف ( خطر) في ملفات وزارة الداخلية وربما الخارجية , ودفعهم بأسلحتهم " الرسمية " علنا في الصفوف الأمامية في مواجهة المظاهرات العزلاء المسالمة ..
- المشهد الاستفزازي لاعتقال الشيخ صلاح أبو اسماعيل ( فرج الله عنه) – رغم شعبيته الواسعة جدا بين الشباب – وإصرار"الأمن" على تصويره بغرض إذلاله؛ وهم ينزلوه من سيارة الاعتقال إلى بوابة السجن ! وهو الذي كان قبل شهور.. ملء السمع والبصر ,عندما كان المرشح الرئاسي الأوفر حظا بالفوز بالرئاسة..
- تكرار هذا المشهد المراد به التشفي وإثارة الغضب , مع كل من المرشد العام للإخوان , والمهندس خيرت الشاطر , والدكاترة : البلتاجي وحجازي والعريان .. - فك الله أسرهم ومن معهم جميعا - مع علم السلطة المصرة على بث تلك المشاهد على العالم بما لهؤلاء من رمزية اعتبارية كبرى عند الملايين من الإخوان المسلمين وأنصارهم في مصر وخارجها ..
- مشهد الاصرار على إظهار الرئيس الشرعي محمد مرسي بملابس السجن , وتصويره قبل ذلك وهو منقول في سيارة باص صغيرة حقيرة – وليس في طائرة مروحية كمبارك – ليقاد وسط صغار مرؤوسيه إلى المحكمة التي أرادوا إذلاله فيها بوضعه في قفص مغطى بسلك ذي طبقات , كي يراه بتلك الحالة أنصار بالملايين في مصر , ومتعاطفين بالملايين خارجها..
- تكرار مشاهد تبرئة كبار الفجار من المجرمين المدانين بأخطر الجرائم " قضائيا"مع تلفيق التهم للأبرار من الثوار في قضايا ملفقة بتهم مفبركة ..
- مشاهد فض الاعتصامات والمظاهرات بالقوة الغاشمة – على غرار ما حدث في رابعة والنهضة – ومؤخرا في جامعات الأزهر والقاهرة وغيرهما , مع ما يصاحب ذلك في كل مرة من فظائع ومشاهد لايقوى على الصبر عليها إلا حليم صبور , أو عاجز معذور ..
- مشاهد ماحدث مع فتيات الأسكندرية أثناء اعتقالهن وعرضهن على "المحاكمة" وفي أيديهن (الكلبشات)..بعد اقتيادهن بالأغلال وسط ذكور- لارجال - في سيارات "الأمن" المركزي, ليقفن وراء القضبان المخصصة للمجرمين ! وتصوير ذلك وعرضه في مشاهد متلفزة مستفزة لمن فيه أدنى إنسانية , فضلا عن الغيرة الإسلامية , وتكرار تهجم ( شر الأجناد)على خيرة النسوة , في والتعدي عليهن بالركلات واللكمات ..
- وأخيرا – ونرجو أن يكون آخرا - مشاهد اقتحام الجامعات , ومطاردة الطلبة والطالبات بالمجنزرات والمدرعات, ورميهم بالقنابل المسيلة للعيون , وليس للدموع فقط .. مع الضرب " في المليان " ببنادق (الخرطوش) القاتلة التي كنا نعرف في طفولتنا أنها مخصصة فقط لقتل الكلاب الضالة في الشوراع !! وإنزال قوات ( الصاعقة ) في غارات جماعية إلى الطرقات , ربما لأول مرة في التاريخ المصري الحديث , لاستعراض العضلات" السوبرمانية" ضد الفتية والفتيات في المظاهرات الرافضة والمناهضة – بكل سلمية – للا نقلاب وما انبنى عليه ..
أشك كثيرا بأن ما يجري في سيناء ؛ لا يبعد عن هذا كثيرا.. مع فارق بأن الاستغضاب هناك – ولظروف سيناء الخاصة – وجد مناخا لردود فعل متوقعة , على أفعال الانتهاكات الواقعة الموجعة .
ماجرى في سوريا حتى رأينا ثورتها تتحول صورتها من التظاهرات السلمية إلى الصدامات المسلحة والعسكرية ... كان أقل من ذلك بكثير في بداية الثورة .. فالله سلم سلم ..
هل هذا هو معنى حلم"سيف السيسي" المسلط بالدم الأحمر على أهل (لا إله إلله إلا الله ) ..؟!
اللهم اكف المسلمين (سيف ) الانقلابيين بما شئت وكيف شئت ! وقرب (ساعتهم) بعد أن طغوا وبغوا وعلا ( نجمهم ) , و واربط على قلوب الثائرين السلميين بما يحقن (دماءهم ) ويجعل العاقبة لهم... !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق