الخميس، 6 يونيو 2013

القصير لم تسقط.. العرب من سقطوا


القصير لم تسقط.. العرب من سقطوا
 فراج اسماعيل

 كان كئيبًا وثقيلًا على النفس جدًا أن أبدأ صباحي يوم الأربعاء 5/6 بخبر دخول قوات الأسد وحزب الله مدينة القصير والسيطرة عليها.

شعرت أنها إحدى الهزائم التي نكبت بها الأمة بسبب تقصيرها واختلافها وتهاونها.

 مئات الشهداء في القصير ونساء تعرضن للاغتصاب والإذلال وأطفال جرى دفنهم أحياءً.

جميعهم ضحية أمة متخاذلة تفرغت للمؤتمرات والقرارات وبيانات التأييد للشعب السوري في انتظار تدخل أمريكي وغربي لن يحدث.

 بدا المشهد صباح الأربعاء كالتالي: تحالف قوات بشار وإيران وحزب الله مع متطوعين من الشيعة الطائفيين القادمين من العراق ودول أخرى يحقق انتصارًا مهمًا على الأرض في القصير ذات الموقع الاستراتيجي على طريق يربط لبنان بسوريا، وهو انتصار مرشح للامتداد إلى مواقع أخرى.

على الطرف الآخر تقف ثورة الشعب السوري يتيمة الأب والأم والأقارب والأصدقاء.

 اتكالية عربية وتردد غربي وشبه رفض أمريكي لما أعلنته فرنسا بحصولها على دلائل استخدام قوات النظام للغازات السامة وذلك يعني استبعاد التدخل العسكري، فواشنطن التي غزت العراق من غير دليل على وجود الأسلحة النووية، لا تصدق أدلة لوحت بها باريس وتطالب بالمزيد في استهلاك واضح للوقت لصالح نظام بشار الأسد.

العالم العربي اكتفى بطرد النظام من الجامعة العربية، ثم غل يده عن تقديم المساعدات العسكرية للشعب السوري للدفاع عن نفسه، وتحولت القضية عنده إلى موضوع لاجئين وتوصيل المساعدات لهم، عدا ما نسمعه عن استغلال بشع يجري ولوجه من باب التكاتف الاجتماعي بعروض الزواج من سوريات.

في رسالة ذات دلالة وجه النظام بعد دخوله القصير رسالة لسكانها بالعودة إلى بيوتهم وأرزاقهم، معلنًا أنه فرض الأمن كاملًا وفي طريقه لباقي المدن والمحافظات السورية.

كثيرة هزائم العرب بسبب تخاذلهم، وخسارة الثوار لمعركة القصير واحدة من الهزائم الكبرى وقد نتجت عن هواجس من إمكانية وصول السلاح إلى إرهابيين من القاعدة وجماعات سلفية.

أي أن الدول العربية سقطت أسيرة "فوبيا" خلقها نظام الأسد وحليفاه طهران وحزب الله بالإضافة للحليف الدولي موسكو. الثورة السورية ضحية عقدة الخوف من القاعدة والجماعات الأصولية التي تعانيها الولايات المتحدة والعواصم الغربية، واستفاد نظام الأسد من ذلك والآن نجده يقترب من تحقيق أهدافه خصوصًا بعد مخطط تم تنفيذه بإتقان لإلهاء تركيا بمشاكل داخلية.

رجب طيب أردوغان طرح شبهة تدخل مخابراتي وأطراف داخلية ودولية في المظاهرات التركية، فهل لذلك علاقة بالنتائج التي أفضت إليها معركة القصير في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء؟..الأمر أقرب إلى مؤامرة حقيقية من أن يكون افتراضًا. حزب الله لم يدفع بعناصره فقط في معركة القصير بل قام باستدعاء طائفي دولي بتنظيم حملة تجنيد واسعة النطاق للشبان العراقيين والباكستانيين والأفغان الشيعة. 

الكاتب والباحث في التاريخ الحديث الدكتور بشير موسى نافع فسر ذلك في مقال بالقدس العربي (الأربعاء 5/6) بأن القيادات الإيرانية وقيادات الحزب ترى في سوريا معركة طائفية بحتة.

ما إن تم الإعلان عن السيطرة على القصير، حتى احتفل به حزب الله بالأعلام التي رفعت في الضاحية الجنوبية من بيروت وتصريحات من نائب أمينه العام، وهنأت إيران نظام بشار الأسد على لسان نائب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان.

 احتفلت به إسرائيل أيضًا، فقد اعتبرت قناتها الثانية "أنه انتصار مهم للأسد وهزيمة نكراء لمعارضيه وأن المعارضة في مسار تراجعي ويد الأسد هي العليا" لكن القناة استدركت بأن معركة القصير ما كانت لتحسم لولا تدخل حزب الله. 

سقوط القصير التي كانت بيد الثوار لمدة عام كامل ليست هزيمة لهم فقد استبسلوا وواجهوا بأعدادهم القليلة وأسلحتهم الصغيرة مذابح ارتكبها جيش وطيران حربي وميليشيات حزب الله ومتطوعون شيعة طائفيون من دول عدة، لكنها هزيمة للتخاذل العربي والإسلامي الذي اكتفى بالحروب التليفزيونية والاستعراضات السياسية.

 صدق الفنان المعتزل فضل شاكر "القصير لم تسقط.. نحن من سقط".

 farrag.ismail@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق