رحرحة
احنا آسفين يا كندا!
أسامة غريب
الذكريات هي ما يجعل الانسان ما هو عليه، وانسان بلا ذكريات هو والميت سواء، ولو أنك خيرت انساناً طبيعياً بين ان يفقد ذاكرته ويأخذ الملايين في المقابل فانه حتماً سيرفض.. و حتى لو كانت ذاكرة هذا الشخص محملة بذكريات تغلب عليها التعاسة والألم فانه أغلب الظن لن يقبل المقايضة لأنه كغيره من التعساء يأمل في ان تغير عناية الله واقعه وتمنحه أياماً جميلة مع الناس الذين يألفهم ويحبهم.. لا أحد يقبل ان تؤخذ منه أولاده وزوجه وأمه وأبيه وأصدقاؤه مقابل المال.
عشت لسنوات في بلد مهجر عظيم هو كندا وكان بامكاني ان أكمل باقي حياتي هناك كما فعل الكثير من أصدقائي، لكني لأسباب عديدة اخترت ان أعود لأكمل حياتي في مصر.
كانت الأسباب الدافعة للهرب كثيرة وأهمها حكم مبارك الاستبدادي الظالم الذي يلون الحياة بلون كالح قاتم، لكني للغرابة وجدت في هذا السبب دافعاً للعودة وتمنيت ان أكون جزءاً من التغيير الذي شممت ريحه عن بعد وأحسست أنه يقترب.
هذا عن الأسباب العامة، أما عن الخاص ففي الحقيقة أنني خشيت على نفسي من اكتساب ذاكرة جديدة بها شخوص ومفردات جدد دائمون الى جانب الذاكرة القائمة..
خفت ان تشحب الصور القديمة بمرور الوقت لتحل محلها صور جديدة لأناس وأماكن لا أعرفها وليس هناك الوقت الكافي للمعرفة والتأكد!.
خفت ان تمرض أمي ولا أكون بجانبها كما تعودَت، وخشيت ان أصحو في يوم من الأيام مشتاقاً لطبق فول وبصلة من عند عم أحمد في «الظاهر» لأكتشف ان عشرة آلاف كيلومتر تفصل بيني وبينه، ولم أحتمل فكرة ان ألاقي أصدقائي كل عدة سنوات فيعاملونني كأنني ضيف يحرصون على ملاطفته وعدم اغضابه فتفقد الصداقة قيمتها ومعناها.
لا يعني ما سبق ادانةً لمن هاجر واستقر وتآلف وتأقلم على الواقع الجديد ونجح في الهروب مما يثقل الجمجمة.. و لكن كلٌ مقدر لما خلق له.
الحنين هو الذاكرة والانسان الذي لا يحن لا معنى لحياته، ولكني مع ذلك مندهش من ذلك الحنين العكسي الذي بدأ يراودني هذه الأيام.. الحنين الى كندا وأيام كندا!.لقد عدت في عام 2005 بعد خمس سنوات كاملة بعيداً عن مصر ووجدت مصر حبلى بالثورة (لم تكن مصر وقتها حبلى بنجم أحد)..
لا يعني ما سبق ادانةً لمن هاجر واستقر وتآلف وتأقلم على الواقع الجديد ونجح في الهروب مما يثقل الجمجمة.. و لكن كلٌ مقدر لما خلق له.
الحنين هو الذاكرة والانسان الذي لا يحن لا معنى لحياته، ولكني مع ذلك مندهش من ذلك الحنين العكسي الذي بدأ يراودني هذه الأيام.. الحنين الى كندا وأيام كندا!.لقد عدت في عام 2005 بعد خمس سنوات كاملة بعيداً عن مصر ووجدت مصر حبلى بالثورة (لم تكن مصر وقتها حبلى بنجم أحد)..
كانت السنوات التالية لعينة مملوءة بالفجور والسفور في السرقة والنهب والتعذيب بغرض توريث الحكم، لكنها مع ذلك كانت واعدة بالنصر.وفي الأسابيع الأولى من عام 2011 وقع الزلزال الثوري المصري فأزاح مبارك وبدا ان أحلامنا المستحيلة في سبيلها للتحقق.
اليوم وبعد حوالي ثلاث سنوات من ثورة 25 يناير أجدني راغب في الهجرة بلا عودة.. يبدو أنني تغلبت على ما كان يخيفني من الهجرة وأصبحت أكثر استعداداً لبناء ذاكرة جديدة في مكان آخر بعد ان امتلأت الذاكرة الحالية بمشاهد الدم الذي لا يعاقب أحد على سفكه.. وأتمنى عندما تصبح مصر قد الدنيا ألا أكون موجوداً!
أسامة غريب
اليوم وبعد حوالي ثلاث سنوات من ثورة 25 يناير أجدني راغب في الهجرة بلا عودة.. يبدو أنني تغلبت على ما كان يخيفني من الهجرة وأصبحت أكثر استعداداً لبناء ذاكرة جديدة في مكان آخر بعد ان امتلأت الذاكرة الحالية بمشاهد الدم الذي لا يعاقب أحد على سفكه.. وأتمنى عندما تصبح مصر قد الدنيا ألا أكون موجوداً!
أسامة غريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق