الخميس، 23 مايو 2013

ليلة البكاء فى مدينة الإنتاج الإعلامى


ليلة البكاء فى مدينة الإنتاج الإعلامى 
ليلة البكاء فى مدينة الإنتاج الإعلامى
فراج اسماعيل

 "عملية عسكرية كبيرة في سيناء بلا ضحايا.. وضحايا بالعشرات في مدينة الإنتاج الإعلامي"..
هذا الوصف الظريف أرسله لي أحد الأصدقاء للمندبة الراقصة التي نظمتها قنوات الليل عقب إطلاق سراح الجنود المختطفين السبعة دون قطرة دم واحدة أو إذعان للخاطفين.
 كانت ليلة باكية تبادل فيها الندابون من ضيوف ومذيعين كئوس الحقد والضغينة والنوايا الخبيثة إلى درجة تشكيك نائب رئيس حزب سياسي من جبهة الإنقاذ في أن يكون هناك مختطفون أصلًا بدليل أن الجنود بصحة جيدة وبدون خدش واحد على عكس الفيديو الذي تم بثه أثناء الاختطاف وظهروا فيه بحالة سيئة.
 أحد البكّائين كان قد فاجأنا ليلة العملية بتغريدة على صفحته بأنه تم الإفراج عن جنديين وهو ما كذبه الجيش سريعًا، روى من بنات أفكاره في برنامج ليلي كواليس الإفراج عن الجنود كأنه جالس في غرفة العمليات أو يسترق السمع للاتصالات السرية بين جهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى.
 لوحظ عليه انفعاله الشديد وغضبه كأنه كان يتمنى مذبحة وأن يشهد جثث الجنود المختطفين مشيعة إلى مثواها الأخير.
وأصر على الأسطوانة الفارغة بشأن وجود خلافات بين الجيش والقيادة السياسية وخصوصًا بين الرئيس مرسي ووزير دفاعه عبدالفتاح السيسي.
غلبه انفعاله وحزنه الذي كاد يصل به إلى البكاء لأن الجنازة التي كان يريد أن يشبع فيها لطمًا، حوَّلها العمل المتكاتف بين مؤسسة الدولة الواحدة إلى يوم من الزهو العظيم للرئاسة والجيش والداخلية وأجهزة المخابرات.
 يوم يستحق أن يزهو به مرسي على حد قول المحلل الاستراتيجي والعسكري العميد صفوت الزيات، لكن صاحبنا خذله ذكاؤه في مدينة الإنتاج الإعلامي فزعم أن السيسي طلب من المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة سرعة نشر خبر الإفراج عن الجنود على صفحته الرسمية لقطع الطريق على الرئاسة، وأن مرسي لم يعلم بذلك إلا بعد نقل الجنود إلى أمانة وزارة الدفاع.
 لقد فضح بنفسه جهله الكامل بآليات التنسيق بين الرئيس كقائد أعلى وبين القيادات العسكرية والأمنية وتبادل المعلومات التي تتم بسرية كاملة، ولا أدري كيف فاتته تلك البديهيات فتكلم بما هو أوهن من خيوط العنكبوت.
 هذا الصحفي كثيرًا ما ادعى أنه أول من يعلم اللحظات الأخيرة في كل حدث وأزمة كبيرة..
 اللحظات الأخيرة لصدام حسين ومعمر القذافي ولخروج مبارك من الحكم.. وكذلك خروج المشير طنطاوي من منصبه. وأخيرًا لحظات الإفراج عن الجنود.
 ولو كان يهمنا إعصار أوكلاهوما لانفرد بتفاصيل اللحظات الأخيرة لمن طارت بهم الريح العاصفة.
 إنه أول من يعلم والوحيد الذي تصله الأسرار طائعة صاغرة، والملم بكل كبيرة وصغيرة في الجيش. من يسمعه يظن أن في يده "عفركوش" يأتيه بالأخبار قبل أن يرتدّ إليه طرفه.
 في ليلته الحزينة كاد يسرقه لسانه فيكشف لنا بشهوده العفركوشية الصندوق الأسود لموت عمر سليمان، ولولا فاصل المذيع، كاد يتورط في اتهام الإخوان وحماس لكنه انتبه وتراجع.
 في النهاية قام المذيع بقراءة روايات من كتاب صاحبنا التي لا نعرف لها مصادر سوى قوله بأنهم أحياء يرزقون.
 لم يؤكد المشير طنطاوي مرة واحدة ما يرويه عنه صاحبنا من أسرار ومواقف وحكايات لا يمكن أن يعلم بها إلا القرين.
في قناة ليلية أخرى ادعت صحفية وهي تولول متحسرة الإفراج عن 12 سجينًا مقابل إطلاق الجنود المختطفين، وقد كذبتها وزارة الداخلية على الفور.
 مذيع آخر صرخ بصوته العالي المعتاد "يا حلاوة.. هؤلاء لم يعودوا بكرامة".
 وبما أنه اعتاد على تمزيق الصحف التي يقرأ منها تعبيرًا عن غضبه العارم، كان علينا الانتظار لليوم التالي لحين صدور الصحف التي تحمل صور الجنود المفرج عنهم!
 تمنيت ألا يأخذنا ضحايا مدينة الإنتاج الإعلامي من عملية سيناء التي أدارتها مؤسسة الدولة بانسجام كامل بلا ثنائية أو ثلاثية، وقد وضح للجميع النجاح الكبير الذي حققته خلية إدارة الأزمة المكونة من رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ووزير الداخلية وقادة الجيش والشرطة والمخابرات.
 على عكس مزاعم صاحب الطلعات العفركوشية فإن الدكتور إبراهيم حمامي يؤكد أن مرسي أثبت قولًا وفعلًا أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وصاحب القرار في التعامل مع المخاطر على الأمن المصري، وهو ما شهدناه في مؤتمره الصحفي بحضور رئيس الوزراء ووزير الدفاع والجنود المحررين.
انسجام سياسي وعسكري وأمني ومخابراتي أدحض وجود أي خلاف بين مؤسسات القوة، في مقابل مهزلة إغلاق معبر رفح بدون تعليمات رسمية تأثرًا بالإعلام الليلي الذي أساء كعادته لقطاع غزة وحمله المسئولية.
 نعتقد أن ذلك لن يمر بدون تحقيق ومساءلة، فقد أساء إلى شرعية الدولة وانضباط المؤسسات الأمنية ومسئولياتها. 
farrag.ismail@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق