الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

تحطمت الطائرات عند الفجر – جزء 4 !

تحطمت الطائرات عند الفجر – جزء 4 !
غلاف الكتاب مترجم الي العربية

آيات عرابي
كتاب ( تحطَمت الطائرات عند الفجر )

كان محمد مدكور أبو العز الليلة غير ما عهدته تماما. وكنا نحتفل بالنهاية الناجحة لصفقة الاسلحة الكبيرة, الصفقة التي أنقذت سلاح الجو المصري خلال فترة الانتقال الخطيرة. وكانت هي الصفقة التي أدخلت الى جيبي الآلاف, وخلال الحفلة سال جزء من تلك الآلاف الى الحناجر العطشى. وعند نهاية الحفلة, عند الوداع, تدفقت الدماء المحصورة في أجسادنا الى أحضان النساء المحيطات بنا. كان معنا في منزلي بباريس ( أقصد في شقتي بفندق هيلتون باريس ) ضابط آخر من سلاح الجو المصري كان أبو العز يناديه باسم (عبد الحميد ) بينما كان الخادم الذي يقوم على خدمتنا يدعوه باسم ( مسيو داغري ) وفي ذلك الوقت لم أستطيع أن أتصور بالطبع أنه بعد سنوات قادمة سيقف ( داغري ) في قفص الاتهام في بلاده, بسبب ما أفعله أنا الى حد ما.
كانت الحفلة مثيرة تتصاعد مع أصوات الموسيقي الصاخبة وكان معنا الضابط البريطاني الذي سبق أن صدق على بيع المعدات, وبذلك أصبح من الاغنياء الى الابد, وظل يشرب الخمر حتى الثمالة. ثم قام وأحتضن فتاة في الفندق وألصقها بجسمه وقام بحركات بذيئة أعتبرها هو من نوع من الرقص. وكان معنا أيضا رجل فرنسي ضابط هو الآخر ولكن بلباس مدني صدق على نقل المعدات الى ميناء مارسيليا وكان ثملا هو الآخر حتى أنه لم يكن يخجل من أن يمد يده ليداعب الاجزاء الحساسة من جسم راقصة الاستربتيز الواقفة بجانبه. ومع كل كأس جديدة أفرغناها في الحفلة ومع كل تنهيدة ألم مفتعل من الفتيات بعد أن يختلي بها أحد الحضور في هذا الوقت من الحفلة ( وكان معروفا أنه بعد أنتهاء الحفلة يستطيع كل واحد منا أن يختلي بفتاته ) كنت أشعر أنني أخطو خطوة للامام في مهمتي. أنسان مريض القلب في مدينة بعيدة نجح في تحقيق بداية مشروعه الغريب.
رأيت أن أبو العز قد تثاقل هو الآخر تحت تأثير الشراب والنساء وربما بسبب نجاحه الكبير في عقد الصفقة التي سترفعه في نظر المسؤولين في القاهرة وراح يحتضن الفتاة السويدية, الفتاة التي أستدعيتها خصيصا له هذه الليلة وعمدت أن أرفع قدره كثيرا أمامها وأنا أدعوها للحفلة ولكني أدركت أنه لم يكن داع لجهدي. فان ذلك الضابط الوسيم استطاع أن يستحوذ على قلب الفتاة منذ اللحظة الاولى, وكانت سيطرته عليها تزداد كلما كان يتمنع عليها ويقاوم رغباتها.
ولكنه الآن وقد أستسلم لها أرى من الأفضل أن ندعهما معا ونخرج. ولكن في تلك اللحظة دق جرس الباب وقمت أفتحه وأنا أتوقع أن أجد خادم الفندق يأتي لنا بدفعة جديدة من الطعام والشراب. فتحت الباب وأمسكت القبضة بقوة لئلا أقع على الأرض.
وهنا شاهدناها ترتدي فستانا ضيقا فاضحا أنها (دومنيك ) دومنيك لاكوست صاحبة المغامرات التي أمضيت معي أول ليلة بصفتي ( آرام أنور) في فندق الكرمل حيفا.
القسم التاسع
حذار من النساء
22أكتوبر 1955
الساعة 30.00 حتى أكتوبر الساعة 00.16
( آرام ) قالتها دومنيك وهي تفتح ذراعيها وتلقي بنفسها علي بحركة شهوانية مجنونة لا تعرف الخجل (( مون شير )). وبينما كنت أضغطها الى جسمي, وبينها كانت شفتاي لا تزالان تتمتمان (( دومنيك )) كان عقلي يعمل بسرعة, يحاول إيجاد مخرج من هذه الورطة المريعة, من الفخ (( الناعم )) الساذج الذي أطبق علي فجأة أقوى من قيود الحديد. ولكن بالرغم من اليأس الذي أنتابني. عدت بذاكرتي الى معلمي فيشل وقلت في نفسي, وأنت كذلك يا فيشل يمكن أن تخطئ وكنت أدرك أن القسم الاكبر من هذا الذنب يقع على عاتقي, فلولا انجرافي لقضاء ليلة في السابق في أحضان دومنيك – الليلة الأولى في شخصيتي الجديدة لما كانت تبحث عني الآن, ولما وقفت هنا بكل قامتها المنتصبة الشهوانية, ولما وقفت هنا أمام المجموعة التي تربط بين ماضي الخاص – الذي زرت فيه أسرائيل – وبين أشخاص يجب ألا يعلموا بأي حال من الاحوال بذلك الماضي.
هدأت نفسي قليلا وأدركت أنني في هذه الليلة لا أستطيع أن أحل المشكلة وأنه يجب علي – على الاقل – أن أبعدها عني حتى أجد الحل. قلت مفتعلا التعلق بها . .
 دومنيك كيف وصلت الى هنا ؟ ثم جذبتها بخفة الى الممر وأغلقت الباب وقلت لها : لايمكنك الدخول عندي في الوقت الحاضر, فلدي حاليا مقابلة تتعلق بالعمل, صفقة هامة. ضحكت وقالت : صفة عمل, تتخللها أصوات النساء, وأنغام الموسيقى الصاخبة وعربدة رجال سكارى, وتقول صفقة عمل. قلت جادا: نعم ياعزيزتي دومنيك هل تسكنين هنا ؟ قالت : بالطبع, وبذلك عرفت أنك مقيم هنا واستطردت وهي تذكرني بأول عبارة لها قالتها لي حينما ألتقينا بحيفا, هل تشرب كأسا معي ؟ قلت : طبعا, ولكن بعد أن أتخلص من ضيوفي وسآتي اليك, ولكن في أية غرفة تقيمين ؟
كان ضيوفي جميعهم في ذروة النشوة التي عندها يفترق الشمل الى أزواج أزواج, وكل زوج وحده, في حديثه ونكاته. وحاولت أنا كذلك – مجاراة الحضور – والتظاهر بالسكر والنشوة, فتوجهت ال أحدى الحاضرات, وأحتضنتها بيدى اليسرى ورفعت باليد اليمنى كأس شراب وقلت فى صحة الاخوة بين فرنسا والاسلام. ثم وضعت الكأس وأقترب مني محمد مدكور أبو العز بخطى متثاقلة وقال هامسا في أذني . . أنا ذاهب مع فتاتي الى غرفة نومك . . أتمنى لك التوفيق, قلت له محاولا عدم الاهتمام وأضفت وأنا على أي حال سأغادر مكاني الى غيره بعد قليل. وغمزته بغمزة ذات معنى . . وأمسكت بقوة بالفرنسية الجالسة في حضني وتكاد تقع على الأرض ورفعت معطف الفرو على كتفيها, وحملت حقيبتها الصغيرة بيدي الاخرى, وخرجت معها الى الممر. وأنزلتها بالمصعد الكهربائي حتى قاعة الاستقبال وطلبت من البواب أن يحضر لنا سيارة أجرة . ولما ركبت السيارة وأغلقت الباب خلفها ودسست في يد السائق مبلغا من المال وسلمته العنوان الذي يجب أن يوصلها اليه وقلت, أرجو أن تقوم بادخالها الى منزلها بنفسك.
وألقى السائق نظرة على المبلغ, وعلت وجهه أبتسامة سرور وقال مرسي مسيو .. مرسي , سأدخلها بالطبع الى منزلها صحيحة كاملة. وعدت الى المصعد وضغطت الزر ثم نظرت الى المرآة الموجودة هناك لألقي نظرة على شكلي وقلت لنفسي (آرام ) أتكون أنت مجرد وسيلة لغاية نفسها, وفي تلك الاثناء وأذا داخل المصعد صممت على ضرورة قتل دومنيك وقررت أن تلحق دومنيك بقائمة الاشخاص الذين يجب أن يزولوا من العالم لأنهم أعترضوا سبيل (آرام ) وربما يكون هو نفسه الآن يحتضر, ويعاني سكرات الموت في أخر نوبة قلبية تقرر مصيره.
ولكن كل ذلك لم يعكر علي وعلى ضيوفي التمتع في الليلة الاخيرة فدومنيك لاتعرف أن مصيرها قد تقرر.
في غرفتي, غرفة نومي, كان الكولونيل المصري الأسود ( أبو العز ) يتمرمغ مع فتاة سويدية شقراء, أستـأجرتها خصيصا له. كان غارقا معها في بحر من اللذة العارمة على فراشي, وفي غرفة أخرى, هى غرف الضيوف, كان ضابط أنجليزى برتبة ميجور قد انتهى هو وفتاة سمراء من, من ارتشاف المتعة الجسدية, وكان يشاركه تلك الفتاة, ضابط مصري آخر برتبة ميجور, سيصبح في يوم من الايام قائد القوة الجوية في سيناء.
تركت الجميع على حالهم وذهبت الى تلك المرأة الشهوانية التي قررت القضاء عليها وقلت لها. . دومنيك, دومنيك , مون أمور ياحبيبتي.
* * *
كان رجل المخابرات الفرنسية ينتظرني في الصالة الكبيرة, يشرب على مهل قهوته في كوب ملون, ولما أقتربت منه, قام بأدب وأنحنى لي قائلا :
مسيو أنور ؟
نعم, قلتها وأحاولأن أكون طبيعيا في الحديث, من حضرتك ؟
قال . . الملازم جيوب من المخابرات.
جلسنا, وطلبت بعض الشراب, ولكن الملازم رفض أن يشرب بحجة أنه لايشرب أثناء تأديته لوظيفته, قلت له : ما الذي تريده ياسيدي ؟
قال . . هل يعرف سيدي مدام دومنيك لاكوست ؟
قلت باسما . . دومنيك ؟ نعم, نعم أعرفها.
قال . . متى شاهدتها لآخر مرة ؟
وهنا كست وجهي حمرة خفيفة, وقلت , يوم أمس, أمس صباحا حيث ودعتها هنا في الفندق فهي تسكن هنا وألتقينا . . .
وقال : هل تعرفون بعضكم منذ وقت بعيد ؟
ترددت في الاجابة تماما كما يتردد أي رجل يجري معه تحقيقفي الامور الجنسية والغرامية .. وقلت : لقد التقينا قبل . . . سنة تقريبا.
قال.. أين ؟
قلت . . في تركيا .
قال. . أأنت واثق مما تقول ؟
قلت بالطبع أنا واثق من ذلك تماماً.
قال . . وهناك أيضا أمضيت معها بضع ليالي ؟
قلت . . ليلة واحدة فقط, ( وكانت هذه الجملة الوحيدة الصحيحة في حديثي ).
قال. . وهل ألتقيتما خلال السنة الماضية ؟
قلت . . كلا, وإنما حضرت مدام لاكوست فجاة الى عرفتي في منتصف الليل.
قال . . وذلك بعد مرور سنة كاملة على لقائكما الأول الذي لم يدم سوى ليلة واحدة كما قلت ؟
قلت . . ربما كانت تلك الليلة من الاهمية بحيث ظلت عالقة بفكرها وظلت تبحث عني حتى وجدتني هنا.
قال. . نعم, سمعت بأنك فنان في الوان الحب.
قلت . . ولكن لماذا تسأل عنها, عن دومنيك ؟
قال . . لقد وجدت مدام دومنيك لاكوست صباح اليوم في حديقة أحد المنازل في طرف المدينة وهى عارية وبرأسها رصاصة مسدس.
قلت . . لايمكن, كيف حدث ذلك ؟
قال . . هل لديك فكرة عن الفاعل ؟
قلت : كلا ( ولم أنطلقها وأنما حركت رأسي بمعناها )
قال . . هل لمقتل دومنيك علاقة بأعمالك التجارية في السلاح ؟
قلت . . بأعمالي التجارية ؟ كلا فليست هناك أية علاقة.
وقال. . هل يمكن أن يكون عملاء أسرائيليون قد قتلوها ؟
قلت . . عملاء أسرائيليون, ولكن لماذا ؟ فهل تعتقد أنهم خطفوها ليحققوا معها عني. ولما لم تقل لهم شيئا قتلوها ؟ هل تعتقد ذلك ؟
خلال هذا الحوار تذكرت, أنني بعد أن رأيت دومنيك على باب غرفتي في الفندق, أبلغت بالأمر أحد العملاء الأسرائيليين, ووعدني بأن يتدبر الامر, ولكن كيف علمت المخابرات الفرنسية بعد يوم ونصف فقط بأن عملاء أسرائيل هم الذين قتلوها ؟ إذن كم من الوقت سيمر حتى تكتشف المخابرات الفرنسية بأنني أنا نفسي عميل أسرائيلي ؟
قال الملازم (جيوب ) ردا على سؤالي السابق, لايمكن أن يكون عملاء أسرائيل هم الذين قتلوها من أجلك, فان مدام لاكوست زارت أسرائيل قبل سنة تقريبا في نفس الفترة التي تعرفت فيها عليك. فربما تكون هي نفسها عميلة لاسرائيل.
وهنا تنافست الصعداء, فقد زالت جميع مخاوفي, واستمر الملازم قائلا : على أي حال, فاننا سنواصل التحقيق في القضية, ولكن أحب أن أقول لك يامسيو أنور باننا لا نحب الاشخاص الذين يكونون هم آخر من رأى شخصاً حيا قتل بشكل مجهول. قلت بغضب: ألا تعقد بأن يكون عملاء أسرائيل قد قتلوها عمدا لتشويه سمعتي عند المخابرات الفرنسيه ؟
قال . . كل شئ ممكن, ولكن مع كل ذلك فاننا لا نحب آخر رجل يرى أنسانا حيا قبل أن يقتل. وسجل هذا الكلام عندك.
قلت . . سأحذر ذلك مستقبلا, وقبل أن أدخل أية أمرأة الى فراشي سأسألها دائما ألست معرضة للقتل في الايام القريبة فان كانت كذلك أبتعدت عنها والا أبقيتها.
وحمل الملازم جيوب قبعته وأنصرف قائلا لي :
مسيو أنور, أن المخابرات الفرنسية شكت فيك, ونحن لا نعارض بأن يأتي الاجانب الى بلادنا ويقوموا باعمال تجارية مهما كان نوعها ولكن الاعمال التي تجري في أعقابها جثث عارية ملقاة في الحدائق نعمل على أقتلاعها. وودعني بأدب وقال : وعلاوة على ذلك يامسيو انور تدل الوثائق التي تحملها مدام لاكوست بأنها لم تزر تركيا مطلقا, مع السلامة مسيو.
القسم العاشر
الزيارة الاولى لمصر
31ديسمبر 1955
الساعة 00.21 حتى منتصف الليل
حلت ليلة رأس السنة على باريس مريرة, فالثورة القائمة في الجزائر ضد فرنسا تحولت الى حرب حقيقية. وسقطت الحكومة الفرنسية مرة أخرى وأعلن أجراء أنتخابات جديدة, لكن أحدا لم يقتنع بأنها ستؤدي الى أي تغيير يذكر. وأظهر قادة الجيش أستياء متزايدا من أجراءات الحكومة.
وشعرت أنا أكثر فأكثر بأن دوائر الاستخبارات الفرنسية تضيق الخناق علي بالرغم من أن عميلنا الخاص الموجود بوزارة الخارجية الفرنسية وعدني بأن يكون الخط الرسمى (سياسة البلاد ) مؤيدا لأصدقائي الجدد. ولكن احساسي الداخلي كان يقول لي أن أيامي في باريس معدودة. لم اندم على ذلك فان باريس, في الحقيقة – بالنسبة لمهمتي الحقيقية – ما هي الا محطة وسيطة في طريقي, ولكني عمدت الى أستغلال الأيام المتبقية لي في باريس الى آخر حد في المتعة.
وهذا المساء أقمت حفلة كبيرة. كانت الجماهير في باريس تطوف الشوارع بمناسبة رأس السنة, شبان وشابات يسيرون في جماعات متشابكي الايدى, وفي منزل ( لويز ) الكبير و( لويز هذه صديقتي الجديدة ) أخذنا نستعد لحفلة صاخبة تستمر حتى الصباح تتوقف عند منتصف الليل حينما تطفأ الانوار فجأة لمدة ساعة. ولكنني الآن والحفلة لم تبدأ بعد أجلس في مكان غريب علي, مقابل رجل لايعبروجهه عن شئ, كما لايختلف عن آلاف الوجوه الاخرى. وباختصار وجه عميل محترف.
قال لي ذلك الرجل الذي كنت أعرف أنه مبعوث من طرف فيشل : في جبال الجزائر تهطل الامطار منذ حوالي شهرين بصورة متواصلة, والواقع أن أسلوب فيشل في التعامل كان على أساس القاعدة التالية :
( ابدأ بالحديث عن موضوع يتراءى لك بعيدا, ولا قيمة له, ثم فاجئ المستمع بتحول حاد وأدخل صلب الموضوع مباشرة ).
وقال لي العميل بنفس أسلوب فيشل : الجيش الفرنسي لا يستطيع أن يستخدم هناك وحدات كبيرة في مثل تلك الظروف, واستطرد : ولكن الثوار كذلك لايقدرون على الحاق الأضرار به لنقص الاسلحة المناسبة لديهم. وسألت العميل : ماذا يريدني فيشل أن أبيع لثوار الجزائر قنبلة ذرية ؟ قال : كلا وأنما راجمات 60 ملمتر, من النوع الذي ستشتريه من فائض الاسلحة الفرنسية. لم أسأله كيف عرف فيشل نوع السلاح الذي سأشتريه ولكني قلت : لماذ ا يريد فيشل أن أفعل ذلك وأشوه سمعتي في فرنسا ؟ قال : سيطردوك من بلادهم, وعندها ربما تحصل على دعوة من صديقك لزيارة بلاده, بل ربما تقيم هناك مدة طويلة. قلت : ولكني لاأستطيع أن أنقل حوالي 100 مدفع هاون وحوالي 20 ألف قنبلة من فرنسا للثوار, فالمخابرات الفرنسية تضيق الخناق عليّ باستمرار. قال : عليك أن تبيع كل شئ بصورة رسمية محترفة لتاجر سلاح في الرباط بالمغرب وذلك التاجر يعمل في خدمة بن بيلا, وسواء نجح التاجر المغربي في توصيل السلاح الى الثوار أم لا, فهذا ليس شأنك, وربما حينما تقوم أنت بتسليم السلاح للتاجر, سنتولى نحن ابلاغ المخابرات الفرنسية بذلك. كنت أعرف أن هذه الخطة من خطط فيشل العادية يصيب ثلاثة عصافير بحجر واحد, فمن جهه, تتشوه سمعتي في فرنسا وأضطر إلى السفر الى مصر, ومن جهة أخرى سيدفع ثوار الجزائر أموالاً طائلة ثمنا للسلاح, ولكنهم لن يتسلموه, ومن جهة ثالثة يحظى عملاء فيشل في باريس بعطف ومحبة المخابرات الفرنسية وربما حصلوا على الأسلحة المصادرة كهدية للبلاد أو ربما يحظى بجائزة أكبر, فالصحف تكتب منذ عدة أسابيع عن طائرات مستير وعدت فرنسا بها أسرائيل ولكنها لم تتسلمها و حتى الآن. وقلت للرجل : كيف حال فيشل ؟
قال . . لقد انتهى دوره , أنه يحتضر تقريبا.


تحطمت الطائرات عند الفجر ! الحلقة الأولى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق