الخميس، 30 مايو 2013

عبدالمنعم الملا الناشط في المجال الحقوقي والإنساني لـ«المجتمع»: إجرام الاحتلال الأمريكي في حق أطفال العراق سُبَّة في جبين العالم



عبدالمنعم الملا الناشط في المجال الحقوقي والإنساني
 لـ«المجتمع»: إجرام الاحتلال الأمريكي 
في حق أطفال العراق سُبَّة في جبين العالم



حاورته: إسراء البدر
دفع انتشار الحالات المعرضة للتشوهات وانتشار الأمراض وتزايد نسب السرطان في العراق بعض المهتمين إلى إنشاء مؤسسات مختصة لإحصاء تلك النسب، وأسباب الحروب في زيادتها.. «المجتمع» تسلط الضوء على ذلك من خلال الحوار مع الناشط الحقوقي عبدالمنعم الملا، مدير موقعي «المرابط العراقي» و«المغترب العراقي»، مؤسس «جمعية التشوهات السرطانية الناتجة عن الحروب» في بريطانيا.
 بوصفكم مؤسس «جمعية التشوهات السرطانية الناتجة عن الحروب»، هل تضاعفت نسبة السرطانات في العراق بعد الاحتلال؟
 - من خلال الدراسات التي قمنا بها وأقصد هنا المركز الذي تم تأسيسه في عام 2010م (مركز السرطان والتشوهات الخلقية في لندن)، نستطيع أن نرى إلى أي حد ارتفعت نسبة هذه الأمراض السرطانية بين العراقيين، وتضاعفت بشكل مهول بعد عام 2005م، وخصوصاً بين الأمهات الحوامل والأطفال الحديثي الولادة، وسأذكر لك فقط الأمراض السرطانية ذات المعدلات العالية، وهي: سرطان الدم (اللوكيميا)، والتي وصلت نسبته إلى 38 مرة ضعف النسبة الطبيعية التي لا تتجاوز 3 - 4%، ونسبة الذكور بالنسبة للإناث قد تأثرت سلباً أيضاً بمقدار 15%، وأكثر معدلات السرطان كانت في الأطفال الذين ولدوا مشوهين وفاقدين لأطرافهم.
 كم يقدر عدد المصابين بالسرطان نتيجة الحروب؟ وكيف تثبتون أنها نتيجة الحرب على العراق؟
- لا يمكننا الوصول إلى الرقم الدقيق لعدد المصابين بالسرطان نتيجة الحرب؛ نظراً للظروف الأمنية والتعتيم المقصود من قبل قوات الاحتلال وحكومته على هذه الحقائق؛ لأنها ستفضح الجرم الذي ارتكبه الاحتلال وحكومته، لكننا استطعنا أن نعطي أرقاماً تقريبية عن هذا العدد بعد أن أجرينا الدراسة البيئية الأولى (Epidemiological Survey) والتي تضمنت بيانات 850 عائلة أي ما يقارب 4800 فرد، من مختلف أحياء الفلوجة وخصوصاً الأحياء التي تأثرت بصورة كبيرة في تلك الحرب، من خلال النماذج التي استطعنا جلبها من مدينة الفلوجة والتي تتضمن عينات من المياه والأشجار والتربة التي أثبتت وجود كميات هائلة من اليورانيوم فيها، إضافة إلى الدراسة الأخيرة التي استخدمنا فيها الفحص الجيني من خلال عينات بشرية (خصلات شعر)، والذي يثبت وبالدليل القاطع أن الأسلحة التي استُخدمت ما بين عامي 2004 - 2005م كانت المسبب الرئيس لهذه الإصابات لاحتوائها على اليوارنيوم بشكل عالٍ.
 أي المناطق في العراق التي ارتفعت بها نسبة السرطانات نتيجة الحرب؟
 - البصرة كانت أولى تلك المناطق، ولكن في حديثنا عما بعد عام 2003م ستكون الفلوجة هي الأولى، استناداً إلى النسب التي حصلنا عليها بعد الدراسة الأولى المذكورة أعلاه، ونعتقد أن هذا التأثير سيستمر إلى عدة أجيال ليس في مدينة الفلوجة وحدها بل سيمتد إلى دول الجوار العراقي أيضاً، وستتضاعف نسب الإصابة وتكثر.
 كيف يمكنكم التواصل مع الداخل العراقي وتوثيق تلك الحالات؟ وما المؤسسات العراقية في الداخل التي تساعدكم على عملية التوثيق؟
- نعتمد على اتصالاتنا الوثيقة والموثقة مع جهات عراقية طبية خاصة، تعمل في نفس الحقل الذي قمنا بالبحث فيه، منهم أطباء ومختبريون وآخرون ساعدونا على جمع العينات وإرسالها، والتي كانت أصعب مرحلة من مراحل هذه الدراسات كلها، وبناءً على ما يردنا من هذه المصادر، وما يمتلكونه من خبرة بحكم قربهم من موقع الحدث، والأخذ على عاتقهم مسؤولية توثيق هذه الحالات، خصوصاً إذا عرفنا أن كل الأطفال الذين يولدون ميتين نتيجة إصاباتهم بهذه السرطانات لم يسجلوا في سجلات المستشفيات الحكومية بعد عام 2003م؛ ولهذا تصر الحكومة العراقية على عدم الاعتراف بهذه النسب في العراق، من خلال التحايل وعدم تسجيل هذه الوفيات.
 ما الغرض من الدارسات التي تعملون عليها؟ 
- الغرض الرئيسي من هذه الدراسات هو معرفة السبب الحقيقي وراء هذه الحالات السرطانية المأساوية، وبعد ذلك نبدأ بالعمل على إيجاد السبل الفاعلة للمعالجة لوقف انتشار هذه السرطانات، وللأسف نواجه عقبات ومشكلات كثيرة منها ما هو مصطنع! تضعها الجهات ذات العلاقة المباشرة والاهتمام البالغ بعدم كشف حقيقة ما حدث في مدينة الفلوجة بشكل خاص والعراق بشكل عام، وعقبات أخرى طبيعية لمثل هذا العمل البحثي الذي نقوم به، وعلى رأسها قلة الإمكانات والدعم. ثم نعمد إلى توثيقها لدى المنظمات العالمية الإنسانية العربية والغربية، ونقدمها كأدلة على جرائم حرب قامت بها قوات الاحتلال، كذلك نعمل على إطلاع المجتمع الدولي عليها من خلال نشرها في المجلات العلمية المعترف بها، ثم نحاول أن ننشرها على عدة مستويات إعلامية، تلفزيونية وصحفية خاصة الغربية منها، ونجعلها في متناول اليد للباحثين والصحفيين المهتمين بالشأن العراقي، والاطلاع على حقيقة الجرم الذي حدث فيه.
 وكيف تتواصلون مع الداخل العراقي أو حتى من هم في الخارج في متابعة وتوثيق ما يحصل في العراق؟
- في الحقيقة هناك أربعة مواقع صممتها بالتعاون مع أحد الإخوة، وهي:
 1- موقع «منظمة السرطان والتشوهات الخلقية» (www.thecbdf.org)، هذا الموقع مختص بنشر الأبحاث والدراسات التي قمنا بها وقامت بها مؤسسات أخرى، كذلك نشر التقارير والأخبار التي تخص عنوان الموقع.
 2- وموقعا «المرابط العراقي» و«صوت اللاجئ العراقي» (www.refugees.almorabit.com)، وهذا الموقع لغرض مساعدة اللاجئ العراقي والعربي في العالم والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم.
3ـ أما (www.almorabit.com)، وهذا موقع إخباري يتناول كافة الأخبار والتقارير الخاصة والعامة المنشورة إعلامياً عن الاحتلال وحكومته الفاسدة في المنطقة الخضراء.
 4- والموقع الرابع هو موقع «منظمة العراقيين المغتربين في المملكة المتحدة» (www.iraqiexpatuk.com)،وهذا الموقع يتناول المواضيع التي تخص المغتربين العراقيين في بريطانيا وينشر فعالياتهم ونشاطاتهم.
ومن خلال هذه المواقع تربطنا صلات وثيقة مع الكثير من الإخوة العاملين في مجال العمل الصحفي المحترف والهاوي في داخل العراق وخارجه، ولدينا نخبة من الكتَّاب العراقيين والمحللين السياسين الذين يرفدوننا بتقاريرهم وكتاباتهم لغرض نشرها، وهناك الكثير من التقارير التي نضعها في أرشيف مركز «المرابط العراقي» كوثائق رسمية وشبه رسمية، الغاية منها توثيق المرحلة والاستفادة منها مستقبلاً.
 اعتصامات وتظاهرات أهل السُّنة في العراق والمطالبة بإقليم سُني في العراق، هل أنتم مع هذه الفكرة أو ضدها؟ ولماذا؟
 - بالتأكيد ضدها، ولكنني لست ضد فكرة النظم الفيدرالية الحقيقية الذي تعيشه بعض الدول الأوروبية، ففكرة الأقاليم والفيدرالية التي تسألين عنها في العراق أُعدت من خلال دستور الصهيوني «نوح فليدمان» (دستور الاحتلال)، والغاية من وضع هذا النظام في الدستور هو لتمزيق العراق وتفتيته على أساس عرقي وطائفي، وإنهاء دوره التاريخي وتأثيره الجغرافي عربياً في المنطقة، وليس مبنياً على أساس فيدرالي طبيعي، وعلينا أن نحذر الألغام التي وضعها من خلال تطبيق هذا النظام، وما صلاحيات ما تسمى بالحكومة المركزية؟ وبيد من ستكون ميزانيات هذه الأقاليم؟ وما السلطة الأمنية للحكومة المركزية فيها؟!
 كونك ترفض فكرة الإقليم، ما البديل؛ البقاء تحت مظلة حكومة طائفية عاثت بالسُّنة قتلاً وتهجيراً واغتصاباً؟
- رغم أنني أكره التحدث بهذه المصطلحات، لكن الواقع يفرض علينا المرور بها، نعم صحيح السُّنة العراقيون كانوا الفئة الأكثر تأثراً بجرائم «المالكي» وإيران وأمريكا، وإلى يومنا هذا، بحيث أصبحت (المادة 4 إرهاب) تسمى بـ«مادة 4 سُنة»! وعمليات الإعدام والاغتصاب المنتظمة التي تقوم بها حكومة «المالكي» بحقهم تؤكد ما نتحدث عنه، ولكن فكرة الأقاليم والفيدرالية ليست هي البديل والمخلص من هذه الحكومة الطائفية، فأنا أعتقد أن البديل الوحيد هو استمرارية النضال ضد هذه الحكومة والعملية السياسية برمتها، وكسر قيود الخوف عن الحاضنة الشعبية للمقاومة العراقية التي أرغمت أمريكا على إعلان الانسحاب المزعوم! ومساندة المتظاهرين الذين مازالوا مرابطين ثابتين لحين إسقاط الحكومة والعملية السياسية.
 السيناريو المتوقع لإنهاء اعتصامات السُّنة في العراق، هل تتوقعون مواجهة عسكرية؟
- الدلائل تشير إلى مختلف الاتجاهات والاحتمالات، وحكومة «المالكي» استخدمت السلاح ضد المتظاهرين العزل في الفلوجة والموصل، ولم تتوانَ عن قتلهم، رغم تبني المقاومة العراقية حمايتهم، و«المالكي» لم يأتِ وينصّب بواسطة الاحتلال عبر تظاهرة أو انقلاب! الاحتلال نصَّب «المالكي» ومن قبله عبر الدبابات والطائرات والمدافع، يعني باستخدام القوة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق