تداعيات فشل العملية العسكرية الإسرائيلية في الدوحة وانعكاساتها الإقليمية والدولية
د عز الدين الكومي
ي خطوة أثارت صدمة إقليمية ودولية، نفذالكيان الصهيوني غارة عسكرية في العاصمة القطرية الدوحة، استهدفت خلالها قيادات من حركة حماس.
لكن هذه العملية، التي وصفتها قطر بـ”الجبانة” و”الانتهاك الصارخ” لسيادتها، انتهت بفشل ذريع، مما يفتح الباب أمام تداعيات خطيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
هذا الفشل لا يعكس فقط سوء تقدير إسرائيلي للواقع السياسي والدبلوماسي، بل يهدد بإعادة تشكيل ديناميكيات الوساطة القطرية، ويزيد من عزلة إسرائيل دوليًا، ويسلط الضوء على حدود الدعم الأمريكي لدول الخليج.
انسحاب قطر من الوساطة:
ضربة لعملية السلام لطالما لعبت قطر دورًا محوريًا كوسيط بين الفلسطينين و الإسرائيلين،وشراكتها الوثيقة مع الولايات المتحدة. نجحت الدوحة في التوسط لإطلاق سراح رهائن وتسهيل هدن مؤقتة، مما عزز مكانتها كلاعب دبلوماسي رئيسي.
لكن الهجوم الإسرائيلي على أراضيها قد يدفع قطر إلى إعادة تقييم هذا الدور. فشل العملية، إلى جانب استنكار قطر الشديد، قد يؤدي إلى انسحابها من الوساطة، مما يعرقل جهود وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. هذا الانسحاب قد يترك فراغًا دبلوماسيًا يصعب ملؤه، خاصة مع غياب وسطاء آخرين يتمتعون بنفس المصداقية والنفوذ.
عزلة إسرائيل الدولية:
تصعيد المقاطعة فشل العملية العسكرية في الدوحة يضيف إلى سلسلة من الخطوات الإسرائيلية التي زادت من عزلتها دوليًا. الغارة، التي اعتبرتها كثير من الدول والمنظمات الدولية انتهاكًا للقانون الدولي، أثارت موجة إدانات واسعة.
هذا التصعيد يعزز الرواية التي تصور إسرائيل كدولة “متهورة”، مما يعمق الفجوة مع المجتمع الدولي. تصريحات نتنياهو، التي أكدت أن العملية نفذت “بشكل مستقل بالكامل”، قد تزيد من استياء الحلفاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي قد تجد نفسها في موقف محرج بسبب عدم تنسيق إسرائيل معها.
إضافة إلى ذلك، فإن استهداف قيادات حماس في دولة حليفة للغرب يعزز الضغط الشعبي والسياسي في الدول العربية والإسلامية لدعم مقاطعة إسرائيل، كما يتضح من الحملات الشعبية في إيطاليا لحظر المنتخب الإسرائيلي من تصفيات كأس العالم 2026.
إحباط الجنود وأهالي الأسرى: فقدان الثقة بنتنياهوداخليًا، يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة من الجنود الإسرائيليين وأهالي الأسرى.
فشل العملية في الدوحة، التي كانت تهدف إلى “حسم” ملف حماس، يعكس فشلًا استراتيجيًا آخر يضاف إلى سجل الحكومة الإسرائيلية.
تصريحات وزير الدفاع يسرائيل كاتس، التي هددت بتدمير غزة إذا لم تُطلق حماس سراح الأسرى، تبدو الآن فارغة في ظل الفشل العملياتي.
هذا الفشل قد يعزز الإحباط بين الجنود، الذين يواجهون حربًا طويلة الأمد دون أفق واضح، وبين أهالي الأسرى، الذين يرون أن سياسات نتنياهو العدوانية تعرقل فرص إعادة ذويهم. هذا الإحباط قد يؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات الداخلية، مما يضعف موقف نتنياهو السياسي.
حدود الدعم الأمريكي لدول الخليج ربما تكون إحدى أبرز تداعيات هذه العملية هي إبراز حدود الدعم الأمريكي لدول الخليج.
قطر، التي تستضيف قاعدة العديد الجوية، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة، تعد حليفًا استراتيجيًا رئيسيًا لواشنطن.
لكن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، دون تنسيق واضح مع الولايات المتحدة، أثار تساؤلات حول مدى التزام واشنطن بحماية حلفائها في الخليج.
غياب رد فعل أمريكي فوري وحاسم يعزز الشعور بأن الولايات المتحدة قد لا تكون الضامن الأمني الموثوق الذي تعتمد عليه دول الخليج.
هذا الواقع قد يدفع دول المنطقة إلى إعادة تقييم تحالفاتها، وربما تعزيز التعاون مع قوى إقليمية أخرى مثل الصين أو روسيا، مما يغير التوازنات الاستراتيجية في المنطقة.
الخلاصة:
لحظة حاسمة للمنطقة فشل العملية العسكرية الإسرائيلية في الدوحة ليس مجرد هزيمة تكتيكية، بل لحظة حاسمة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والدبلوماسي في الشرق الأوسط.
انسحاب قطر المحتمل من الوساطة سيضعف فرص التوصل إلى حلول سلمية، بينما ستزيد العزلة الدولية لإسرائيل من الضغوط عليها.
في الوقت نفسه، يعكس الحادث هشاشة الاعتماد على الدعم الأمريكي، مما قد يدفع دول الخليج إلى البحث عن بدائل استراتيجية. في النهاية، يبدو أن هذه العملية الفاشلة قد عززت من حالة عدم الاستقرار الإقليمي، ووضعت إسرائيل في موقف أكثر تعقيدًا على الساحة الدولية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق