تعطيك مواقع التواصل الاجتماعي إمكانية حذف السخافات
ففي الفيسبوك مثلا يمكنك أن تبلغ عن منشور ما باعتباره “سبام” Spam والسبام كلمة لها العديد من المعاني ولكن أغلبنا يعرفها بمعنى “نفايات الكترونية” وهي التعبير المهذب لجملة “زبالة غير مرغوب فيها”اعزكم الله
في الواقع الافتراضي يمكنك توفير أدوية الضغط والقاء النفايات في صندوق الـ”سبام” بضغطة زر, اما في الحقيقة فمهمة إزالة الـ”سبام” أكثر صعوبة.
في مصر تحول الـ”سبام” إلى أسلوب حياة بعد الإنقلاب وكأنما لم يعد “سبام” السبكي كافياً, ففتحت العصابة على مصر صنابير ضخمة من الـ”سبام” السمعي والبصري والفكري والتاريخي والعسكري والصحفي.
تشكيلة كاملة من أفخر أنواع الـ”سبام”.
إعلام “سبام” يحدثك عن دور الإخوان المسلمين في إسقاط الأندلس وإنهيار الاتحاد السوفييتي وبيع الأهرامات, تشاهد على شاشاته أمثال المخبر أحمد موسى الذي لا تفارق الإير بيس أذنه ليملي عليه أمين شرطة ما ما ينبغي أن يقول وغيره من باقي “سبام” خرابات الإنتاج الإعلامي.
صحافة “سبام” تقرأ فيها أسماء مثل الكردوسي الذي يشتاق لحنان شاويش الإنقلاب أو ما شابه, ولممتاز القط وحمدي رزق وكل هؤلاء الكتاب الـ “سبام”.
أنصاف مثقفون “سبام” مثل حلمي نمنم الذي يكاد من فرط إلحاده وعداوته للدين يحدثك عن روعة وجمال هبل والذي قال صراحة أن وصف ملحد هو وسام على صدره, وجاهل آخر مثل سيد القمني يحدثك عن جمال وحلاوة وطعامة الإلحاد, وبقايا أحزاب الرصيف وشباب من عينة بانجو ومتشردو السياسة.
وفي صدارة المشهد, عوالم وآلاتية وأشقاءهم من شيوخ صُنعوا في مكاتب أمن الدولة والمخابرات, يحدثك أحدهم عن نبوة أبو الهول ويتطاول آخر على الذات الالهية ليفتيك أن الله عز وجل أول من احتفل بالمولد النبوي (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا).
ومن الطبيعي في ضوء تلك الغثائية أن يُفتح ميدان التحرير لعربة رش وأن ترى ضابطاً أو أمين شرطة (لست واثقة على وجه التحديد) يقفز على عربة الرش مواجهاً الكاميرا لتظهر صورته في الصحف ليراها الأولاد والمدام, وأن يحتفي الإعلام بمواطن اخترع حنطوراً برمائياً جوياً يطير بدون وقود ويمكن استخدامه عسكرياً, وتتضح الصورة حين يتفاخر صاحب التوكتوك المعدل بأنه تلقى تدريبه في المؤسسة العسكرية, ويجعلك حديثه مع مذيع ما عن أصابع الكربون التي يحتاجها للطيران وعن الريشة والمقص والشاكوش, أن تترحم على أيام اللوا عبد العاطي داعيا الله ان “يبشبش الطوبة اللي تحت راسه” فقد كان اختراعه لعلاج الايدز بالكفتة أرحم بكثير من شفاط المطبخ البرمائي القادر على تدمير السد الاثيوبي.
ومن الطبيعي والحال كذلك أن تحول اثيوبيا مجرى النيل ليمر رسمياً, عبر السد الاثيوبي لتبدأ الإجراءات الرسمية لطرد مصر خارج سجلات التاريخ وتحويلها إلى صحراء بعد ستة آلاف عام.
وليس مستغرباً أن تقرأ تصريح وزير الخارجية السوداني أن اثيوبيا حولت مجرى النيل منذ 36 يوماً ولم نعلم نحن الا بالأمس, فالعصابة وجيشها المصرائيلي مشغولون بقتل المصريين وخدمة أحذية أسيادهم الصهاينة وقتل أخوتنا الفلسطينيين ووضع العلماء والشباب في السجون.
وكأنما قررت جهة ما ان تفتح صندوق القمامة المغلق منذ انقلاب المقبور عبد الناصر وتسكبه على وجه مصر لترى ذلك العطن ولتصبح علبة الكشري المزودة بورقتي جرائد على جانبيها “اختراعاً طائرا برمائيا له استخدامات عسكرية” ولتتحول معارك سامح شكري مع ميكروفون الجزيرة إلى أمجاد ولتتحول الحياة كلها في مصر إلى مستنقع موحل من الـ”سبام” في مجاهل خرابة ما في احد أزقة المجموعة الشمسية !
ووسط كل هذا “السبام” لابد أن يطفو على سطح المشهد بشر “سبام” وأن يتعامل بلطجية وأوباش الداخلية من ضباط وأمناء شرطة باعتبارهم أعيان ووجهاء القوم, فتقرأ عن أمين شرطة قتل شاباً في الرابعة والعشرين من عمره لأنه خدش مرآة سيارة سيادة أمين الشرطة, وتدرك أن حياة المصريين بعد الإنقلاب اصبحت بالكاد تساوي ثمن مرآة سيارة أمين شرطة لا تعلم كيف اشتراها.
وبرغم بشاعة تلك المشاهد, الا أن الثوار لم يتوقفوا عن الثورة لحظة من بعد الإنقلاب.
الثورة الآن فريضة لإنقاذ مصر واستعادتها من تلك الحفرة التي سقطت فيها.
الثورة هي زر إزالة الـ “سبام” الذي نملكه الآن لتنظيف مصر من تلك القمامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق