الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

الجوانب الإنسانية لفتيات مصر الصامدات .. حكايات رائعة لأهالي الحرائر عن فتياتهم المعتقلات

الجوانب الإنسانية لفتيات مصر الصامدات





.. حكايات رائعة لأهالي الحرائر عن فتياتهم المعتقلات




 ياسر حسن
بابتسامتهن الصافية الصادقة، وصمودهن العجيب فى وجه الظلم، نالت "حرائر الإسكندرية" الـ 21 إعجاب الملايين من أحرار مصر والعالم، بعد أن سطرن أسماءهن بحروف من نور، وهو ما جعل أحد وكلاء النيابة يشيد بقوتهن رغم صغر أعمارهن، وتمنى لو أن نجلته تصحب مثلهن فى الأخلاق والتربية والعلم، لكن رئيس محكمة جنح الإسكندرية أغمض عينيه عن الحقيقة الواضحة، وأطلق لسانه لينطق ظلما بأحكام قاسية على الحرائر الـ14 بأحد عشر عاما والصغيرات الـ7 بالسجن المفتوح فى دور الأحداث لينهى حياة كادت أن تبدأ، ويئد أحلام فتيات فى عمر الزهور "الحرية والعدالة" تنفرد بأحاديث الشجن والأمانى لأمهات وأولياء الأمور "زهرات الإسكندرية" وتكشف لأول مرة عن صور ولوحات رسمنها، وكيف أن إحدى الحرائر رسمت لوحة لمشهد القبض عليها قبل حدوثه بأشهر
"منى البلتاجى" توأم الشهيدة "أسماء البلتاجى" البداية كانت مع والد الطالبة منى ماهر البلتاجى 18 عاما يقول أن "منى" إحدى الزهور التى بدأت تتفتح على الدنيا، وجد فيها حماس الشباب وثقافة المفكرين وطموح الكبار.
ويضيف كنت دائما أصحبها إلى صناديق الانتخابات التشريعية فتنظر وتقول متى أستطيع أن أدلى بصوتى، فأجيبها عندما تكبرين، فتصمت ثم تقول بعد كم سنة فيقول عندما تبلغين الثامنة عشر فتضحك وهى تقول: متى أصل لهذا السن كى أشارك فى التغيير وصنع مصر الجديدة!
ويتابع والد منى يوم الواقعة الشهيرة كانت "منى" ذاهبة إلى كليتها.. كلية العلوم عبر كوبرى إستانلى وقفت لتشاهد ماذا يحدث وتشارك مع مجموعات كبيرة من الفتيات فى عمرها ولو بالصياح فى وجه الطغيان والظلم، وتذكرت ما حدث لابنة عمها أسماء البلتاجى التى استشهدت فى فض اعتصام رابعة، وهما لم ينفصلا عن بعضهما طوال سنوات الطفولة وحدث ما حدث.
ويشير المهندس ماهر البلتاجى أن "منى" كانت تحب القراءة والكتابة والحديث عن مصر ومستقبل مصر عبر مواقع التواصل مثل جيلها الحديث المهتم بالثقافة الإلكترونية، وشاركت أكثر بعد استشهاد "أسماء البلتاجى" ابنة عمها والتى كانت ترتبط بها كثيرا وأطلق عليهما "التوأم".
ويتذكر يوم النطق بالحكم على " منى " ويقول: كان يوما صعبا جدا، أما القاضى الذى حكم بهذا الحكم الجائر والظالم وغير المقبول، فأقول له: اتق الله فى شباب وبنات مصر، فالذى يهتف ويحمل لافتة يصدر له حكم بالسجن 11 عاما، أما القاتل وتاجر المخدرات فيسجن عامين أو أكثر".
"إسراء جمال".. أول من رسمت علامة "رابعة" الزهرة الثانية إسراء جمال شعبان ابنة البيت القرآنى صاحبة الـ19 ربيعا فى السنة الأولى بكلية الفنون الجميلة، تقول عنها والدتها: إنها حالة فريدة وشخصية مختلفة عن أشقائها، فقد قامت برسم لوحة عليها علامة "رابعة" قبل فض الاعتصام بيومين! فقد كانت تعشق الرسم، وعندما كانت تغضب كانت ترسم فتخرج رسومات رائعة.
وتضيف لم أتصور أن تغيب ابنتى عنى 15 يوما، فما بالنا بقاض لا ضمير له يضعها فى سجن لمدة 11 عاما.
تكمل: عندما حدث ما حدث وجدنا أصدقاءها مؤيدى السيسى يغيرون آراءهم ويعيدون حساباتهم ويتضامنون معنا ضد الانقلاب الأسود، الذى ضيع مستقبل زميلتهم، حتى إنهم قالوا إن ما يقال وسيقال فى الإعلام كذب فى كذب.
وخاطبت القاضى الذى قضى على زهرات تتفتح فأردفت وتقول له: نحن ندعو عليكم ليل نهار، فخافوا من دعائنا، ووجهت له رسالة قصيرة "ماذا ستقول لربك يوم القيامة" وقالت: بناتنا ثابتات ثبوت الجبال الراسيات أكثر منا بكثير، فهم يصبروننا على ما نحن فيه ويقولون لنا فى الزيارة "النصر قريب يا ماما والغمة حتنزاح".
ويقول شقيق إسراء الأصغر خالد جمال شعبان: أوجه كلمة لقائد الانقلاب "لقد قلت إنك جئت بالتظاهر فكيف تسجن من تظاهر، وتضيع له من العمر 11 سنة بسبب أن فتيات قمن برفع "بالونة"!
"علا علاء الدين" عاشقة الرسم.. طبيبة المستقبل "علا علاء الدين" الفرقة الأولى بكلية الطب البيطرى تقول عنها والدتها المهندسة فهيمة: أنها "عامود البيت والأم الصغيرة فى المنزل" تُحب المسئولية منذ الصغر حتى إننى كنت لا أقلق على إخوتها طالما أنها موجودة معهم.
تضيف المهندسة فهيمة "ابنتى ترتيبها الثانى بعد عابد وبعدها يأتى عروب وعهد وعبير، وتتميز بالخصوصية الشديدة وحبها للناس، كما أنها صلبة جدا وتقول الحق ولا تخشى أحدا غير الله، وتقول للظالم فى وجهه يا ظالم دون خوف، وعندما خرجت كان ذلك فى إطار التعبير عن الرأى الذى كفله القانون والدستور.
تكمل: استطاعت "علا" أن تختم القرآن مرتين فى محبسها، تعشق الرسم وكانت تتمنى أن تصبح مهندسة مثلى، وأنا أحببت أن تصبح طبيبة كما أنها دائما تحب المساكين وخدمة الناس، وتذكر أن من بين المواقف أن وكيل النيابة قال لهم ذات مرة: أتمنى أن تصبح بناتى مثلكن، أما القاضى فأقول له: إذا كانت أوامر عليا جاءتك لتسجن بناتنا، فقد جاءت لنا أوامر عليا من رب السماء أن اصبروا، فزوال الغمة أقرب.
وتتابع: بناتنا علمونا الصبر والثبات بعد أن ظننا أننا فقط من نعلم، لكن العبره ليست بالسن، وإنما العبرة هى التى نشاهدها الآن فى عيون وابتساماتهن المتلألئة بثوب السجن".
"سارة عبد القادر" حلمت باعتقالها منذ 3 أشهر سارة عبد القادر طالبة الفنون الجميلة كانت تتمنى أن تصبح مهندسة ديكور كبيرة لديها شركة ضخمة عشقها للرسم جعلها تتمنى العمل من أجل خدمة وطنها وأبناء جيلها.
تُفجر والدة سارة عبد القادر مفاجأة وتقول إن ابنتها حلمت باعتقالها قبل عيد الأضحى وقالت لوالدتها ما شاهدت بالحرف!
وتكمل: مرضت كثيرا عقب القبض عليها، ومرضت أكثر عندما نطق القاضى بهذا الحكم القاسى الذى أنهى حياة فتاة كانت تحلم بأن تصبح معيدة فى كلية الفنون الجميلة.
وتوجه والدة سارة عبد القادر حديثها للمستشار أحمد محمد عبد النبى رئيس محكمة جنح سيدى جابر وتقول: نحن ندعو عليك ليل نهار وحسبنا الله ونعم الوكيل".
"فاطمة الزهراء" الصائمة القائمة حافظة القرآن.. بـ"الإنشاد والرسم والشعر" يبدأ المهندس نبيل والد الطالبة فاطمة الزهراء حديثه، ويقول تربت "فاطمة" على الصبر والثبات والتقوى؛ حيث إنها حافظة لكتاب الله رغم صغر سنها، فهى لم تتجاوز 15 ربيعا فى الصف الثالث الثانوى، والثانية فى ترتيب أولادى منة الله وعبد الرحمن وعمر وريحانة.
ويشير إلى أن "فاطمة الزهراء" كانت تصوم كل إثنين وخميس، وتقوم الليل، وتحفظ كتاب الله، مما جعل منها رمزا بالبيت تتحاور معنا وتناقش ولا تخاف إلا المولى عز وجل، وكانت تقول دائما "مصر أهم حاجة فى الدنيا"، وكنت أتعلم منها وما زلت أتعلم.
ويضيف المهندس نبيل أقول للقاضى الذى حبس ابنتى الصغيرة "فاطمة الزهراء" فى دور رعاية الأحداث "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله".
"روضة" عالمة النووى تمنت المشاركة فى مفاعل "الضبعة" عالمة نووية كانت تتمنى أن تشارك فى صنع مفاعل نووى مصرى ينافس مثيلاته فى العالم لتخدم به مصر، لولا هذا الحكم الذى قضى على أحلامها المشروعة، بتلك الكلمات تبدأ هدى والدة المهندسة "روضة حسام" حديثها وتقول إن "روضة" خريجة كلية الهندسة قسم نووى، شاركت بعمل مفاعل نووى مصغر، وكرمها عالم الذرة الدكتور يسرى أبو شادى بشهادة تقدير، فكان جزاؤها 11 عاما فى السجن، دائما كانت تقول: هل ستسمحى لى بالسفر إلى الضبعة كى أحقق حلمى فى بناء مفاعل نووى مصرى، وكنت أضحك وأقول لها نعم ولكن مع زوجك.
وتشير هدى: ترتيب ابنتى الأخيرة بين شقيقاتها، فالأولى مريم طبيبة فى كندا، والثانية سارة مهندسة كمبيوتر، أما "روضة" فهى الأخيرة وحبيبة قلبى، وكانت تحب خدمة الناس وتعاونهم، غير أنها تحفظ 20 جزءا من القرآن الكريم، وتقول دائما "نفسى مصر يكون بها حريات وأمان وكرامة للجيل اللى طالع، وتنوه أنها طلبت كتبا لها فى الزيارة؛ لأنها تقوم بعمل ماجستير فى السجن، وعندما طلبت من إدارة السجن "لاب توب" لتدون عليه أبحاثها رفضوا.
وتتابع: أرسلت لى خطابا بكيت عندما قرأت أول سطر فيه، غير أنى تماسكت عندما استشعرت بثباتها داخل السجن حتى ختمت الخطاب بقولها: إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالى.
"مها" الخجولة عالمة الكيماء يقول المحاسب محمد مصطفى والد الطالبة "مها" 19 عاما أولى كلية علوم قسم كيماء، إنها كانت تتمنى أن تصبح عالمة "كيمياء" لتخدم وطنها وشعبها.
ويضيف: أحلامها كانت بسيطة كما كانت هى بسيطة ورقيقة وخجولة وملتزمة، حتى يوم موقعة القبض على الطالبات هناك من حاول من الفتيات أن "يجرى" لكنها وقفت مكانها، وأكد أن زيها الإسلامى بالطرحة هو ما جعلهم يلقون القبض عليها.
يكمل: عودت أبنائى على الرأى الصحيح مهما كلفنا الأمر، كما أفعل مع أبنائى مصطفى ثانية ثانوى، وميادة أولى ثانوى.. الحق أحق أن يتبع، ودائما أذكرهم بتقوى الله عز وجل.
ويوجه المحاسب محمد مصطفى رساله للقاضى ويقول: أين ضميرك، وهل لو وجدت أبناءك فى القفص بماذا كنت ستحكم عليهم، ولو كانت هناك ضغوط عليك كان بإمكانك أن تتنحى ولا تصدر هذا الحكم القاسى ضد 21 فتاة فى عمر الزهور بين السجن 11 عاما وبين السجن المفتوح فى الأحداث.
"سلوى وروضا" من أسرة بسيطة إلى سجينات أسرة كانت تستعد للهجرة من مصر بعد مشاهد الدماء التى تسيل كل يوم، غير أن رب الأسرة فوجئ بالحكم على زوجته "سلوى محمد السيد" وطفلته "روضا" بالسجن 11 عاما، هكذا يقول "رمضان" إننا لسنا من المنتمين إلى أى من الأحزاب السياسية ولا الدينية، ولكن شاء الله أن تذهب ابنتى مع والدتها للتمشية عبر كورنيش الإسكندرية يوم الواقعة، فيتم سجنهما رغم أن زوجتى تعانى ألما فى العمود الفقرى.
ويضيف" نحن أسرة بسيطة ليس لنا فى السياسة ولا نرجح طرفا على طرف، ولكن ما حدث يجعلنا نعيد الحسابات، وخاطب زوجته وطفلته قائلا: "من ابتلاك سيتولاك"، وقال للقاضى "موعدنا يوم القيامة".
"يمنى أنس".. علمت فتيات دار الأحداث الصلاة "يمنى أنس" 15 عاما فى الصف الأول الثانوى، إحدى الزهرات السجينات فى دار رعاية الأحداث تقول والدتها، إن "يمنى" كانت من المتفوقات فى مدرستها تحب أن تخدم جميع الناس، وهى دائما تُؤثر فى الغير ولا تتأثر ولو كانت شخصا لديه مشكلة تقوم بحلها رغم صغر سنها.
وتشير والدة "يمنى" إلى واقعة القبض على الفتيات الـ 21 وتقول: كانت على كوبرى إستالنى، ذاهبة إلى درس بثوب المدرسة وشنطة المدرسة ولها صديقة اسمها "سلمى رضا" كانت معهن خلال الواقعة، جاءت سيارة الشرطة لتقوم بالقبض على الفتيات، وعندما شعرت بأنه سيلقى القبض عليها فرت هاربة هى وصديقتها "سلمى رضا" وهى مصابة منذ فترة بالقلب، لكنها قالت فى نفسها "لن أذهب دون صديقتى "سلمى" وبالفعل هربتا إلى إحدى العمارات لكن أمسك بهما الضابط رغم أنها كان من الممكن أن ترحل تاركة صديقتها لولا خوفها على زميلتها المريضة وحدث ماحدث!
وتضيف والدة "يمنى" ابنتى تحفظ كتاب الله وتشارك فى أعمال البر والخير، فكيف لهذا القاضى أن يحبسها فى دار رعاية الأحداث مع السجينات من بائعات المخدرات والمسجلات خطر، مؤكدة أن هذا يسبب لها الانهيار.
وتكمل حديثها: وقت الزيارة فى الـ 15 يوما الأولى قبل النطق بالحكم، وجدتها صلبة ومبتسمة وتقول لى "الناس هنا كويسة يا ماما ومتخافيش عليا حتى قالت: البنات بتوع الأحداث "إحنا علمناهم إزاى يصلوا ويتوضوا ويقرءوا القرآن".
وتضيف: تعلمنا منها أن نكون أكثر صلابة مما كنا عليه سلفًا، ووجدنا من الجيران الأقباط من يأتى إلينا بعد الحكم عليهن بالسجن المفتوح ويقولون: هذا لم نتخيل أبدا أنه يمكن أن يحدث، ولم نذهب لنفوض كى يحدث هذا للفتيات الصغيرات المحترمات.
وتذكر موقفا غريبا وقت النطق بالحكم: أن القاضى عندما كانت تنظر إليه كان يتعمد ألا ينظر إلى المتهمات ولا إلى أولياء الأمور، وكان يقرأ فقط فى الورق أمامه، وأخرجونا من القاعة قبل نطق الحكم، وعلمت بعدها بالحكم، كما علمنا أن عددا من تجار المخدرات دخلوا بعد محاكمة البنات وكانوا يدخنون بشراهة فى القفص وحصلوا على البراءة، رغم أنهم "ممسكوين بمخدرات"!
وعن هوياتها تقول والدة "يمنى أنس" كانت تتمنى أن تلتحق بكلية الهندسة وتصبح مهندسة تخدم وطنها، كما أنها عاشقة للفن والرسم، ووجهت كلمة للقاضى" إزاى حتقف يوم القيامة تقول لربنا عن الحكم اللى نطقت بيه ودمرت بيه مستقبل 21 فتاة كان المستقبل ينتظرهن، كانوا يعشقون كلمة مصر، ويحبون أن يكون وطنهم أجمل وأفضل الأوطان فى الحريات والكرامة والحياة الاجتماعية".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق