شريف عبدالغني
أولى كرامات بشار أنه قضى في الغرب سنوات طويلة وسط ثقافة وأشجار الديمقراطية الباسقة، والتي أثرت في كل من عاش بين ظلالها، إلا هو. وهنا المعجزة فكلما حاصرته أجواء الحرية أفلت منها وصنع حول نفسه سياجاً حامياً منيعاً مستمداً من سيرة آبائه وأجداده العرب العظام وآخرهم "الأسد الكبير". فلم يصب بحمد الله بأي "لطشة" شفافية.
وكانت المعجزة الثانية بعد وفاة شقيقه باسل في حادث سيارة عام 1994، عاد بشار إلى سوريا ليتم إعداده بديلاً عن أخيه في خلافة الوالد، فالتحق بالجيش السوري برتبة "نقيب"مباشرة متخطياً رتبتي "الملازم" و "الملازم أول"، وخلال سنة واحدة رقي إلى رتبة "رائد"، ثم إلى رتبة "مقدم ركن"عام 1997.
أما المعجزة الكبرى فكانت عقب وفاة"الأسد الأب" في 10 يونيو 2000، اجتمع البرلمان السوري وعدل المادة رقم 83 في أسرع تغيير دستوري بالعالم خلال اجتماع استمر ربع الساعة, وفي تصويت جرى خلال ثلاث ثوانٍ أصبحت تلك المادة من الدستور تنص على أن سن الرئيس يمكن أن تكون 34 سنة بدلاً من 40، وبذلك تمكن "الأسد الابن"من السيطرة بمفرده على كل غرف قصر السلطة وقطع رقبة كل من يحاول الاقتراب من سور القصر، وفي اليوم التالي مباشرة حقق معجزة إضافية وسبق سرعة صواريخ باتريوت, حيث ترقى من رتبة "عقيد ركن" إلى "فريق" ليعين قائداً للجيش والقوات المسلحة.
كل هذه المعجزات، تكفي"الأسد الصغير" لأن يتم تشييد"مقام" يليق به في أطراف"الشام" بعد أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وأن يتحول"حكيم العيون" إلى"طبيب روحاني حضرته يجتذب الدراويش من الموالد الشعبية بمصر وكل البلاد للتبرك، و"العواطلية" طلباً لوظائف، والشابات لتمني عرسان في وسامة مهنـد وبراد بيت، ويهتف الجميع معاً:"مدد يا سيدي بشار.. مداااااااااااااااد".
لكن سيادة الرئيس لم يكتف بما حقق من كرامات وأصر على أن يختتم حياته السياسية بتحقيق معجزة جديدة، لم تحدث في الأولين.
لقد اكتشف ما لم يسبقه إليه أحد ويتعلق بالمهمة الحقيقية للجيوش. كان السائد في العالم أن جيش أي دولة يخوض المعارك دفاعاً عن أراضيها وحدودها، وإذا تعرضت لاحتلال خارجي فهو يعمل على تحريرها، لكن"الأسد الصغير" منذ قيادته الجيش العربي السوري جعل"الجولان" خطاً أحمر محظوراً على جيشه تجاوزه، ومنع إطلاق طلقة واحدة على الهضبة المحتلة.
وزاد على ذلك بالتزام الصمت التام والسكوت الزؤام تجاه الكثير من الاعتداءات والغارات الإسرائيلية على عمق الأراضي السورية، حتى خرج بالاكتشاف المذهل وهو أن عدم الرد كان لعدم إنهاك الجيش بطائراته ودباباته، مدرعاته وغواصاته، في هذه الأمور التافهة، حتى يكون بكامل جهوزيته وكفاءته حينما تحين المعركة الحقيقية.. ضد الشعب!
لكن وسط ثوب"بشار" الأبيض، والذي يجعله ملائماً للتبرك به، تظهر بقعة واحدة سوداء، ترتبط بعدم كفاءة"سيادة الرئيس القائد الطبيب الفريق" في اختيار محاميه. في كل مرة يكلف محامياً بغسل"الثوب الناصع"، فإن هذا الأخير يستخدم أردأ أنواع المساحيق ليظهر الثوب"متسخاً مهترئاً كل بقعة فيه تسد عين الشمس".
فعلها دريد لحام حينما أكد أن مهمة الجيش ليست تحرير الجولان، وإنما"حفظ الأمن الداخلي" أي القضاء على الشعب بمفهوم النظام. أما رامي مخلوف، ابن خال بشار، فقد ألقى على"الثوب الأبيض" كميات هائلة من"الطين" عندما خاطب إسرائيل بأن استقرارها مرتبط باستقرار نظام ابن عمته.
لهذا فأنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- أعرض خدماتي على"الثوب" وصاحبه بتولي مهمة الدفاع عنه وتنظيفه وغسله وكيّه لو أراد. وأؤكد أن نجاحي مضمون100%، وفوق هذا لن أطلب أجراً وكل ما أريده أن يعطيني سيادة" الطبيب الروحاني" وصية مكتوبة تتيح لي بعد ذلك عدم الوقوف في الطابور الطويل لمريدي"مقامه"، والسماح بوصولي مباشرة لأخذ نصيبي من بركة" الثوب الأبيض". وها أنا أبدأ عملي.
القضية الأولى تتعلق بالصور التي تبثها القنوات الفضائية، نقلاً عن مواقع إنترنت، وتظهر جنوداً سوريين مفتولي العضلات يعذبون مجموعة من الشباب والكهول شاركوا في المظاهرات، ويقفون على صدورهم بأحذيتهم الغليظة، فضلاً عن صور بشعة لقتل نساء وأطفال.
السادة المحامون الفاشلون يكذبون وينفون حدوث مثل هذه الوقائع أصلاً، وهذا الغباء منهم يؤدي إلى زيادة السخط الدولي على"سيادة الرئيس"، لكن مشروع المحامي المتمرس بداخلي يجعلني أعترف على الملأ بحدوث هذه الأمور، بل والتأكيد أن النظام السوري نفسه هو الذي يسرب هذه الصور، وذلك لعدة أهداف، أولها نفي ما يتردد عن وجود" تمييز" في سوريا، كون الصور تزيل هذه المزاعم عن النظام، وتؤكد عدم وجود تفرقة بين المواطنين وأن الجميع سواسية في التعذيب والقتل، لا فرق بين شاب أو كهل أو بين طفل وامرأة.
أما بشأن منع معارضين في الخارج منذ سنوات من دخول البلاد، بينما زوجاتهم وأولادهم موجودون في سوريا وممنوعون من السفر، وبالتالي فلا يلتقي الرجل من هؤلاء بأسرته، فإن دفاعي يركز على أن هذا أمر يستحق عليه النظام الشكر وليس الإدانة، خاصة أن الهدف من التفريق بين المعارض بالخارج وأسرته بالداخل هو تخفيف الأعباء المالية والنفسية عليه وإراحته من مطالب الأولاد المستمرة، ونكد الزوجة الذي لا يتوقف.
وبخصوص عدم رد" الرئيس القائد" على اتصالات الأمين العام للأمم المدعو" بان كي مون"، وبأن" مون" -بحسب مسؤولي الأمم المتحدة- كلما حاول الاتصال بالأسد قيل له إن الرئيس"غير متاح"، فدفاعي هنا عن"سيادة القائد" سهل جداً ولا يحتاج إلى أدنى مجهود للرد على تصريحات مسؤولي المنظمة الدولية. أولاً: ما العيب أن يقال لهم" الرئيس غير متاح" ألا يدركون أنه مشغول بمواجهة" القلة المندسة"، ثم ألا يعلم هؤلاء الجهلاء أن أبسط قواعد البروتوكول تنص على أن الرئيس لا يرد إلا على مكالمات رئيس، وأن" الأسد" لا يتكلم إلا مع"لبؤة"؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق