لعبة القرن الكبرى: ضرب الإسلام بالإسلام
يوسف قابلان
ترجمة وتحرير – تركيا بوست أقولها منذ البداية: في هذا المقال سأقلب كل ما تحفظونه رأسا على عقب.
في السنوات الخمس والعشرين الماضية، في بلاد البلقان التي سيطرت عليها أمريكا وفي القفقاس ومنطقة الشرق الأوسط ومنذ انتهاء الحرب الباردة عام 1989 إلى هذه اللحظة، كان هناك دولتان فقط تكبران ويتوسع نطاق نفوذهما. هاتان الدولتان هما إنجلترا وإيران.
الحرب الباردة تم إنهاؤها من قبل الإنجليز، ولكن ما السبب؟
تغيّر القوى العالمية
في عام 1980، كان قدوم مارغريت تاتشر هو السبب في إنهاء الحرب الباردة. تاتشر المعروفة بلقب المرأة الحديدية، قامت بإشعال الفتيل الذي دفن العالم الاشتراكي في مقبرة التاريخ. لقد أنهت الحرب الباردة على الفور، واتخذت من الإسلام عدوا للنظام العالمي.
السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي الناتو، هو الذي اخترع مصطلح العدو الجديد، حيث قال: "إن التهديد الكبير الذي يقف أمام النظام العالمي، هو الإسلام". وبالتالي، بفضل ويلي كليس، السكرتير العام للناتو، أصبح الإسلام هو الشاغل الأكبر لهذا الحلف.
نعم فأنا هنا أقول شيئا إذا تمت قراءته فسيقلب الحرب الباردة رأسا على عقب: الولايات المتحدة الأمريكية، فقدت خاصيتها في كونها القوة العظمى، تماما مثل روسيا. ففي فترة الحرب الباردة، كان هناك قوتان عظيمتان في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.
تقريبا، بعد نصف قرن من تلك الحرب، تمكن الإنجليز بهدوء وبخبث من الوصول إلى موقع استطاعوا من خلاله تغيير مجرى التاريخ.
التخلّص من اليهود
خلال فترة الحرب الباردة، استوطن اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير. بعبارة أخرى، سيطر اليهود على الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية.
إن إنهاء الحرب الباردة، كان نتيجة لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية في التخلص من احتلال وسيطرة اليهود.
لقد كانت الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بمذبحة لليهود، هي مبررهم الوحيد في السيطرة على الولايات المتحدة الأمريكية من الداخل، في حين أن مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية هم الإنجليز.
لقد تسبب حكم اليهود للولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء سيطرة الإنجليز، ليس هذا فحسب بل كان سببا في إنهاء حكم أصحاب الثورة الصناعية الكبرى على العالم.
لقد كان صعبا جدا على الإنجليز، أصحاب الثورة الصناعية الكبرى وهازمي الدولة العثمانية، أن يطردوا من الولايات المتحدة الأمريكية من قبل اليهود.
لذلك قام الإنجليز في هذه الفترة بالاجتماع وقرروا إحضار تاتشر حيث بدؤوا بالقيام بحملات من أجل إبعاد اليهود عن النظام العالمي.
إن النظام الرأسمالي العالمي تم إنشاؤه من قبل اليهود والإنجليز معا، ولكن الإنجليز تعرضوا لطعنة قوية في الظهر من قبل اليهود، من خلال الإبادة الجماعية.
الوقوف في وجه الإسلام
أقول ذلك مشددا على أهميته: لقد كان الهدف البعيد من إنهاء الحرب الباردة هو منع الإسلام من الصعود إلى منصة التاريخ من جديد.
لمدة قرنين، كان الإنجليز هم الذين يوجهون ويشكلون العالم، هم من دفنوا حضارة ومدنية الدولة العثمانية في مقبرة التاريخ وهم من اتبعوا سياسة ذكية وخبيثة، تحدد حدود ومشاكل العالم الإسلامي. لذلك، فقد كان الإنجليز هم وحدهم القادرون على منع الإسلام من الوقوف على منصة التاريخ من جديد.
لهذا السبب تماما، قام الإنجليز بإنهاء الحرب الباردة.
لماذا؟ دعوني أوضح ما قلته سابقا، لأنهم رأوا أن العالم الإسلامي، وبخاصة تركيا، قد بدأ يدخلون التاريخ مجددا.
لقد كان الإنجليز يفكرون كالآتي: إذا عادت تركيا إلى جذورها ووصلت إلى مدارها الإسلامي، فسيكون من المستحيل إيقاف ميلاد الإسلام من جديد.. وذلك، لأن جميع الدول التي كانت تقع في الجغرافيا العثمانية، في منطقة الشرق الأوسط وبلاد القفقاس والبلقان، ستستمد قوتها من قوة تركيا..
لقد كان الإنجليز يعلمون جيدا أن قدوم تركيا يعني ذهاب إنجلترا.
كان يجب أن يقفوا في وجه تركيا وأن يفتحوا الطريق أمام إيران، ولكن لماذا؟
لماذا إيران؟
كان لا بد لهم من أن يوقفوا تركيا ويفتحوا المجال أمام إيران. وكان لا بد لهم أيضا أن يوجهوا ضربة قاضية إلى جماعة الإخوان المسلمين التي شكلت العمود الفقري لأهل السنة في القرن العشرين.
بهذه الطريقة، استطاعوا أن يدمروا النظام الإسلامي العالمي الذي تم إنشاؤه عبر آلاف السنين من قبل أبناء السلاجقة والعثمانيين.
وقامت ثورة في إيران وذلك قبل إنهاء الحرب الباردة بعشر سنوات. وبعد أن استقرت الأمور فيها عقب الثورة، قرروا إنهاء الحرب الباردة. لقد كانوا بذلك يمهدون للدخول في حرب جديدة، هي حرب ضرب الإسلام بالإسلام.
لقد كانوا يهدفون إلى إيقاف عودة الإسلام من جديد في كل من السعودية وإيران، وذلك من خلال الاستعانة بمنظمات إرهابية مثل تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني.. وأيضا حزب الاتحاد الديمقراطي.
لقد كانت تلك خطة ذكية منهم، فقد انتهى زمن الحروب المباشرة وبدأ زمن الحروب بالوكالة.
لعبة القرن الكبرى
إن حرب الإسلام ضد الإسلام بدأت بشكل خبيث وكانت تقوم على ثلاثة محاور:
المحور الأول: إيجاد منظمات إرهابية في العالم الإسلامي، بهدف مساواة الإسلام بالإرهاب.
المحور الثاني: مشروع الإسلام المعتدل؛ فإيجاد دين مواز للإسلام يعني التلاعب بجينات الإسلام والمسلمين والقضاء على أهداف وغاية الإسلام العالمية الحقيقيين.
المحور الثالث: التخطيط لحرب مصطنعة بين السنة والشيعة، والسعي من أجل أن تتحقق هذه الحرب.
لقد كانت هذه المشاريع الثلاث المرتبطة ببعضها البعض أركان هذه الحرب الجديدة، حرب الإسلام ضد الإسلام.
تم قطع مسافة كبيرة في المشروعين الأول والثاني، أما الآن فهم يسعون إلى تحقيق المشروع الثالث.
هل فهمتم الآن السبب وراء إغلاق المجال أمام تركيا من جميع الجهات في حين يتم فتح المجال أمام إيران؟
هذه المسألة هي مسألة حياتية بالنسبة لنا، مسألة حياة أو موت. لذلك، سنستمر في دحض المفاهيم التي تم تلقينها لنا وسنسعى إلى فتح أذهان العقول التي نال منها الصدأ في كتاباتنا القادمة.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق