الأربعاء، 22 مايو 2013

قنوات الليل وصحف المصدر العسكرى


قنوات الليل وصحف المصدر العسكرى
 فراج اسماعيل

 ضربت أمس أمثلة بثلاثة تدخلات عسكرية مصرية لإنقاذ رهائن. عدا واحدة وكانت بمطار الأقصر، فإن الخسائر جسيمة.
 عملية مالطا وحدها أسفرت عن مصرع أكثر من ثلثي الرهائن. ذلك مع الأخذ في الاعتبار أن العمليات الثلاث تمت في مواقع سهلة ومعروفة وضد أهداف مرئية ومحددة بدقة شديدة، وقد ساهمت المخابرات الأمريكية في عملية مالطا ووفرت للقوة المصرية المهاجمة دعمًا لوجستيًا.
 تدخل عسكري مشابه في سيناء محفوف بالمخاطر على حياة المخطوفين الذين تنتظرهم أسرهم بقلق وسهر الليالي والخشية الشديدة على حياتهم.
 علينا تقدير أن الهدف يجب أن يكون إنسانيًا في المقام الأول، فما يهم عائلاتهم ليس هيبة مصر أو هيبة جيشها ولا انتصار يحتفل به البعض أو فشل يستغله المتصارعون على الحكم.
 تعنيهم أولًا وأخيرًا حياة أبنائهم الذين اختطفهم خونة لا دين لهم ولا وطنية بدليل الفيديو الخارج عن أي معانٍ إنسانية.
أنا لا أفهم تلك الحملة المعادية في قنوات الليل على القيادة السياسية والجيش.
سيناء لم تكن في يوم من الأيام واحة آمنة، فكثيرًا ما استهدفتها التفجيرات ولم تترك مكانًا بمنأى عن ذلك، بما فيها مدينة شرم الشيخ عاصمة مبارك وملاذه والتي كانت حراساتها تسترق السمع لدبيب النمل وتفتش عن الإبرة في أكوام القش.
مهزلة كبيرة أن يستغل بعض الكتبة ومقدمي البرامج الحوارية ذلك داعيًا "لفك أسر حبيب العادلي".. فهل منع العادلي تفجيرات طابا والشيخ زويد وشرم الشيخ وغيرها؟!.. أليست سياسته الأمنية الغشيمة سببًا في تلك الهوة النفسية بين أهالي سيناء والوطن الأم، وألم يكن وراء مقارنة البعض في سيناء بين حالهم بعد تحريرها وحالهم أيام الاحتلال الإسرائيلي؟!
سهل يسير للغاية على مغامرين أو بلطجية اختطاف مجندين عائدين من إجازاتهم في سيارات أجرة، ولا يمكن افتراض أن الجيش والشرطة يؤمن لهم الحماية في طريق جبلي طويل في أوقات لا يجوز السير فيها مهما بلغت درجات الأمن المتوفرة. الربط بين الاختطاف ومهابة الجيش متعسف إلى أقصى الحدود تستهدفه قنوات الليل في الإساءة للفريق أول عبد الفتاح السيسي، فقد وجدتها فرصة مواتية للنيل منه.
المشكلة ليست في قنوات الليل ولا في صحف المصدر العسكري المطلع ولكن في التساهل معها والتسامح تجاهها في قضايا الأمن القومي.
الموضوعات العسكرية محظورة إعلاميًا في جميع بلاد الدنيا ما عدا مصر، والأدهى أنه يتم التعامل معها عندنا بالخيال الخصب، فيكتب المحرر ما شاء له من "نخع" ينسبه إلى ذلك المصدر الذي يخصه وحده بأخبار الاجتماعات المغلقة بين مرسي ووزيري دفاعه وداخليته ورئيس المخابرات العامة!
ياسر رزق رئيس تحرير المصري اليوم ومجدي الجلاد رئيس تحرير الوطن يستحقان جائزة أفضل رؤساء التحرير في تاريخ الصحافة المصرية لو كانت صادقة تلك المانشيتات المثيرة التي تتصدر صحيفتيهما كل نهار منسوبة إلى المصدر العسكري إياه، أما لو غير ذلك فأكيد أن "المارستان" هو المكان المناسب.
 أتمنى ألا تتأثر القيادة السياسية أو العسكرية بتحريض أجوف من قنوات الليل وصحف المصدر المجهول، فتدخل في معركة مفتوحة مضحية بمن ينتظرهم أهلهم بدموع العين والقلب، لدرجة أن والد أحدهم يتوسل أن يؤخذ بدلًا منه ليعود الابن لأمه المريضة.
 لابد أن تكون النتائج مضمونة تمامًا للعملية العسكرية، فلا ينبغي دخول الجيش معركة خاسرة متأثرًا بالتحريض الذي سيتحول إلى شماتة بالغة يحضرون لها من الآن في حالة الفشل لا قدر الله.
 مرة أخرى أحذر من قنوات الليل وصحف المصدر العسكري المجهول..
 farrag.ismail@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق