الاثنين، 20 مايو 2013

المعلم يعقوب في طبعة جديدة


المعلم يعقوب في طبعة جديدة



بقلم الدكتور جابر قميحة

ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه اليوم باليوم السابق، والفرق بين الأصل وبين الجديد قد يستغرق قرونًا طويلة، تذكرت هذه المقولة وأنا أقرأ تاريخ الحملة الفرنسية على مصر 1789 – 1801م.

وقد استطاع نابليون والذين أتوا بعده أن يوظف كل الطاقات التي تخدم الحملة، وكان أظهر من خدمهم يدعى المعلم يعقوب، الذي يقول عنه الجبرتي : ".... إن يعقوب القبطي لما تظاهر مع الفرنساوية وجعلوه ساري عسكر القبطية جمع ألفي (2000) شاب من القبط، وحلق لحاهم، وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية، وصيَّرهم ساري عسكره وعزوته، وجمعهم من أقصى الصعيد، وهدم الأماكن المجاورة لحارة النصارى التي هو ساكن بها خلف الجامع الأحمر، وبنى له قلعة وسوَّرها بسور عظيم وأبراج وباب كبير، بل إنهم كانوا يقطعون الأشجار والنخيل من جميع البساتين، ولم يتورعوا عن هدم المدافن والمقابر وتسويتها بالأرض خوفًا من تترس المحاربين، حسب وصف الجبرتي...".

والخلاصة أن المعلم يعقوب النصراني هذا ومن معه كانوا أقرب إلى الفرنسيين من الفرنسيين أنفسهم: فهم عيون لهم، وهم القوة المسلطة على المصريين الذين لا تعرف قوات الحملة أسرارهم، ومنازلهم وبساتينهم ودروبهم؛ وجاء في تاريخه أن نابليون جعله على رأس حملة لتأديب الصعيد، قاد هذه الحملة الجنرال الفرنسي "ديزيه"، حتى كان المصريون يسمون هذه الحملة بحملة المعلم يعقوب، ولبطولاته (!!!!!) أهداه الجنرال ديزيه سيفًا كتب عليه "معركة عين القوصية" 24 ديسمبر 1798"، واستباح يعقوب وجنوده كل هذه المنطقة من مال وأعراض، ومساكن وبساتين.

وحينما خرجت الحملة الفرنسية من مصر منكوسة صحبت معها رجلها الخائن المخلص "المعلم يعقوب".

*****
وظهرت النسخة الجديدة من المعلم يعقوب في شخص اسمه "نجيب ساويرس" الذي كان أمينًا لذكرى سلفه: فهو يحتقر الشعب المصري، وقد ذكر الأستاذ شعبان عبد الرحمن بأن ساويرس قال على الهواء مباشرة لأحد المذيعين اللبنانيين:
 إن المصريين لا يستيقظون إلا على رائحة الفول والبصل، أما اللبنانيون فيستيقظون على رائحة الدولار الأمريكي. ووصف العامل المصري بالتدني والقذارة، في حين أنه يشعر بأن العامل اللبناني رجل أعمال.

وهو يسب الدين، ويسخر من اللحية والنقاب، وأكثر من ذلك يستعدي الولايات المتحدة لغزو مصر وتحريرها من التيار الإسلامي، وإسقاط الانتخابات الديمقراطية.

وكان نموذجًا- بل نجمًا- للنفاق في عهد مبارك المخلوع، فهو الذي قال قبل تنحي مبارك بأيام على قناة "CBC": إن الثوار لا يطالبون بتنحي مبارك، وليس من أخلاق الثورة أن تتكلم بهذا الأسلوب عن مبارك الذي خدم البلد.

وعلق على محاكمة حبيب العادلي بقوله: عيب نتكلم كده ونبهدل الراجل، فنحن لا ننسى أنه خدم البلد طوال حياته.

وهناك في هذه "الطبعة الجديدة" ما أستحي أن أذكره، لذلك أكتفي بالظاهر المشهور على قلته، غـافـلاً- عن قصد- عن الكثير المستتر والمجهول.
*****
وأخيرًا أذكِّر القارئ بالكلمات التي صدَّرْت بها مقالي وهي: ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه اليوم باليوم السابق، والفرق بين الأصل وبين الجديد قد يستغرق قرونًا طويلة، المهم أن علاقة المشابهة موجودة لم تمت.
وأذكركم بعنوان المقال ومضمونه وهو: أن المعلم يعقوب ظهر في طبعة جديدة.

* gkomeha@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق