في الصقلاوية ميليشيات تتعبّد بالدم وتغرق في الشذوذ
د. محمد عياش الكبيسي
كثير هم المصدومون للصور البشعة القادمة من الصقلاوية في أطراف الفلوجة؛ قتل وتعذيب وإهانات تخرج عن نطاق السلوك الآدمي، لم يسلم منها أعزل ولا مريض ولا معاق ولا كبير السن.
مئات النازحين الذين خرجوا مستنجدين بـ (إخوانهم في الوطن)، لكن إخوانهم غدروا بهم وأخذوهم إلى حفلات مجنونة بكل ما في الجنون من معنى، ولولا الصور والتسجيلات الموثّقة لظن بعض (مثقفينا) أن هذا جزء من المبالغات التي يغذيها (الاحتقان الطائفي)!
كيف يتجرأ من يدّعي الإسلام أن يفجّر مساجد المسلمين ثم يصوّر نفسه بزهو أمام المصاحف المحترقة والمآذن المهدمة؟
كيف يتجرأ من يدّعي الإسلام أن يذبح قوما صائمين في نهار رمضان لجؤوا إليه برايات بيضاء بلا سلاح ولا حتى حجارة أو عصيّ؟
كيف يتجرأ من يدّعي الإسلام أن يرفع سلاحه بوجه عجوز تستنجد به، أو شيخ كبير مقعد على الأرض؟
ثم يكذب فيدّعي أنهم من (جماعة داعش)، وهو يعلم يقينا أنهم ما فرّوا إلا من داعش ومن ظلم داعش؟
إن الجواب عن كل هذا لا يمكن أن يكون بردود الأفعال الآنية ولا بالنظرة المبسّطة والسطحية، فالموضوع أعمق من هذا بكثير.
حدّثوني في الميزان العلمي والتربوي الدقيق عن مدرسة دينية مجتمعية تتمحور كلها حول عقيدة (الثأر)، كل مناسباتها بما تتضمنه من طقوس وشعائر وإنفاق وتحشيد جماهيري تدور حول هذه العقيدة لا غير، حتى أركان الدين من صلاة وصوم وزكاة وحج لا تبدو شيئا يذكر أمام هذه العقيدة، بل حتى الشخص الذي يرتكب كل الموبقات ويتعدى كل الحرمات فإنه مغفور له بقدر ما يجتهد في خدمة هذه العقيدة!
ثم إن (طقوس التطبير) والوضوء أو الاغتسال بالدم تجري حتى على الأطفال الرضّع، وهذه صور طفح بها الفضاء دون نكير من مرجع أو مفكّر، وقد شاهد العالم برلمانية عراقية تقدّم طفلها الصغير والدم يتصبب على وجهه وهي تنظر إليه بسعادة بالغة!
ما الذي يتوقعه التربويون من شتى الديانات والتوجهات لمثل هذه المخرجات، خاصة مع ضياع الدولة وفقدان القانون؟
وهل الذي يتربى في مثل هذه الأجواء والممارسات يستطيع أن يفكر عن مصدر هذه الطقوس ومستندها حتى في المذهب الذي ينتمي إليه؟ وما إذا كان آل البيت من يوم فاجعة الحسين -رضي الله عنه- حتى آخر الأئمة قد فعلوا شيئا من هذه الأفاعيل أو دعوا الناس لها؟
ثم الثأر ممّن؟ من قوم أغلب أسمائهم (علي وحسن وحسين) وليس فيهم ولا اسم واحد لشمر أو حتى ليزيد؟ وليس فيهم من قتل ولا من حضر ولا من رضي؟
إن تعطيل الفكر بهذا الشكل وإطلاق العنان لهذه السادية المتوحشة معناه أننا أمام دين وظيفي مهمته تخريج أدوات صمّاء لمشروع آخر لا علاقة له بالحسين ولا بثأر الحسين.;
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق