السبت، 3 يناير 2015

أسرار "التحول المفاجئ" لموقف القصر المغربي من انقلاب السيسي

أسرار "التحول المفاجئ" لموقف القصر المغربي من انقلاب السيسي

أسرار
خدمة العصر
تضاربت التحليلات وتعددت الأسباب والأسئلة حول أبعاد تقرير إخباري بثته القنوات الرسمية المغربية حول انقلاب الثالث من يوليو في مصر التي أطاح فيها الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين عن الحكم.

والسؤال الملح هنا ما إذا كان هذا التقرير يعبر عن تغيير بالموقف الرسمي المغربي من نظام السيسي، أم إنه لحظة غضب مؤقتة تنتهي بإنهاء أسبابها المتراكمة.

لأول مرة منذ الثالث من يوليو 2013، تصف القناتان المغربيتان الرسميتان الأولى والثانية، بشكل مباشر، بأن ما وقع في مصر يعدَ انقلابا عسكريا، وقالت القناة الأولى في تحقيقها إن "الجيش قام بانقلاب عسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعطل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من المعارضين".

وأضافت القناة: "منذ إعلان بيان الانقلاب، خرجت العديد من المظاهرات في أنحاء مختلفة من مصر وأصيب العشرات في اشتباكات بمحافظة الشرقية مسقط رأس مرسي… وقد أجهض الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي دخلت فيه مصر، هذا الانقلاب وضع حدا لطموح الشعب المصري، حيث أنهى عهدة الرئيس المنتخب محمد مرسي…هي عملية اعتبرت ردة على خيارات الشعب المصري".

وقالت إن مصر "عاشت منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه المشير عبد الفتاح السيسي عام 2013 على وقع الفوضى والانفلات الأمني، حيث اعتمد هذا الانقلاب على عدد من القوى والمؤسسات لفرضه على أرض الواقع، وتثبيت أركانه". وتحدثت عن الاعتقالات، وقتل للمعتصمِين في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، وأضافت أن خروقاتٍ شابت الانتخابات الرئاسية في مصر، من خلال إعلان فوز السيسي بنسبة 96 بالمائة، بالرغم من حديث اللجنة العليا للانتخابات في البلاد عن مشاركة لمْ تتعدَّ 47 بالمائة.

فيما بثت القناة الثانية تحقيقا لمدة 4 دقائق و7 ثوان عن تراجع السياحة بمصر، وقالت إن الأزمة بدأت منذ الثورة على الرئيس حسني مبارك في 2011، وتوالت ما بعد الإطاحة بالشرعية الانتخابية المتمثلة في محمد مرسي من طرف الجيش، حيث وصل المشير عبد الفتاح السيسي إلى منصب الرئاسة في انتخابات محسومة النتائج مسبقا.

ولاحظ المراقبون احتفاء الموقع الإلكتروني لحزب "العدالة والتنمية" (الإسلامي) المغربي، الذي يقود الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران، الجمعة، بانتقاد القناتين المغربيتين للأوضاع الداخلية في مصر.

وفي تعليقه على التقريرين غير المسبوقين، قال الموقع، الذي أبرز الخبر على صفحته الرئيسية مرفوقا بصورة محتجين مصريين:
"تبدو هذه اللغة جديدة على الخط التحريري للقناتين، بل تعتبر بمثابة انقلاب في الخطاب الإعلامي تجاه النظام الجديد في مصر، الشيء الذي يفتح الباب أمام المحللين والمراقبين لمعرفة خفايا هذا التحول وأسرار التغير الطارئ".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن القصر الملكي، وهو الحاكم الفعلي في البلاد وصانع قراره، كان من أوائل المرحبين بانقلاب الثالث من يوليو في مصر، وبعث العاهل المغربي الملك محمد السادس مهنئا خصوم الرئيس مرسي، وزار وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار القاهرة، واستقبله عبد الفتاح السيسي يوم 5 يونيو 2014، وهنأ الملك محمد السادس الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد اختياره رئيسيا، وخاطبه قائلا: "أشيد بالثقة التي حظيتم بها من لدن الشعب المصري الشقيق في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه الحديث، لقيادته إلى تحقيق ما يصبو إليه من ترسيخ لروح الوئام والطمأنينة، وتقدم وازدهار، في ظل الأمن والاستقرار".

وحرص المغرب الرسمي على منع أي تحرك أو إشارة تسيء لعلاقاته مع القاهرة، رغم أن الحزب الرئيسي بالحكومة (حزب العدالة والتنمية) يلتقي سياسيا وفكريا مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث منعت السلطات وقفة تضامنية للصحافيين المغاربة مع صحافيي قناة الجزيرة المعتقلين في مصر، وطالبت العدالة والتنمية بالتخفيف من تأييد مرسي، وحوكمت شابة مغربية لأنها رفعت رمز رابعة مع لاعب مصري في أغادير.

وما لا يخفى على كثير من المتابعين أن العلاقة الوثيقة بين القصر الملكي المغربي والإمارات والسعودبة، خصوصا، وهما الراعيتان الأساسيتان لانقلاب السيسي على مرسي، لا تعزز أي فرضية بأن هذا "التحول المفاجئ" يعكس تحولا في موقف المغرب الرسمي بمعزل عن أي خلفيات أو أسرار، فهذا لا يقول به عاقل مطلع.
ثم إن أكبر داعم للرباط، ماليا وسياسيا، في العرب هي الرياض، ولا يتصور أن يتمرد القصر الملكي في المغرب عن الخط العام بلاد أي دوافع وتراكمات أفقدته "صوابه".

وعلى هذا، رأى المحللون في الانقلاب السياسي الإعلامي الرسمي المغربي رد فعل على تراكمات إساءة وجهت له من الإعلام المصري، وكان آخرها تقارير حول زيارة الملك محمد السادس الخاصة لتركيا.
وحاولت مصادر مصرية اتهام الإخوان بافتعال الأزمة، إلا أن خالد الرحموني القيادي بحزب "العدالة والتنمية" أوضح أنه "لا وجود لتنظيم الإخوان المسلمين بالرباط، حتى يتم الاتصال بهم، لافتعال أزمة بين مصر والمغرب".

وأضاف خالد الرحموني في تصريحات صحافية: "حكاية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وهم يسكن في أوهام الانقلابيين ومحاولة إقحام الإخوان المسلمين في التقرير التلفزيوني الرسمي المغربي استمرار لخطاب الشيطنة والاغتيال المعنوي للإخوان بعد الاغتيال المادي لهم من طرف الانقلابين في مصر".

والعارفون بسلوك القصر الملكي المغربي يربطون هذا "التحول المفاجئ" وغير المسبوق، في بعض جوانبه، بالمشاكسات والمعارك السياسية والإعلامية التي لا تكاد تهدأ بين الرباط والجزائر، فالشقيق اللدود للمغرب، حارة، حاضرة بقوة في هذه التحليلات، حيث ترى أن مصر السيسي مالت كثيرا إلى الجزائر التي عملت على رفع حظر الاتحاد الإفريقي على عبد الفتاح السيسي وتنسيق سياستيهما حول الصراع في ليبيا.
كما زودت مصر باحتياجاتها من الغاز لمواجهة الأزمة الشائكة في الطاقة وخاصة هذه المادة. ووقع البلدان اتفاقية خلال يونيو الماضي.

ومقابل هذا الدعم، كما ترى هذه التحليلات، انتزعت الجزائر موقف مؤيدا لها تجاه نزاع الصحراء الغربية الذي تدعم فيه الجزائر جبهة البوليساريو في مواجهة المغرب.

وتسجل هذه التحليلات انخراط صحافيين ومثقفين مصريين مقربين من نظام السيسي في حملات إعلامية لصالح الجبهة البوليساريو، وزاروا مخيمات تندوف حيث تجمعها الرئيسي، وخصصوا مقالات وتحقيقات في الصحافة والقنوات لما وصفوه "استعمار المغرب للصحراء الغربية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق