الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

طبيب سوري يروي قصة " الهجرة المأساوية "

طبيب سوري يروي قصة " الهجرة المأساوية " التي انتهت بفقدانه لزوجته و أطفاله الثلاثة





(زوجة الدكتور مازن دهان)
فقدت هي و أطفالها الثلاثة (طارق و محمد و بشر) في حادثة غرق السفينة المتجهة إلى إيطاليا 


روى طبيب سوري قصة مأساوية لهجرته عن طريق البحر، مشيراً إلى أنها انتهت بغرق السفينة و فقدانه لزوجته و أطفاله الثلاثة.

و أكد الطبيب السوري " مازن دهان " أنه اتخذ كل احتياطاته قبل السفر، مشيراً إلى أنه ترافق مع 30 طبيب سوري مع عائلاتهم خلال الرحلة التي انتهت بغرق السفينة.

القصة الكاملة كما نشرها الطبيب دهان على صفحته الشخصية في فيسبوك : 

هذه المصيبة التي حصلت ، هي البلاء الأعظم الذي اصابني في كل عمري و رغم كل ما يقوله الناس او سيقولونه فأنا لست أول شخص يقوم بهذه الرحلة ، لكن تحالفت كل الظروف على ان يحصل قضاء الله ، من اطلاق النار وتأذي جسم السفينة بفعل رصاص الكلاشنيكوف وتسرب المياه والملاحقة التي استمرت 4 ساعات متواصلة والتي غيرت مسار الرحلة لساعات عديدة كانت كفيلة بالوصول الى لمبدوزا في وقت باكر وتأخر المساعدات والانقاذ حيث وصلت اول سفينة بعد سبع ساعات من اتصالنا الأول بايطاليا و طريقة انقلاب المركب التي كانت سبب اساسي لاحتجاز العشرات تحتها و خاصة من كان يملك ستر النجاة حيث دفعته السترة للاعلى و المركب غاص للاسفل.

زوجتي كانت أمامي مباشرة و عندما بدأ القارب بالتمايل رفعت الاطفال للدور العلوي لأنه كان أأمن وفجأة و بلحظة انقلب المركب 180 درجة الى يمينه ، فاصبح الشباك الذي أمامنا فوقنا ، بسرعة ضممت زوجتي من الخلف لاصعد بها للاعلى لكن قوة الماء الكبيرة و سرعة الانقلاب افلتت يداي و فجأة رأيت نفسي بدونها و المركب رأس على عقب اصبت بالانهيار و الصدمة انقض عدة اشخاص فوقي لا يعرفون السباحة و حاولوا اغراقي دفعتهم بعيدا عني و بحثت عن زوجتي والاولاد لكن لا أثر رغم ان بعض الشهود قالوا انه رأى زوجتي مع طفلين و بعضهم رأى ابني محمد يسبح ، لا أعلم مدى صحة هذا الامر إلا ان الاكيد انهم لم يروا على قوارب النجاة الرسمية

خلاصة الكلام أن ما حصل لم يكن ليحصل لولا أن شاء الله لو أراد الله أن لا يحصل لتعثرت الرحلة على اهون سبب .. اخترنا أكبر سفينة وأفضل شخص للسفر عن طريقه و أجلنا الرحلة لمدة اسبوع بعد ان تجمعنا وذلك بعد متابعة حالة الطقس و لم نسافر الا والطقس بحرارة 29 و سرعة الريح 6 كم/سا ، سافرت أنا وثلاثون طبيب من خيرة الأطباء مع عائلاتهم ، اعتقدنا اننا درسنا الموضوع بشكل جيد ، لكنه عُمي على قلوبنا و عقولنا من ناحية احتمال الغرق مع انه الاحتمال بحد ذاته كان ضعيفا (حيث انه كل يوم تسافر سفينتان بشكل وسطي من مصر او ليبيا و نسبة السفن التي غرقت لا تتجاوز الواحدة شهريا خلال الخمس الأشهر الأخيرة و تم انقاذ اغلب الناس فيهم) ، يعني نسبة حدوث حادث كهذا لا يتجاوز 1٪ ، نعم قد نكون أخطأنا في اختيارنا وكل ابن آدم خطاء ، لكن حرصنا على الخروج بسرعة في ظل المستقبل الاسود في سوريا دفعنا لهذا الخيار.

لكن بعض ضعاف النفوس فوق همنا الذي يبلغ الجبال يصر على اللوم و العتب و تحميل المسؤولية .. اتصل بي اناس كثيرون . بعضهم كانت كلماته مثل البلسم و الآخر كلماته مثل السم الرعاف !! و كأن الحذر كان لينجيهم من القدر و صدقا أنا لم أعرف لم كان الايمان بالقضاء والقدر جزئا لا يتجزء من الايمان إلا بعد هذه المصيبة .. وكأن هؤلاء الناس لو كتب لهم ان يتخذوا كل ما يدرء الموت عنهم وعن اولادهم فهم بمأمن ناجين من قضاء الله وقدره اناس اتصلوا من داخل حمص المحاصرة ومن قلب الوعر كي يواسونني و اناس بأفضل احوالهم اتصلت كي تشمت و تضع الملامة احب ان اوصل رسالة لهم ان ما اصابك لم يكن ليخطأك و ما اخطأك لم يكن ليصيبك لو حصلت اي مصيبة في الدنيا فانها تكون مقدرة قوله تعالى : ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم.

وقال ابن عباس : هو أن يجعل الله في قلبه اليقين ليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه .. مهما تكلم المتكلمون فإن جرحي عميق لا يبرئه الا عودتهم او ذهابي ورائهم .. ما اضطرني الى السفر هو عدم الشعور بالامان بسبب انه منذ شهر ونصف تعرضت لسرقة كافة اغراضي والسارق استطعت القبض عليه و بعد شهر في السجن اصبح طليقا و يشكل تهديد لي ولعائلتي في ظل انعدام القانون في ليبيا.

سافرنا بغرض نبيل و هو ان تحيا عائلتي عيشة كريمة وكل من لا يرى هذا سببا مقنعا لينظر الى المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف هاجر الى المدينة و معه كل المسلمون خوفا على حياتهم وأمنهم ودينهم .. أخيرا أنا على يقين أن ما حصل حصل بعلم الله وبمشيئته و لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.

إن كانت زوجتي واولادي أحياء ومفقودين في مكان ما فأدعوا الله أن يردهم سالمين و إن كانوا في العالم الآخر فمن أنا اذا اراد الله أن يرزقها الشهادة (والغريق شهيد فقد روى ابو هريرة رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله متفق عليه. ) و من أنا اذا اراد الله لاولادي ان يسبقوني للجنة و ان يكونوا شفعاء لي و الشهيد يشفع لسبعين من اهله و من منازل الشهداء ما روى المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للشهيد عند الله سبع خصال: يغفر له في اول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الاكبر، ويحلى حلية الايمان ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين انساناً من اهله رواه احمد والترمذي وابن ماجة، وهو صحيح.

لله ما أعطى ولله ما أخذ .. إن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و لا نقول إلا ما يرضي ربنا و إنا يا ريم و يا محمد ويا طارق ويا بشر على فراقكم لمحزونون مفطور قلبنا ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وانا اليه راجعون.

هناك تعليقان (2):

  1. الله يصبرك يا أخي الحبيب الملتقى في الجنة ان شاء الله

    ردحذف
  2. أنت لم تخلقهم ولم ترزقهم
    فالذي خلقهم ورزقهم قدر أجلهم
    وأنت واجب وقتك هو الرضى والتسليم
    ولو كشف لك القدر ما أخترت لهم إلا ذلك
    جمعكم الله في فردوسه الأعلى
    وأنتقم من ظالمكم

    ردحذف