السبت، 8 يونيو 2013

ماذا حين يتآمر الجميع على إيران .. حتى قطر؟!


ماذا حين يتآمر الجميع على إيران .. حتى قطر؟!
 ياسر الزعاترة


منذ أسابيع والقيادة الإيرانية توزع الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال، وتكيل التهديدات أيضا، وبالطبع على مشارف انتخابات الرئاسة التي تعيش هواجسها بشكل هستيري خشية حدوث اضطرابات على شاكلة ما حدث في انتخابات 2009، ولكن بزخم أكبر تبعا للوضع الداخلي المضطرب.

المطلوب من أجل لجم حراك الشارع أن يجري إقناعه بأن بلاده تتعرض لمؤامرة كونية ينبغي تبعا لها أن يسكت الجميع وينصاعوا لتفاصيل مخطط التصدي لها من قبل “القيادة الحكيمة”، ومن لا يفعل ذلك، فهو خائن لوطنه ودينه، ولـ”صاحب الزمان” أيضا!!

ثمة أكثر من ملف يؤثر في انتخابات الرئاسة الإيرانية، لكن العنوان الجامع لها هو السياسة الخارجية للنظام، والتي أدت إلى عزلة دولية وإقليمية لإيران كدولة، بما يترتب على ذلك من عقوبات دولية أدت إلى إرهاق المواطن الإيراني الذي تتمتع بلاده بثروات طبيعية وإمكانات تؤهلها لمنح مواطنها حياة جيدة جدا.

السياسة الخارجية التي تتبناها القيادة تتمثل في مطاردة مشروع إقليمي يفوق إمكاناتها وقدراتها، الأمر الذي أدخلها في صراعات مع الوضع الدولي والعربي والإقليمي، وكلفها إلى جانب العقوبات عشرات المليارات من الدولارات، والأمر هنا لا يتعلق بدعم المقاومة في فلسطين، ولا حتى لبنان (رغم كونه جزءا من المشروع)، فمثل هذا الدعم لم يكن ليرتب على دولة بحجم إيران الكثير من الأعباء، لكن الإصرار على المشروع النووي، كجزء من المشروع إياه، وما رتبه من عقوبات كان قاصمة الظهر، وجاء الدعم لنظام بشار، ليضيف عبئا اقتصاديا هائلا يفوق ما دفعته إيران في لبنان وفلسطين بأضعاف مضاعفة (دعك من العبء الأخلاقي ممثلا في الوقوف إلى جانب طاغية يقتل شعبه).

من هنا لا يحضر الملف النووي، بوصفه أساس العقوبات التي أرهقت المواطن الإيراني غير المقتنع به فحسب، بل يحضر الملف السوري بشكل أكثر وضوحا أيضا، ولذلك عملت إيران على دفع مبالغ طائلة خلال الشهور الماضية، مع دفع حزب الله نحو التورط المباشر في الحرب من أجل تغيير ميزان القوى في سوريا قبل الانتخابات كيلا تشجع المعارضين على النزول إلى الشارع.

وفي حين سجلت هذه السياسة نجاحا نسبيا بتقدم نظام بشار عسكريا في بعض المناطق، وآخرها احتلال القصير، فإن أحدا لا يبدو في وارد القناعة بأن نهاية المعركة ستكون لصالح النظام السوري، لاسيما أن الجميع يلاحظون حالة الحشد المذهبي التي أدخلت إيران في عداء سافر مع غالبية الأمة الإسلامية، فيما يلاحظون أيضا أن إصرار الشعب السوري على الانتصار، وكذلك حال بعض داعميه، لن يترك مجالا لغير ذلك مهما طال أمد الحرب، مع القناعة بأن طولها سيعني مزيدا من الاستنزاف لإيران تحديد بوصفها الممول الوحيد لتلك الحرب، إذ أن روسيا لا تدفع مجانا بأي حال.

في سياق إقناع المواطن الإيراني بضرورة الالتفاف حول قيادته من أجل مواجهة المؤامرة، لم تترك تلك القيادة أحدا إلا واتهمته بالتورط في استهدافها، بدءا بالموساد وأمريكا وفرنسا، وليس انتهاءً بقطر والسعودية، فضلا عن تهديد “المتورطين” بدعم الثورة السورية.

إيران في هذا السياق ذهبت تهدد الجميع، من تركيا إلى السعودية، وحتى الأردن، وليس انتهاءً بقطر التي دعمت (بحسب طهران) مؤامرة تخريبية بمناسبة الانتخابات، الأمر الذي استدعى تهديدا مباشرا، سبقه آخر قبل أسبوعين، حين وجه مصدر إيراني رسمي تهديدا لها بالكف عن “استخدام المال السياسي في العبث بأمن المنطقة”.

على هذا الصعيد نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله إعلان إيران عن أنها “تمكنت من تفكيك واعتقال جميع عناصر شبكة إرهابية كانت تنوي القيام بأعمال تخريبية أثناء إجراء انتخابات الرئاسة، بدعم وإيعاز من قطر التي تحدثت معلومات عن أنها أبلغت تحذيرا شديد اللهجة”.

وأوضحت وزارة الأمن الإيرانية، في بيان لها، أن زعيم هذه الشبكة جنّده قبل عدة سنوات “جهاز استخبارات دولة تُعَدّ من أكثر الدول العربية عمالة ورجعية”. وقد استدعي القنصل القطري لإبلاغه الاحتجاج. ولا ننسى هنا أن تهديدا صدر لعدد من الدول الداعمة للثورة السورية باستهدافها أمنيا إذا لم تغير سياستها.

والحال أن هذه التهديدات الإيرانية، لا تنحصر في هاجس الانتخابات الرئاسية، بل تشمل أيضا مساعي للحيلولة دون هزيمة في سوريا ستكون لها تداعياتها على الوضع في العراق ولبنان، لكن ذلك كله لن يغير في حقيقة أننا إزاء معركة نهايتها معروفة، وإن يكن التنبؤ بمداها الزمني وتفاصيلها، وربما تداعياتها كاملة أمرا بالغ الصعوبة.

وإذا اعتقدت إيران أن بوسعها اللعب على وتر الأمن في عدد من الدول العربية، وكذلك في تركيا، فإن عليها ألا تنسى أن بالإمكان فعل ذات الشيء عندها، هي التي تحفل ساحتها بتناقضات كبيرة يمكن استغلالها أيضا من قبل الآخرين.

لقد فقدت إيران رشدها، وهي بدعمها نظام بشار وإثارة هذا الحشد المذهبي في المنطقة، تمضي بالوضع نحو مسارات بائسة  
على الجميع، لكنها ستكون عليها أكثر بؤسا بكثير.
 ومن يعش يرَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق