السبت، 25 يونيو 2016

مرسي ورمزية الانتقام

مرسي ورمزية الانتقام
     الحكم على مرسي رسالة موجهة للجميع: لا تحلم بالرئاسة    

عبد الحكيم حيدر

لكل رمز رسالةٌ طويلة الأمد، رسالة للشعب الذي ثار لكرامته في 25 يناير2011. 
رسالة تقول للجميع: لا تقترب من عرين الأسد. 
والأسد هنا هو تركة الجيش وثرواته، لا بطولاته أمام العدو، لأن أمر العداء انتهى من أربعين سنة.
رسالة تحذّر الجميع من الاقتراب من ذلك الحلم العصي، سواء الحلم بالرئاسة، أو الاقتراب من عتبات الجيش، صاحب البلد وسيّدها، وحامي بركة (الشيخ الأمن القومي) وحده، وغاسل عتباته المقدسة وحده.
نتذكّر جميعنا فحوى الرسالة إلى أيمن نور، حينما ترشح أمام حسني مبارك. كانت رمزية الرسالة واضحة، السجن خمس سنوات، وأظن أن ذكاء أيمن نور، منذ ذلك الوقت، جعله يفهم الرموز مبكّراً، ويحاور الطغيان بحصافةٍ طويلة النفس والأمل أيضاً.

وها هي الرمزية تتأكد اليوم في شخص محمد مرسي الذي يقولون عليه، هم أنفسهم، إنه كان رجلاً طيباً وبسيطاً، فرمزية الانتقام ليست بإيذائه بدنيّاً بالسجن، لكن توجيه رسالةٍ رمزيةٍ للجميع: لا تحلم ثانيةً بهذا المنصب، لأنه محجوزٌ لنا إلى يوم الدين. .. 
وكما قال عادل إمام في حضور عبد الفتاح السيسي، وفي إفطاره، مع إعلامه وصحافته الملاكي: الجيش هو مكان العباقرة. .. 

هل صار الدكتور محمد مرسي جسداً طيباً لتجريب الرموز وتأويل الرسائل، وهو السجين، إلى الآن فقط، 85 سنة، وإعدام، وحفنة أخرى من قضايا لم يُحكم فيها، فماذا تقول كل تلك الرموز، وماذا يقول المشهد: لا تقتربوا من العرين. .. فالسجن بهذا الهول في انتظار من يحلم بذلك، وتأملوا بحصافةٍ عدد السنوات الثقال، وقد قيلت بقسوةٍ لأتباع حازم أبو إسماعيل أمام وزارة الدفاع، قتل بشع في ساعات، ثم إيداع صلاح نفسه في السجن بعد "30 يونيو"، وقد كتبت صحف المكيدة يومها لحازم ليلة وزارة الدفاع: إياك أن تقترب من العرين. .. 
وفي اللحظات نفسها وبعدها، خصوصاً بعد فوز الدكتور مرسي، أيضاً حرّضوا "6 إبريل" أن يذهبوا إلى بيت مرسي بأعواد البرسيم، والرسالة التي لم تُفهم ساعتها: يا مرسي، أنت لست الحاكم، وليس لك عرين كوزارة الدفاع. ولذا، لن نقدّم لك سوى البرسيم من يد شباب ثورتك نفسها.

كلنا اشتركنا في خبث الرموز التي أعدّوها لنا كالفخاخ، وفرحنا بضآلة الصيد المسموم والبطولات الشخصية وتضخمها، حتى أحمد دومة، وهو يذهب، بألوانه وأقلامه، ويكتب أمام مقر "الإخوان المسلمين" بالخط العريض ما كتب، والرمزية واضحة: لا عرين لكم ولا حرمة حتى لأمهاتكم حتى أمام بيتكم. بدليل أن أحمد دومة يسبّكم أمام عرينكم الرمزي. أما أمام عريننا المقدس، فيقتل أمام بواباته تسعة في رمشة عين، ويهرب سريعاً أمام بشاعة المشهد عبد المنعم أبو الفتوح، والغريب أنه يستخدم رمزياً في شطرنج العداء للرئيس مرسي في 30/ 6 مع باقي الفرقة، باعتباره إخوانياً قديماً وقد تاب.

كل هذا العماء كان يصبّ في حساب العرين وصاحبه، ونحن كنا كعميان. 
كما رقصت الصحف وطبّلت ساعتها قائلة: عيب أن تلعب مع الأسد. أما دومة فسهلٌ أن يشتم أمهاتكم أمام عرينكم، فهل كان دومة بثورته يفهم، آنذاك، هذه الرموز ودلالاتها، وما سوف تنتهي به، بدومة نفسه، حينما نظروا ونظّروا للوراء، وهم على علمٍ بكل الخطط، فأودعوه بهدوء السجن لحرق المجمع العلمي، على الرغم من أن قاتل الشيخ عماد عفت، في الوقت والمكان نفسيهما، مازال طليقاً يمرح. 
ما دلالة هذه الرموز التي يقودها العسكر للجموع: (مبارك – القاتل في مستشفى المعادي معززاً، وحفيدته مع جمال ابنه والسيدة الأولى سوزان، كلهم يتمشون في هدوء في دار الأوبرا المصرية، والأمن يبعد عنهم التصوير مساء، وصباحاً يحكم على الرئيس المنتخب الشرعي محمد مرسي بأربعين سنة. 
رسالة تقول إنه لا فائدة من أي صناديق وديمقراطية، فهذا يحتاج سنوات طوالاً، طالما البلد في حماية العرين – الجيش.
أيمن نور الذي حلم بالرئاسة ذاقها (خمس سنوات)، وحازم الذي حلم بها.. ترشحاً، أيضاً في السجن، ومرسي الذي ذاقها على الورق فقط حبيسٌ في قصره، وتحت مؤامرة الحرس الجمهوري ووزراء الداخلية، مكانه أيضاً السجن بـ 85 سنة وإعدام، وسيدة مصر الأولى، قبل ليلة النطق بالحكم، تتمشى فوق أرض المعارض في دار الأوبرا.
هل فهمنا الملاعيب، وهل حلت الرموز نفسها للعميان؟

هناك تعليق واحد:

  1. اوجعتنى الما فووق المى يا اخ الاسلام فكن ممع الله ولا تبالى فلحق يعلى ولا يعلى عليه والصبر مفتاح الفرج فلسطينى من غزة

    ردحذف