الاثنين، 27 مايو 2013

قضاء الشامخ.. حصننا الظريف «الأخير سابقا»


قضاء الشامخ.. حصننا الظريف «الأخير سابقا»

وائل قنديل

من المقولات ذائعة الصيت فى أدبيات الصحافة والسياسة فى مصر «القضاء حصننا الأخير» لكن يبدو أن القضاء قرر أن يتمرد على ما عرف عنه، ويدخل معمعة السياسة لاعبا أساسيا من الباب الواسع.

وتذكر جيدا أنه فى المرة الآولى التى أحيل فيها قانون الانتخابات من مجلس الشورى (التشريعى رغم أنفه وأنفنا) إلى المحكمة الدستورية أعادت الأخيرة القانون طالبة تعديلات فى عدد من المواد فى حدود أصابع اليد الواحدة، ودار اشتباك حامى الوطيس حول رقابة الدستورية على القوانين، وانقسمت الأمة إلى فريقين، أحدهما يتشبث بأن الرقابة سابقة بنص الدستور الجديد، وعلى ذلك لا إلزام لمجلس الشورى بإرجاع القانون للمحكمة الدستورية بعد استيفاء ملاحظاتها.. والفريق الآخر يتمسك بأن الرقابة لاحقة وبالتالى على الشورى إعادة القانون إلى المحكمة مرة أخرى.. وقد كان.

وبالأمس فقط أعلنت الدستورية نتيجة امتحان التلميذ (الشورى) بعد تصحيح ورقة الإجابة للمرة الثانية وكانت المفاجأة أن المجلس التشريعى صار راسبا فى ١٣ مادة، بعد أن كان فى المرة الأولى راسبا فى خمس أو ست مواد فقط.

الدستورية هى الدستورية والشورى هو الشورى والقانون تم تكييفه بما يتماشى مع ملاحظات المحكمة على النسخة الأولى منه.. فماذا حدث لكى تضاعف «الدستورية» عدد مواد الرسوب التشريعى؟

ثم نأتى إلى الأهم والأخطر وهو إلزام المحكمة الدستورية العليا مجلس الشورى بالسماح لضباط وأفراد الجيش والشرطة بالتصويت فى الانتخابات.

هنا لن تكون مهينا للقضاء الشامخ لو قلت إن هذا الحكم أو القرار أو الإلزام يفتح أبوابا للجحيم، ويؤدى إلى حالة من التفكك والصدام بإقحام أطراف من المفترض أن دورها هو إدارة اللعبة السياسية، إلى أرضية الملعب لكى تمارس اللعبة وتنافس المتنافسين، الأمر الذى يدفعك للتساؤل: لماذا لم تعترض الدستورية على منع العسكريين وأفراد الشرطة من التصويت فى المرة الأولى التى نظرت فيها القانون، ثم قررت أن تعترض فجأة فى المرة الثانية؟

سؤال آخر: هل تعى الدستورية خطورة هذه الخطوة؟ هل تعرف ماذا لو أصبح عندنا جيش بيصوت؟

والسؤال الأخير طرحه الباحث السياسى أحمد فهمى وصاغه ببراعة فى مجموعة من الأسئلة والأجوبة على صفحته على «فيس بوك»، كالتالى: مهزلة طبعا..

بعد كم دورة انتخابات، هتلاقى أحزاب جديدة تؤسس لتخطب ود العسكر باعتبارهم شريحة تصويتية مهمة..

ممكن مثلا يتأسس حزب اسمه «مصر المشاة» أو حزب «الطيار الشعبى»..

أو ممكن حزب يسمى نفسه «حزب الانتباه» حتى يهتف الجنود باسمه يوميا عدة مرات: كتيبة انتباه..

وطبعا لازم الوعود الانتخابية للمرشحين تتناسب مع هذه الشريحة، يعنى مثلا: تصريح لكل عسكرى ــ الشعب يريد إلغاء الشرطة العسكرية ــ نعم للكتافة البلاتين ــ لا للتمييز الطبقى ضد الصولات.. إلخ

وممكن نغير شعار الثورة لأسباب انتخابية ويبقى: عيش ــ حرية ــ سلاح المدفعية..

ده غير مشاكل التصويت نفسها، خد عندك كمثال:
الجيش مينفعش ياخد إجازة مرة واحدة، وفيه حرس حدود مينفعش يتركوا مواقعهم علشان ينتخبوا، طيب نعملهم إيه؟ بسيطة، نخصص لهم جولة جديدة..

كده هيبقى عندنا 3 انتخابات: المصريون بالداخل، المصريون بالخارج، المصريون على الحدود..

يعنى يسيل دمنا علشان نطلع العسكر بره السياسة من الباب، الدستورية ترجعهم من الشباك..

أحسن حل إننا نعمل دستور جديد، ونخلى أعضاء الدستورية تلاتة بس..

وعلى قدر ما تحمل هذه الأسئلة من سخرية شديدة، فإنها وغيرها تعبر عن قلق حقيقى يعصف بكل من يخشى على هذا البلد من الانشطار..
غير أنك لن تعدم تبريرا وتسويغا لهذه القفزة المخيفة فى جحيم المجهول من جانب الذين صدعونا بالدولة المدنية وحتمية إبعاد الجيش والشرطة عن سعير اللعبة السياسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق