حوار مع عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة سكوبيا في مقدونيا الشمالية
مسلمو مقدونيا الشمالية أغلبية مظلومة وبنود اتفاق أوهريد لم تنفذ حتي الآن
حوار:عمر عبد الرحمن
*مخاوف الأوروبيين من وصول الألبان لحكم مقدونيا غضت الطرف عن مخالفات السلاف
*نجحنا في نفض غبار الشيوعية واستعادة هويتنا الإسلامية
*نعيش صحوة إسلامية كبيرة وأعداد حفاظ القرآن وصلت لأرقام قياسية
*لا قيود تمارس علي المحجبات والإقبال علي العبادات والحج تكريس لفعالية مؤسساتنا الإسلامية
*نتطلع لاسترداد 8ملايين متر من الأوقاف الإسلامية لتمويل الدعوة والمبتعثين للجامعات الإسلامية
*نمتلك كنزا من المخطوطات الإسلامية النادرة وجهود مكثفة لترميمها
أكد الدكتور شعبان سليماني عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة سكوبيا في مقدونيا الشمالية ،أن أوضاع المسلمين في مقدونيا قد تحسنت بشكل مطرد, إن لم يكن مرضيا أو منصفا لهذه الأغلبية المظلومة رغم مرور ما يقرب من أكثر من عقدين علي توقيع اتفاق أوهريد, مشيرا إلي أن انتخاب مسلم ألباني رئيسا للبرلمان المقدوني ووجود ثلاثة أو أربعة وزراء في الحكومة الحالية لا يعبر عن الوزن السياسي والديمجرافي لألبان مقدونيا .
وأقر سليمان في حوار مع “جريدة الأمة الإليكترونية” بأن الكثير من بنود اتفاق “اوهريد” لم تنفذ حتى الآن ومازالت هناك قيود من الحكومة المقدونية علي وصول الألبان للمناصب الكبرى و كذلك علي التعامل مع اللغة الألبانية كلغة رسمية بالمخالفة لاتفاق أوهريد فضلا عن مساع لتغيير التركيبة الديمجرافية للسكان عبر توفير دعم للمواطنين السلاف لتشجعيهم علي الإنجاب.
ابدي عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة سكوبيا تخوفه الشديد من عرقلة الخلافات بين الأحزاب الألبانية لمساعي المسلمين للحصول علي كافة حقوقهم ,،مطالبا هذه الأحزاب بنبذ الخلافات والتوحد خلف هدف واحد يتمثل في حصول ألبان مقدونيا علي حقوق تتناسب مع أغلبيتهم داخل مقدونيا.
وعبر الدكتور سليماني عن ارتياحه لتنامي الوعي الديني لمسلمي مقدونيا والمتمثل في الإقبال علي الصلاة وتزايد أعداد المساجد وارتداء الفتيات للحجاب و أداء فريضة الحج وتصدر مقدونيا الشمالية لقائمة الدول الأكثر حفظا للقرآن في منطقة البلقان رغم عدم وجود مؤسسة رسمية لتحفيظه, مشددا علي الدور التي تقوم به المؤسسات الإسلامية للألبان بتفعيل الفكر المعتدل والوسطي باعتبار أن غياب قيم الاعتدال يضر باستقرار بلادنا . .
الحوار مع عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة سكوبيا في مقدونيا الشمالية ،تطرق لقضايا عديدة وفي السطور التالية التفاصيل الكاملة للحوار .
*هناك جدل تاريخي يدور حول الطريقة التي وصل بها الإسلام إلي مقدونيا الشمالية وهل كان مرتبطا فقط بالفتح العثماني أم سبقه ؟
**هناك شواهد تاريخية تدل علي أن وصول الإسلام لهذه البقعة من البلقان ،كان سابقا للفتح العثماني ولعب الجوار الجغرافي مع تركيا دورا مهما في معرفة المقدونيين بالإسلام حيث تعاطوا معه بشكل إيجابي ودخل آلا لاف مم الدين الحنيف .
ثم جاءت الانفراجة الكبرى غداة الفتح العثماني للمنطقة حيث اعتنق الإسلام عدد كبير من مواطني مقدونيا التي تحولت لحاضرة للدين الحنيف في منطقة البلقان وشيدت مئات المساجد والمراكز الإسلامية التي تجاوزت أعدادها ألف مسجد منذ العصر العثماني ضمن أروقتها داخلها مكاتب لتحفيظ القرآن.
لدرجة أن أعداد حافظي القرآن مقدونيا شكلت العدد الأكبر بالنسبة لجميع الولايات الخاضعة للدولة العثمانية واستمرت الصحوة الإسلامية في مقدونيا لعدد من القرون حتى ابتلي الشعب المقدوني بحكم شيوعي سيطر علي منطقة البلقان لمدة تزيد علي 70عاما
وخلال هذه العقود ،تم اجتثاث التدين وإغلاق المساجد وتحويلها لمسارح ومخازن للغلال وإسطبلات للخيل ومع هذا أبقي الشيوخ والمسنون علي الإسلام ونقلوه لأبنائهم رغم القيود التي فرضتها عليهم الشيوعية. .
*قبل التطرق لتطورات المشهد السياسي في مقدونيا نرجو أن تلقي لنا الضوء علي واقع المسلمين في مقدونيا حاليا ؟
**يشكل مسلمو مقدونيا ما يزيد علي 45% من نسبة سكان البلاد ,،حيث يتجاوز تعدادهم مليون ونصف المليون من مجمل تعداد السكان البالغ 2.8مليون نسمة ،وتتضاعف هذه النسبة إذا وضعنا في اعتبارنا وجود جالية مقدونية في المهجر لاسيما في عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي ، تربو علي أكثر من مليون من ألبان مقدونيا ,
ويعيش المسلمون في معظم المدن وعلي ورأسها العاصمة سكوبيا ومدن تيتوفو وتستوفا وكموتا وغوستيفار، ويمتلك المسلمون عددا كبيرا من المساجد والمراكز الإسلامية تصل لـ 1000مسجد بينهم عدد كبير من المساجد الأثرية علي الطراز التركي وعلي رأسها مسجد مصطفي باشا في العاصمة سكوبيا ,وهي أعداد مرشحة للتصاعد خلال المرحلة القادمة في ظل الحرية التي يتمتع بها المسلمون في بناء المساجد في جميع مدن البلاد.
*رغم انهيار يوغوسلافيا وحصول مقدونياالشمالية علي استقلالها بشكل سلس ودون الدخول في مواجهات مع الجيش اليوغوسلافي الإ أن مسلمي مقدونيا عانوا من ظلم وتهميش كبيرين ؟
**لقدعاني ألبان مقدونيا لعقود طويلة كافة ألوان الظلم والاضطهاد ،حرموا من التعلم بلغتهم الأم ،وتبوء مناصب رفيعة في المؤسسات الحكومية أو حتى الحصول علي جواز سفر ,
وهي الأوضاع التي حاولنا تغييرها بشكل سلمي ولكن محاولاتنا باءت بالفشل مما حتم تشكيل جيش التحرير الوطني والدخول في معارك شرسة مع حكومة سكوبيا ,استدعت تدخل جهات دولية يشكل أفضي لتوقيع اتفاقية “أوهريد” في 2001وحصول الألبان علي العديد من الحقوق
ومن الحقوق التي حصل عليها الألبان التعلم بلغتهم المحلية والحصول علي الجنسية ،و جواز السفر وإنشاء جامعات خاصة بهم، وشهدت أوضاع المسلمين تحسنا مطردا سواء بدخول البرلمان والحصول علي وظائف في الجيش والشرطة والسلك الدبلوماسي ووصل عدد النواب المسلمين في البرلمان لـ 28نائبا ,رغم أن نسبتهم من السكان تؤهلهم للحصول علي ما يزيد علي 50نائبا.
*مر ما يقرب كم 24عاما علي توقيع اتفاق أوهريد الإ أن بنود هذا الاتفاق لم تنفذ علي أرض الواقع وبقي هناك نوع من التمييز ضد مسلمي مقدونيا الشمالية ؟
**لم تطبق اتفاقية “أوهريد” حتى الآن كون التطبيق الأمين لهذه الاتفاقية يحمل المسلمين لحكم دولة أوروبية ،وهو ما يخلق نوعا من الفوبيا لحكومة مقدونيا وعدد من القوي الأوروبية علي حد سواء ,خوفا مما يعتبرونه مدا إسلاميا هو ما يجعل حكومة سكوبيا تضع العراقيل تلو الأخرى أمام حصول المسلمين علي حقوقهم ,
وليس أدل علي ذلك من أن أعداد المسلمين داخل مجلس الوزراء المقدوني لم يتجاوز 3أو 4وزراء, وهم وزراء الصحة والشئون الاجتماعية والعمل والإنشاء والتعمير ،وهي مناصب لا تبدو مهمة فيما بقيت المناصب الحساسة في يد العنصر السلافي.
*ما تقوله يخالف وصول أحد رموز الألبان لمنصب رئيس البرلمان المقدوني ويتناقض مع شكواكم من استمرار التهميش والتمييز ؟
**انتخاب رئيس مجلس الشعب طلعت جافيري ،وهو مسلم مقدوني يجب أن يعزز أوضاع ألبان مقدونيا ولكن ثمار وصول جافيري لرئاسة البرلمان ،لم تتحقق حتى الآن ,فلازال دور مسلمي مقدونيا الشمالية السياسي محدودا ولازالت الاعتراف باللغة الألبانية لغة رسمية للبلاد كما تم النص عليه في اتفاق “أوهريد ” بعيدا ،فضلا عن عدم اختيار الألبان لمناصب رفيعة مثل وزراء الخارجية والدفاع والداخلية. ,
وهو أمر نأمل في تغييره خلال المرحلة خصوصا أن الأغلبية الألبانية المظلومة لن تقبل باستمرار هذه الأوضاع ،وستعمل بقوة علي إيجاد قوة ضغط من المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي بتنفيذ اتفاق اوهريد بحذافيره ولكن شريطة توحيد الصف الألباني وعدم السماح للخلافات والسجالات بين الأحزاب الألبانية بأن توفر طوق نجاة لحكومة سكوبيا للإفلات من الاستحقاقات المختلفة لاتفاق “أوهريد” .
مع العمل بقوة علي لجم القوي المتطرفة دينيا وسياسيا وتكريس الفكر المعتدل لقطع الطريق علي أي اتهام بالغلو والتطرف . .
*تمتلكون طموحات شديدة فهل تمتلكون مؤسسات وبني تحتية شرعية تؤهلكم للتحول للقومية الأهم في مقدونيا ؟
**تعد الرئاسة الإسلامية العليا من أهم المؤسسات الإسلامية في مقدونيا لشمالية ،حيث لاتقتصر أنشطتها علي الجانب الشرعي من تعيين الأئمة والعناية بالمساجد ،وتسيير قوافل الدعوة وتحديد الأعياد الإسلامية وإرسال الطلاب للدراسة في الجامعات الإسلامية الكبري ،بل لها دور مهم في مسائل تتجاوز الطابع الديني
حيث تسعي بقوة للحفاظ علي مصالح مسلمي مقدونيا بل إنها نجحت منذ فترة في انتزاع موافقة الحكومة المقدونية لتدريس العلوم الإسلامية في المؤسسات التعليمية المختلفة وهناك ما يقرب كذلك من فروع الرئاسة الإسلامية تقوم بالرد علي فتاوي المسلمين وتقديم الدعم الشرعي له
*كأنك تشير لغياب العمل المؤسسي عن الإفتاء في مقدونيا الشماليةوعدم وجود أطر تنظيمية للإفتاء هناك ؟
**هذا الدور تقوم به أفرع الرئاسة العامة للمسلمين بجميع مدن مقدونيا المكلفة ،حيث تكتفي فقط بالرد علي تساؤلات عموم المسلمين وخاصتهم دون آن يصل الأمر بها للتحول لدار إفتاء كما يجري في أغلب بلدان العالم الإسلامي
وهو أمر نسعى إليه في المرحلة القادمة شرط توافر الإمكانيات المادية واللوجيستية وهذا بالإضافة لوجود المئات من “الكتاتيب ” داخل المدن المختلفة رغم عدم وجود إطار تنظيمي لهذه الكتاتيب
الإ انها مكنت مقدونيا من تصدر دول البلقان من حيث عدد حافظي القرآن ، فضلا عن دورهم في تنمية وعي مسلمي مقدونيا وربطهم بدينهم وتكريس الفكر المعتدل والعمل علي قطع الطريق علي أي دعاوي متطرفة لاكتساب أرض في أوساط مسلمي مقدونيا
وهو الدور الذي تلعبه الرئاسة العامة لمسلمي مقدونيا مدعومة بجهد من خمس مدارس شرعية بالمدن المختلفة تتضمن أقساما للبنات والفتيات فضلا عن كلية الدراسات الإسلامية التي تلعب دورا في تخريج دعاة إسلاميين يواصلون دورهم في تنمية وعي مسلمي مقدونيا ونفض غبار عقود من الشيوعية.
*تحدث عن بشائر صحوة إسلامية تقترب من ألبان مقدونيا رغم أنه عانوا طويلا من الحملة علي هويتهم الإسلامية ؟ .
**بالفعل هناك معالم صحوة إسلامية وهو ما يظهر بوضوح في الإقبال علي أداء الصلوات في أغلب مساجد البلاد وانتشار الحجاب الشرعي بين الفتيات والسيدات والإقبال علي الصوم وأداء الزكاة .
ومن المهم الإشارة كذلك إلي تزايد الاهتمام بأداء فريضة الحج والذين تجاوزت أعدادهم ما يقرب من 5000حاج سنويا هذا فضلا عن التوسع في إنشاء المدارس الإسلامية الكبيرة التي زادت أعداها علي خمس مدارس .
وفي مقدمة هذه المدارس مدرسة عيسي بك وفروعها المنتشرة في عديد من المدن ومرفق بهذه المدارس مكتبة إسلامية عملاقة ،تضم آلاف المخطوطات القديمة والتي يعود تاريخها لما يقرب من خمس قرون ،حيث أوكلت الرئاسة العليا للمسلمين أمر ترميمها الحفاظ عليها لأكثرمن جهة لضمان الحفاظ عليها .
*خلال الحقبة الشيوعية التي استمرت لعقود طويلة وضعت الحكومات المتعاقبة يدها علي الأوقاف الإسلامية فهل تمكنت المؤسسات الإسلامية من استعادة هذه الأوقاف والاستفادة منها في تمويل الأنشطة الإسلامية ؟
**سعت جميع المؤسسات السياسية والدينية لألبان مقدونيا لاستعادة هذه الأوقاف التي تضم مساجد وأراضي زراعية ومساكن تتجاوز مساحتها ما يقرب من 8ملايين متر جري توقيفها للإنفاق علي المؤسسات الإسلامية.
وتحظي جهود استعادة بدعم من الاتحاد الأوروبي والذي اشترط التزام حكومة سكوبيا بإعادتها للألبان لبدء مفاوضات الشراكة معها ،وقد بدأت الحكومة في إعادة بعض المساحات.
وتقوم المؤسسات الإسلامية ،باستخدام ريعها للإنفاق علي الفاعليات والمؤسسات الإسلامية, وكذلك البعثات الخارجية للطلاب في الجامعات الإسلامية والتي تزيد أعدادهم علي 1500مبتعث لجامعات مصرية وسعودية وتركية.
*في ظل هذه الأوضاع وما تتحدث عن من صحوة إسلامية فهل يتزامن ذلك مع اهتمام عربي وإسلامي بمسلمي مقدونيا الشمالية ؟
**هذا الاهتمام غير مرض بأوضاع مسلمي مقدونيا الشمالية فلا توجد مؤسسات عربية تعمل في مقدونيا باستثناء الندوة العالمية للشباب الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية ,
ولكن أنشطتها تبدو محدودة، حيث تقدم دعما للمؤسسات الدينية في مقدونيا فضلا عن تقديم منح للطلاب الألبان للدراسة في الجامعات الإسلامية ومنها جامعة الأزهر والجامعة الإسلامية فضلا عن عدد من المؤسسات الثقافية التركية التي تعمل في أوساط مسلمي مقدونيا بإيفاد أئمة لإقامة الشعائر,
وكذلك تساهم في تمويل ابتعاث طلاب من الألبان للدراسة في الجامعات التركية ,وهي المنح في تزايد لاسيما أنه لا توجد أي قيود حكومية علي الأنشطة الإسلامية الجارية في أوساط مسلمي مقدونيا. .
*ما موقف الدولة من هذا الوجود الإسلامي وهل هناك قيود علي مثل هذه الأنشطة ؟
**لا تضع الدولة أي قيود علي تواجد المنظمات الإسلامية في البلاد ,بل تقتصر مطالبها بإخطارها بشكل مسبق علي المشاريع التي ستقوم بها والحصول علي التراخيص المناسبة، والتي تتم بسهولة ويسر ,بل أن الدولة قدت قدم دعما لهذه المشاريع إذ لمست جدية واهتمام علي أبناء المسلمين.
*هناك دول بها أغلبية مسلمة في دول ما كان يعرف بيوغوسلافيا السابقة خصوصا في البوسنة وكوسوفو حجم علاقاتكم بهم ؟
**علاقاتنا وثيقة مع المؤسسات الإسلامية في البوسنة والهرسك وكوسوفو وفي مقدمتها دار الإفتاء ومجلس العلماء في البوسنة ودار الإفتاء في العاصمة الكوسوفية بريشتينا ,وهناك تبادل للخبرات وتدريب الكوادر وإيفاد دعاة والتنسيق فيما بين هذه المؤسسات في القضايا ذات الاهتمام المشترك


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق