سلام عليكم ورحمة الله هذه رسالة الدكتور محمد جلال القصاص من المعتقل لكل الاحرار فك الله اسره هو وكل الأمة الاسلامية
·
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
الحمد لله على نعمة الاعتقال
درس الاعتقال الأول: الموت !!
قبل الفجر بساعتين جاءت عصابة الشر: ضباط، وأمناء، ومخبرون، وعسكر ملثمون مدججون بالسلاح، وغفر، ومن لا أعرف... كأنها الحرب!!
جلس البغيض على مكتبي ينظر ماذا أفعل، وكنت قد انتهيت من طباعة رسالة الماجستير لأرسلها للجنة المناقشة. أخذوا الجهاز والرسالة وأخرجت من بيتي...
لم أنطق بغير الثناء على الله، وأن قضاءه كله خير وأن الشر بالذنوب والله يعفو عن كثير، والرجاء أن يمن الكريم المنان بحفظ الأهل والذرية والمال وأن يتولى أمرنا كله... ومن ساعتها وشئ واحد يدور بخاطري... إنه الموت !!
أقول كما الموت جاءوا بغتة، وأخذوني... حيل بيني وبين ما أشتهي، وجعلت أردد قول الله تعالى " وحيل بينهم وبين ما يشتهون" ، "ما ينظرون إلاّ صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون"
كنت أظن مرارة الاعتقال في الضرب والإهانة والبعد عن الناس (التجمع)، وأستهون هذا كله... وأقول يقول الإمام أحمد أو من قال للإمام أحمد يجلد في طاعة وأجلد في معصية، ولا حاجة لي في الناس... إني خلصت بأهلي...
ظهر لي شئ آخر شديد المرارة... وهو فراق الزوجة والأبناء وخاصة الأقرباء، وجعلت أردد قول الله تعالى: " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة" ، " وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة..."
حيل بيني وبين عناق 'سارة' ابنتي، وعناق 'مريم' أحملها على عاتقي، وتقبيل صغيرتي 'عائشة'، وإيقاظ 'جلال' بالقبلات واصطحابه للمسجد في الظلام...
إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة... كأني لم أقرأها قبل !!
ويستشعر القلب منة الله بالجمع بين الرجل وأهله يوم القيامة "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ"
مر بي يوم عصيب؛ من الصباح الباكر إلى فجر اليوم التالي مكبل بالحديد (الكلبشات)، معصوب العين بعصابة تؤلم العين والرأس وليس فقط تغمضهما...
وعلى رأسي (وأربعة غيري) عصابة من شديدي البذاءة غلاظ الأكباد، همهم إرهابنا وإهانتنا؛ يأكلون ويشربون ويعبثون بهواتفهم، ولم يقدم لنا في هذا اليوم كله لقمة أو يسمح بالخلاء إلا بواسطة وآخر النهار...
حينا في سيارة الترحيلات وحينا على الأرض ملقى في مكان شديد البرودة ولا شئ يتقى به البرد...
وطول اليوم يتردد سؤال: هل تتمنى أن تكون مكانهم... معافى مثلهم؟!!
ويأتي الجواب يكاد يسبق السؤال: لا والله.. هم يتألمون وألسنتهم تنطق بالشكوى ووراءهم يوم غليظ، يقتربون منه كل ساعة، إن لم يتوبوا وننتظر الأجر والفرح ونقترب منه كل ساعة بحول الله وقوته.
إنهم غافلون " ويذرون وراءهم يوما ثقيلا"
الاعتقال صورة مصغرة من الموت، فقط للتذكير وشتان شتان بين أخذ العزيز المنتقم وأخذ هؤلاء...
الاعتقال جرعة إفاقة للقلب كي يستيقظ للآخرة... قبل أن يخسر أهله وماله...
والسعيد من اتعظ بغيره...
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
اللهمَّ عجل بفرج لعبدك محمد جلال القصاص وأمة محمد صلى الله عليه وسلم في مصر وخارج مصر
اللهم ارزقنا حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك
اللهم ارزقنا الأمن من عذابك يوم تبعث عبادك
اللهم الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب
محمد جلال القصاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق