الاثنين، 20 مايو 2013

جريمة سيناء والتحرك المطلوب


جريمة سيناء والتحرك المطلوب
 عامر عبد المنعم



خطف جنودنا في سيناء على أيدي مجموعات مسلحة جريمة خطيرة ضد ثوابتنا الوطنية، وغدر غير مقبول مهما كانت المبررات وأيا كانت المطالب، فجيشنا هو رمز عزتنا، ولا يليق أبدا أن يقوم مصريون بهذه العملية الغادرة.
قد يكون هناك مظالم تعرض لها أهلنا في سيناء في العهد السابق على أيدي الشرطة ومباحث أمن الدولة، وقد اكتوى كل أبناء مصر بنار المظالم.
بالتأكيد هناك قضايا تحتاج إلى حل وملفات ينبغي أن تغلق، لكن من غير المنطقي أن يقوم من يشعرون بالظلم بالعدوان على مصر كلها بإهانة جنودنا في سيناء بهذه الطريقة التي لا تستطيع اسرائيل أن تفعلها.
الإدانة لما حدث واجبة على كل وطني غيور، ونطالب الخاطفين بالإفراج الفوري عن الجنود المخطوفين، وأن لا يبقوا ليلة واحدة رهن الاحتجاز، حتى لو كانوا معززين مكرمين، كما يزعمون.
لقد اهتز الضمير الوطني بهذه الفعلة، التي تدق ناقوس الخطر وتفضح ما وصلنا إليه من ارتباك للثوابت الدينية والوطنية، واختلال ميزان القيم في البلاد، وغياب روح الانتماء الوطني.
هل يعقل أن يكون الجندي المصري غير آمن على نفسه في وطنه؟وبدلا من أن يوجه صدره تجاه العدو وهو آمن على ظهره، يأتيه الخطر من خلفه؟ من إخوانه وأشقائه؟
ما هذا العار الذي وصلنا إليه، أو بالأحرى الذي أوصلونا إليه؟
وبقدر إدانتنا لمن خطفوا جنودنا البواسل ندين سياسة الدولة الفاشلة في التعامل مع سيناء، سواء في الماضي أو الآن، ولم يعد من المنطقي أن تتحرك الدولة بتوجيه من مجموعة من الإعلاميين الموجهين في البرامج الليلية على بعض الفضائيات التي يملكها حفنة من رجال الأعمال المرتبطين بالخارج، يعملون على شيطنة سيناء وأهلها، والتعامل معها على أنها قضية أمنية، وأن يكون التعامل الوحيد معها بالقمع البوليسي.
سيناء جزء عزيز من الوطن، والقبلية بها ليست شرا كما يصور الإعلام المضلل، فالقبلية هي التي حافظت على هذه المنطقة رغم الاحتلال منذ 67 وحتى خروج اليهود بعد كامب ديفيد.
إن تمسك أهلنا في سيناء بالإسلام والأخلاق العربية الأصيلة، هو العامل الذي يقوي ارتباطهم بأمتهم وليس العكس.
سيناء ليست قضية أمنية تترك لوزارة الداخلية وأجهزتها تتعامل معها بذات الأساليب القمعية التي تستخدم في بقية عموم مصر ولا تراعي الطبيعة القبلية وحساسية التعامل المباشر.
لقد زرت سيناء منذ عشرين عاما تقريبا، ويومها شعرت بأن الحكم المصري لا يقدر أهمية هذه المنطقة، وأن القائمين على الأمور يتعمدون الاستخفاف بها.
ويومها كتبت عن دهشتي من تحويل نظام مبارك سيناء إلى منتجع قائم على سياحة الشواطيء، على غير رغبة سكانها، ورغم ما بها من كنوز وثروات، التي لو استغلت لفتحت لمصر آفاقا واسعة، خدمت أهل سيناء وباقي سكان مصر.
ومع تحويل شرم الشيخ إلى مقر شبه دائم للرئيس السابق، وازدياد حركة الاسرائيليين في المنطقة (ج) غير المحمية من القوات المسلحة وفقا لكامب ديفيد بدأت القبضة الأمنية البوليسية تزداد يوما بعد يوم، واعتمد مبارك على الشرطة وأساليبها القمعية، فارتكبت فظائع ضد السيناويين، وعاثت أمن الدولة فسادا في كل سيناء وسعت بغباء شديد لتفكيك القبائل، وأهانت شيوخها، واستباحت الحرمات واحتجزت الرهائن وعذبت المعتقلين وسامتهم سوء العذاب، ولفقت القضايا لإرضاء شهوة مبارك السادية، حتى قامت الثورة.
بعد 25 يناير سعى السيناويون للانتقام من الشرطة التي يرون أنها ظلمتهم، فتمت بعض الهجمات على بعض المقار، واستمر هذا التحرك الانتقامي حتى تم انتخاب الرئيس مرسي، فهدأت الأوضاع بعض الوقت إلى أن تم قتل جنودنا في رفح في عملية غادرة، مصدر المعلومات الوحيد عنها الكيان الصهيوني، فعاد من جديد صوت الحرب والتحريض، حتى وصلنا إلى المأساة بخطف جنودنا على أيدي من يتوهمون أنهم يحسنون صنعا.
نتمنى أن تكون الواقعة الأخيرة بداية لحل الملف كله وليس تعقيد المشكلة، ونرجو إنهاء الأزمة وعدم تحويلها إلى صراع، وهذا يتم برد المظالم، وتصحيح السياسة المتبعة فورا، والنظر إلى الملف بعين سياسية عاقلة، تتخلص من تصفية الحسابات، ولا تلقي بالا لأبواق الشياطين أعوان إسرائيل، الذين يسعون دوما لشيطنة أهلنا في سيناء وفي غزة وترديد الاتهامات الصهيونية، ولا هم لهم إلا استمرار التوتر في هذه البقعة الغالية من أرض الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق