الثلاثاء، 28 يونيو 2016

الرد علي الكاتب خلف الحربي

سيءٌ جداً أن يناقش الفتاوى الشرعية جاهل بها والأسوأ من ذلك عندما يظهرفي رده قرائن على قصده للتشويه والتنفير والتشكيك

كتب الصحفي خلف الحربي
يسرقون أعمارنا ثم يعتدلون!



سيدة في أواخر العمر تسأل الله حسن الخاتمة، تتذكر دائما أنها حين كانت شابة جميلة سمعت من أحد المشايخ –وكان قريبا لها– أن الصور الفوتغرافية حرام، فأحرقت صورها وصور أولادها الذين كانوا صغارا، وبعد عشرين عاما من هذه الحادثة أصبحت تفتح الجرائد فتجد صورة هذا الشيخ في كل مكان، فهمت أن هذا الشيخ تراجع عن فتواه المتشددة أو (المتسرعة) ولكنها لا تعرف كيف تستعيد ذكريات الزمن الجميل التي أحرقها الشيخ قبل اعتداله! 
رجل في منتصف العمر استمع قبل أكثر من عشرة أعوام إلى محاضرة من شيخ مشهور جاءهم في الشرقية ليحذرهم من خطر القنوات الفضائية على الأمة، فتحمس بعد المحاضرة ليدس الأوراق التحذيرية من تحت أبواب جيرانه الذين تحتوي بيوتهم على أطباق لالتقاط البث الفضائي، وكانت صدمته كبيرة حين وضع أخوه الأكبر (دشا) في البيت، فتعارك معه وقال له كلاما معيبا جدا، وهو اليوم يشعر بخيبة الأمل لأن ذلك الشيخ نفسه يظهر في برنامج في أسوأ هذه القنوات –من وجهة نظره– مقابل عقد يفوق المليون ريال! 
رجل آخر –في منتصف العمر أيضا– ترك وظيفته المرموقة في البنك حين نقل له أقرباؤه أن الكثير من المشايخ يقولون إن راتبه حرام، وهو يعمل اليوم في وظيفة بائسة ويضحك بعمق على نفسه لأن أغلب هؤلاء المشايخ أصبحوا أعضاء في الهيئة الشرعية للبنك الذي تركه في شبابه!
 قد يكون سبب عودة الشيخ –أي شيخ– عن فتاواه ومواقفه المتشددة وتحوله إلى شيخ وسطي معتدل، أنه راجع أفكاره ووجدها متسرعة وحماسية أكثر مما يجب، أو أنه شعر بأن هذه الأفكار المتشددة لا تساعده على الاستمتاع برغد العيش بعد تغير أحواله، ولكن المشكلة ليست هنا، بل في ظهور شيخ جديد يريد أن (يكون نفسه) فيتشدد ويحتسب ويوتر الأجواء ويعطل التنمية حتى يصبح نجما لامعا ويتبعه خلق كثير فيعتدل ويصبح وسطيا ثم يقدم برنامجا تلفزيونيا يدعو فيه إلى التسامح والتآخي.. وهكذا (من يد نشيط بيد نشيط)!
 أنتم اليوم لا تحتاجون أكثر من ورقة بيضاء وقلم كي تكتبوا على وجه الورقة أسماء عشرة مشايخ كانوا متشددين ثم اعتدلوا بعد أن سرقوا عشرين عاما من أعمارنا، ثم تكتبوا على ظهر الورقة أسماء عشرة مشايخ يقودون موجة التشدد هذه الأيام وإذا أحياكم الله بعد عشرين عاما سوف تجدون هؤلاء المتشددين أصبحوا ينافسون أصحاب القائمة الأولى على الاعتدال والوسطية بعد أن أصبحوا من سكان القصور.. أما أنتم فليس لكم إلا العناء والتحسر على العمر الضائع، والبحث عن مبررات لاعتدال الشيخ المرموق مثلما بحثتم عن مبررات لتشدده، ولكن عليكم أن تضعوا في الاعتبار أنه من أجل هذا الأمر فقط حارب الإسلام فكرة الوسطاء!


وللرد على مغالطاته

أقول:

أنا متأكد أن الدعوة والمشائخ المتشددون والمعتدلون لم يسرقوا من عمر خلف الحربي حتى يوماً واحداً، أما حديثه بضمير الجمع (أعمارنا) فهو لا يحمل تفويضاً عن الناس ليتحدث باسمهم ولو أتيح للناس فيما أظن أن يعبروا عن رأيهم في إستفتاء حر نزيه فيما يكتب هو وأمثاله لكانت النتيجة مما لا يسره


إن المشائخ الذين يتحدث عنهم إذا أتيح للواحد منهم أن يلقي محاضرة لمدة ساعة ويحضرها بضع مئات بعد إجراءات للموافقة تستغرق أشهراً ويلقيها محتسباً بدون مقابل بينما هذا الصحفي يكتب مفروضاً على الناس كل يوم من خلال جواله وهو في أي مكان وينشر في صحيفة توزع قرابة مائة ألف نسخة ويأخذ مكافأة على ذلك عشرات الآلاف شهرياً

لكن القبول من الله قضية أخرى وربما كان ذلك الذي يغيظ كتبة الصحافة.

وَمِمَّا يعلمه أهل العلم تغير الفتوى والإجتهاد لتغير معطياتها في الواقع أو في علم المجتهد و المفتي أو لتغير مآلاتها من زمن إلى زمن آخر وهو أمر معلوم منضبط بقواعده العلمية الشرعية و واقع عبر تأريخنا وهو أحد أسباب خلود الشريعة الإسلامية،لكن هذا شيء وتوظيف ذلك لتشويه الدعوة والفتوى والمرجعية الشرعية للناس من غير متخصص أو من غير مؤمن بهذه المرجعية شيء آخر

إن كان هذا الكاتب حريص على معرفة الحق ويمتلك التأهيل العلمي لمعرفته وفهمه فليناقش أدلة من قال بإباحة التصوير ومن قال بحرمته بعلم وعدل ويرجح بعلم ودليل شرعي ولا ضير في ذلك أما الغمز واللمز وضرب أمثلة مجهولة للتنفير فقط فهو حرث في الماء وبذر في الهواء

و ليعطينا إن كان صادقاً مثالاً واحداً كان يقول بحرمة التصوير الفتوغرافي ثم أصبح يخرج في الفضائيات وأمام الكاميرات


إن الواقع يقول أن الذين قالوا بالحرمة مازالوا على قولهم و أن من يخرج في الفضائيات كانوا من البدايات يَرَوْن جواز ذلك ولا ضير من الإختلاف مادام بفقه وعلم وفي مايجوز الخلاف فيه بل لو قال عالم بقول ثم تبين له خطأ ذلك القول ورجع عنه فيجب أن يشكر على ذلك ولا يثرِب عليه ، والغريب من الكتبة الصحفيين الذين يدافعون عن حرية الإلحاد والعلمانية والليبرالية و يشنون الحملات القاسية عن أي اختلاف فقهي علمي بين علماء الشريعة المؤهلين و يتهمونهم حيناً بالتشدد وحيناً بالتحول والتغير!!

و يجب أن نفقّه ونوعيّ الناس أن أحكام الشريعة منها قطعيات لا مجال للخلاف فيها ومنها ظنيات في الثبوت أو الدلالة هي محل للإجتهاد والنظر من أهل العلم المؤهلين ولا ضير من الخلاف فيها . وقد وقع الخلاف فيها بين الصحابة في حياة الرسول ‏ﷺ ولم يثرِب عليهم فأن يقع ممن بعدهم أولى ومن أخذ بأي من القولين في خاصة نفسه لقناعته بأنه الحق أو الأقرب للحق فلا إشكال في ذلك.


وممن كان لا يرى إباحة التصوير أئمة هذا العصر كابن ابراهيم وابن باز وابن حميد وابن عثيمين فهل هم هؤلاء المتشددون عند خلف وأمثاله !!
القضية عند هؤلاء ليست مناقشة اختلافات فقهية واختلاف فتوى فهم لايدركون فقه الخلاف ولا أحكام الفتوى ولا تعنيهم كثيراً


القضية عندهم هي تشكيك في الدين والتدين وتشويه للعلماء والدعاة وتنفير للناس عنهم.


د.عوض القرني

١٤٣٧/٩/٢٣هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق