الجمعة، 21 يوليو 2017

ساعدينا يا فلسطين..!!

    المواجهة


ساعدينا يا فلسطين..!!
   بقلم: د.محمد عباس
e-mail: mohamadab@hotmail.com
نعم.. ساعدينا فلا خطأ فى العنوان..
ساعدينا يا حبيبة القلب ومهجة الروح يا فلسطين..!!..
لا أقولها كى أتلاعب بالألفاظ كما يتلاعب بها جل نخبة الأمة المسيطرة علينا بقوة أعدائنا والمتحكمة فينا لمصلحتهم .. حيث تحولت الألفاظ من وسيلة لإظهار المعانى إلى أداة لإخفائها والتمويه عليها.. ولقد كان مما تلاعبوا  به أن استمدوا جميعا شرعيتهم من واجب الدفاع عنك يا فلسطين.. وتحت رايات القومية انتصبت أعلامهم لكن القومية نفسها سقطت بهم بعد أن انكشفت دعاواها عن عار تجسد فى نصف العرب يقفون مع أعداء العرب ضد نصف العرب الآخر.. وسقطت الشعارات وبانت السوءات فارتبكت صفوفهم وتراجعت خيولهم وانقشع الغبار  فإذا بالأبطال القوميين والزعماء الوطنيين  – يا حبيبة القلب  – مجرد نخاسين .. وانكشف العار فإذا بهم حين  اقتربوا منك  اقتربوا لا  لكى يحرروك  بل لكى يبيعوك ويقبضوا ثمنك..
احزنى يا حبيبة القلب كما يليق بك من حزن جليل.. لكن اعلمى .. أنهم قبل أن يبيعوك قد باعوا شعوبهم..
لا تندهشى إذن يا حبيبة القلب من موقفهم منك.. فأولى لك أن تندهشى من نفسك أن توقعت من مثل  هؤلاء العون.. إذ كيف يفتديك من باع شعبه.. وكيف يخلص لك من خان وطنه..
لقد باعوك بعد أن باعونا ..
 وما أرخص ما قبضوه من ثمن وهو الاستقرار والاستمرار فى مخادع الحكم ..
لطالما خدعونا  وهم  يكممون أفواهنا : لا صوت يعلو على صوت المعركة.. فاستسلمنا وخرسنا على أمل أن نسمع صوت هدير المعارك فإذا به لا يعلو أبدا و إذا بهم دون حياء يغيرون كل توجهاتهم  ليصبح السلام هو الخيار الاستراتيجى الوحيد..
كانوا هم المسئولين عن تسليح جيوشنا فتحول بعضهم إلى سماسرة سلاح.. وامتلأت خزائن الذهب المهرب إلى أرصدة الخارج ولم تغن مئات المليارات من السلاح عنا شيئا..
الكروش المنتفخة والصدور المغطاة بالأوسمة والنياشين فشلت فى الاستعداد الحرب فعادت  - رغم أنهم أخرسونا لكى يستعدوا -  بوثيقة استسلام مهين ومشين لتكذب علينا كما كذبت دائما لتسمى الاستسلام سلاما ثم لتفخر بالعار وهى تتشدق بخيار السلام – الاستسلام – الوحيد وكأنما عادت تحمل نصرا لا عارا..
لماذا إذن أخرستمونا؟!..
ينطلق التساؤل ليخترق القلب كنصل السيف:
-            هل هم عاجزون حقا عن الدفاع عنك يا حبيبة القلب يا فلسطين ؟؟ هل هم عاجزون لكى نلتمس لهم المعاذير؟؟ أم أنهم لا يريدون؟؟..
إن مقارنة حجم السلاح الذى يشترونه بدم قلوبنا بمئات المليارات حقيقة تفضح فرية ادعائهم العجز..
وحسن نصر الله بأسلحته البدائية حقيقة أخرى ناصعة  تفضح ذات الفرية..
مقارنة حجم  الجيوش وعدد الشعوب وأرصدة الأموال وصمة عار..
***
منذ أيام كانت قناة المنار تذيع حديثا مع السيد حسن نصر الله..
كان بسيطا وعظيما ومقنعا  ويخطف القلب والعقل والاحترام والتقدير..
وسألت نفسى: لماذا نشعر بهذه المشاعر تجاهه فى الوقت الذى نشعر بعكسها تماما تجاه ولاة أمورنا..
وانبلجت الإجابة فى رأسى حتى قبل أن أفكر: هذا رجل لا يكذب..
هم يكذبون.. والأنكى أنهم يكذبون ويعلمون أننا نعلم أنهم يكذبون.. ولكنهم لا يبالون..
وسألت نفسى: لماذا نجح حسن نصر الله وفشلوا هم.. لماذا انتصر وانهزموا.. لماذا استطاع وعجزوا..
لكننى أجبت على السؤال بسؤال: " هل هم عاجزون أم لا يريدون " ..
 وأخذ  السؤال يتردد  كرجع الصدى  لصوت النحيب بين جبلين.. جبل للجبن وجبل للثأر
جبل للحزن وجبل للعار ..
جبل للنار وجبل للعار..
جبل للدم وجبل للعار..
جبل للأشلاء وجبل للعار..
جبل للدمع وجبل للعار..
جبل للعار و آخر – أيضا – للعار..
وصوت نحيب.. وصدى صوت..
وسؤال يتردد..
وما أسهل الإجابة عن السؤال.. لكن بشرط أن نزيل أكداس الكذب التى تطفح بها وسائل إعلامنا– بالتزوير والخداع وقلب الحقائق  –  والتى كست المدنس بثوب المقدس.. أما المقدس فقد راحت تجفف منابعه.. ولم تدرك الأمة فى الوقت المناسب خطورة الأمر و أن من يجفف منابع المقدس يخون الله ورسوله والمؤمنين.. يخون الأمة .. والوطن. . ويخونك يا فلسطين الحبيبة ليبيعك…
لست أدافع عنهم يا حبيبة القلب يا فلسطين.. لكننى فقط.. والخزى يكسونى أحاول أن أقدم بين يديك مبررات شللنا وعجزنا.. وفى إطار التبرير هذا  لا أملك إلا أن أستعير من مسرحية الاغتصاب لسعد الله ونوس قوله وهو يصف نخبنا الحاكمة وولاة أمورنا:" هل تظن أن هذه الفئات تمثلنا أو تشغلها قضية الصراع مع إسرائيل؟.. لا، إن مشكلتنا مزدوجة، و إن للصهيونية الآن امتدادها فى النظام العربى الراهن، الذين استسلموا والذين يستعدون للاستسلام، الذين يقمعون شعوبهم ويدوسونها، الذين يبددون ثروات بلادهم و ينهبونها، هؤلاء جميعا هم بعض امتداد الصهيونية  فى الجسد العربى، إن الورطة عندنا معقدة،  و إن الخروج منها يقتضى نضالا مركبا وصعبا"..
أجل يا حبيبة القلب.. أنت ضحيتنا وعجزنا ونحن ضحايا حكامنا منذ زمان طويل.. حكامنا الذين لا أجد ما يصفهم إلا تلك الأبيات من الشعر العربى القديم:
وحكام  رجوناهم  دروعا   ...     فكانوها ولكن للأعادى
و خلتهموا سهاما صائبات   …   فكانوها ولكن فى فؤادى
وقالوا صفت منا قلوب    …    لقد صدقوا ولكن عن ودادى
وقالوا قد سعينا كل سعى  …   لقد صدقوا ولكن فى فسادى
ومقطوعة أخرى ينزف فيها الشاعر:
جعلتكم درعا حصينا لتمنعوا …   سهام العدا عنى فكنتم نصالها
وكنت أرجو عند كل ملمة  …    تخص يمينى أن تكونوا شمالها
دعوا قصة الأعداء عنى بمعزل …   وخلوا العدى ترمى على نبالها
إذا لم تقو نفسى أن تخلص نفسها …  فكونوا سكوتا لا عليها ولا لها
***
نعم.. مشكلتنا هنا فى عالمنا العربى مزدوجة..
ومشكلتنا أن ولاة أمورنا يكررون فى مأساوية فادحة كل خطايا التاريخ..
في كتاب "  دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية  "  لمؤلفه عبد الحليم عويس  الناشر دار الشروق، جدة، يتحدث الكاتب عن أسباب انهيار ثلاثين دولة إسلامية بداية  بالأندلس في أوروبا، وانتهاءً بالدولة العثمانية في تركيا. يتحدث وهو يصفها فكأنما يصف أحوال حكامنا الحاليين:
(كان الترامي في أحضان العدو ممكناً … وكان التنازل له عن الأرض ممكناً، وكان الصلح المهين ودفع الجزية للعدو ممكناً … أجل، وكان كل هذا ممكناً إلا شيئاً واحداً … إلا العودة إلى الإسلام الصحيح الخالي من حب السلطة واستعباد الدنيا … والأمر بالاعتصام بحبل الله وحده وعدم التفرقة … كل شيء كان ممكناً ـ في عرفهم ـ إلا هذا). 
… ثم يصل الكاتب فى النهاية إلى عبرة التاريخ : إلى القانون العام الذى يحكم سقوطنا: "حين يبحث كل عضو منا عن نفسه تسقط سائر الأعضاء)…
تلك هى المسألة.. وتلك هى الإجابة.. كانت القضية منذ البداية قضية الإسلام والعقيدة..  فلما ضيعت نخبنا الحاكمة كليهما ضاعت فلسطين.. وليس من أمل فى استردادها إلا عن طريق الإسلام والعقيدة.. العقيدة التى تجعل يقيننا من أن النصر من عند الله.. ثم تفضى بنا إلى المعادلة العبقرية: إن تنصروا الله ينصركم..
أنت الآن  - يا فلسطين – أقرب ما يكون إلى الحق فلا تزورّى  عنه ولا تحيدى.. لا تنصتى لنصائح الحكماء  فحكمتهم خسة،  ولا لتعالم  الخبراء فعلمهم جهل، ولا لدبلوماسية السفراء والمبعوثين فدبلوماسيتهم نفاق.. ولا لسلام الشجعان فهو استسلام جبان..
ليس ثمة سلام – يا حبيبة القلب  يا أم الشهداء – يعرضونه عليك بل استسلام مهين..
أعيدى إلينا يا فلسطين عبق التاريخ ومجده و أريجه.. علمينا كيف نزدرى تلك الكلمة القبيحة عن : " السلام هو الاختيار الاسترتيجى الوحيد.. "  ومن يقولونها.. وعلمينا كيف يكون شعارنا فى معاركنا أن ننال إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة..
علمى الخونة الأمانة.. والجبناء الشجاعة.. والعاجزين القدرة بالاستعانة على الله..
وإننى و أيم الله أرى على ضوء انفجارات أجساد شهدائك الطاهرة نهاية إسرائيل وقد اقتربت..
ليس ثمة سلام إلا بالتحرير الكامل لكل الأرض..
يا حبيبة القلب يا فلسطين : تسحق قلبى خيبة أملك فينا و أنت تتساءلين  : أين الأمة..
لا تبتئسى يا حبيبة قلبى  بل احمدى الله  أن بعض عالمنا العربى ما يزال يذكر بعد كل ما يتعرض له من قهر وتضليل وتجفيف للمنابع على أيدى حكامه الوطنيين أن فلسطين عربية و أن أهلها مسلمون وأن المسجد الأقصى أول القبلتين  وثالث الحرمين أسير..
يا حبيبة القلب: تقبلى الحقيقة المريرة.. أنك أنت الجريحة الجسد صحيحة الروح.. والنازفة الدم مستبقية الكرامة..  المحتاجة للعون أكثر ما يكون.. أنت يا أم الشهداء  وأطفال الحجارة.. أنت المنهكة المحاصرة الجائعة إلا من القيم  العارية إلا من الشرف المفتقدة  إلا الشجاعة العزلاء إلا من الحجارة.. أنت بالذات يا حبيبة القلب – ويا لهف قلبى – لا تنتظرى العون من أمة استسلمت نخبتها وروضها حكامها وعاملوها كما يعامل النخاس عبيده..  لا تنتظرى من أمتك العون.. ولا تقيمى حساباتك عليه.. فجل أمتك محاصر حصارا لا يقل قسوة عن حصارك.. أما النخبة المسيطرة المتحكمة فهى سليمة الجسد فاقدة للروح   .. ترفل فى الديباج  لكنها عارية  من الشرف.. شبعانة إلى حد التخمة لكنها لا تملك كسرة  من الكرامة.. وهى حكيمة لحد الخسة.. عاقلة لحد الجبن مسلحة حتى الأسنان لكن أسلحتها موجهة إلينا لا إلى أعدائنا و أعدائك يا فلسطين.. تنوء بما تحمل من أسلحة بمئات المليارات لكنها كالحمار يحمل أسفارا.. أما قوتها فليست إلا أصفارا..  وهكذا تجدين  نفسك يا حبة القلب  مطالبة بأن تساعدينا ..أن تساندى أمتك العربية والإسلامية كلها. .  علمينا كيف نستعيد بعضا من الشرف وقطرت من الكرامة.. اضربى لنا المثل كيف تستطيعين مواجهة شارون وما من شعب فى عالمنا الإسلامى استطاع مواجهة شارون بلاده.. واهزميه .. كى نتعلم منك كيف نهزمه..
تقبلى الحقيقة وافرحى يا حبيبة القلب يا أم الشهداء فأنت على الحق وهاهى ذى نبوءة رسولنا الكريم صلى الله عيه وسلم تتحقق فيك: فقد قال "بينا أنا نائم رأيت عمود الإسلام احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام، ألا فإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام".
نعم يا فلسطين.. عندنا الفتن ولا إيمان يعزينا عند المصائب ويشد أزرنا عند الشدائد أما أنت فالفتن عندك  لكن الإيمان ارتحل إليك وعمود الإسلام احتمل  إلى عندك .. ووالله الذى لا إله إلا هو إنى لأرى فى الضوء الساطع لانفجارات أجساد شهدائك نهاية إسرائيل.. أراها رأى العين .. وأظن أنهم الآن يرونها ويعلمون أنهم بكل قنابلهم النووية يحاربون معركة يائسة كتب نهايتها شهيد.. نعم.. أرى ذلك.. و أرى أيضا نهاية نظام عربى شاخ فى مواقعه حتى عجز وتحلل حتى تعفن.. واعلمى يا حبيبة القلب أننى مهما حاولت أن أنقل لك مشاعر الناس فى عالمنا الإسلامى تجاهك فسوف أعجز.. ومهما حاولت أن أنقل بعضا من مراجل الغضب التى تغلى بها قلوب شعوبنا من أجلك فسوف أعجز.. ومهما حاولت أن أصف لك إحساسنا بالخزى والعار لعجزنا عن الاستشهاد فى سبيلك فسوف أعجز.. وأننا ننظر إليك يا حبيبة القلب بانبهار ونتعلم منك..
فعلمينا.. ولا تتعلمى منا أبدا..
و أَسمعينا .. ولا تسمعى منا أبدا..
وكونى كالقاطرة  وشدى خلفك أمتك الإسلامية  إلى بر الأمان..
نعم يا فلسطين الحبيبة..
ساعدينا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق