رؤساء النينجا وملوك العرب والكوتشينة
وافتح يا أقصى أبوابك نحن الأطفال
أحمد عمر
زعم الفرزدق أنّ الملك سلمان هو الذي فتح أبواب القدس ورفض مرور المسلمين في ذل الإلكترونات الحقيرة، وليس شعب القدس، وهذا ما عدّه الشعب العربي اغتصاباً وسرقة موصوفة، والملك بريء من التهمة، فهو يعتكف في هذه الأيام في طنجة المكرّمة للعبادة، فقد ناف عن الثمانين لا أبا لك يسأم.
أعادنا مشهد مظاهرات القدس الشريف إلى أيام الربيع العربي المغدور، فأنعم بها وأكرم.
قرأت منشوراً ممتعاً لشيخ من القدس، أقصد رجلاً كَهْلا وَمِنَ الصَّالِحِينَ، يروي فيه باللهجة المقدسية وقائع يوم دحر الأبواب الإلكترونية، وهي بكل يد مضرجة تدقّ، من غير خيل ولا ركاب. ومن غنائم المنشور وأنفاله: أنّ شباب بيت المقدس كانت توزع الماء البارد، والثلج، والآيس كريم، ولو كانت في الشام، لقالت فضائية الدنيا إنها مخدرات، فمن يجرؤ على مواجهة الاحتلال إلا كل مخدر ومحشش، وربما قالت: إنها توزع ألفي شيكل لكل متظاهر. وكانت الشباب – لها الغد ومجدها المخلد - توزع قبعات الظل، وعليها جمل وعبارات تمجد القدس وتثني على الصمود، وتنسبه إلى أهله. وأنهم لما بلغوا أسوار المسجد أذّن المؤذن، ولكثرة الناس، وبعد الشقّة، واختلاط الأمر على من لا يعرف شعائر الصلاة، صلّى كثيرون قبل تكبيرة الإحرام في يوم حطّة، وهو غير حطين، لكن له به نسب وقرابة.
ولشدة الزحام صلّى مقدسي في سيارته، وعرف الناس بسجوده من زمور السيارة، فكلما سجد، مسّ جبينه بوق السيارة، فزمّرت من شدة الخشوع، ونَحَبَ المعدن أيما نحيب. ولو كان في السعودية التّقية الورعة لأقيم على الساجد الحدّ، وربما اتهم بالتبديع، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في السجن.
وأكبر الضلالات في البلاد العربية العلمانية، هي عدم طاعة ولي الأمر، وكلها دول علمانية، وهذا ما سنبرهن عليه في المقال القادم بإذن الله، ولا نعرف ما رأي لجنة الإفتاء في السعودية في التظاهر في القدس، أحلال أم حرام؟ وهل يحرم في مكة ما يحلّ في القدس؟ أم إن رب البيت غير رب الإبل والبعير.
ونتنياهو من أهل الكتاب، وهو متغلب بالتصويت والديمقراطية الكافرة، إنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، التصويت لليهود فقط.
وكانت تغريدة للقرني أصلحه الله قد انتشرت، وهي تدعو للمعتصم، الذي تداعى لنجدة الأقصى، فإما أن القرني سمع بالخبر من فاسق بنبأ، أو أنه أراد أن يتألّف قلب الملك تشجيعاً وإغراء له على الخير، أما السديس فذكرني بعلي جمعة وأحمد حسون عندما سمّى سلمانا: خادم الحرمين الشريفين والأقصى الشريف (وخود نفس)!
الأقصى هو شقيق الحرمين، ومن يخدم الحرمين سيخدم الأقصى، ولو بشق تمرة أو بهاتف مع ايفانكا يطلب منها المدد. فهو الذي فتح الردة حسب الديوان الملكي السعودي، وليس نصري شمس الدين، ولا وردة في سهرة الحب. جاء خبر هذا النصر من غير موعدة، والشعب العربي جائع في خمسة بلدان عربية، ويتضور جوعاً للقمة وهو للكرامة أجوع.
النساء في هذه الأيام تتنكر في زي الرجالة من أجل العمل، بعد أن استشهد أزواجهن، فإن لم يكن من أجل اللقمة فخوفاً من التحرش، والرجال يتنكرون في زي النساء من أجل الهرب والمرور من الحواجز، أو من الحرب، والرجال تبيع كلاها، وكان حاتم الطائي، وهو من أجواد العرب، وقد طبقت شهرته الآفاق، حتى ضرب به المثل، حتى فكّ النبي الكريم أسر ابنته إكراماً له، ومتّعها وسرّحها.
وكان المسلمون قد أغاروا على صنم طيء، قبيلة حاتم، واسمه الفلس، فاستاقوا السبي، وكانت فيهم بنت حاتم واسمها سفانة، فقالت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منّ الله عليك، وخلِّ عني، ولا تشمت بي أحياء العرب، فإن أبي كان سيد قومي، يفك العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظ الجار، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ويحمل الكَلَّ(الضعيف)، ويعين على نوائب الدهر، وما آتاه أحد بحاجة فردّه خائباً، أنا بنت حاتم الطائي. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا جارية، هذه صفات المؤمنين حقاً. ثم قال: خلّوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق).
ثم قال: (ارحموا عزيز قوم ذلّ، وغنياً افتقر، وعالماً ضاع بين جهّال).
وتقول سفانة بنت حاتم: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ. قالت: فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني، وأعطاني نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام أي إلى ديارها.
قال عديّ أخوها: فو الله إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة (مسافرة في هودج) تصوّب إليّ تؤمّنا. قال:
فقلت: ابنة حاتم؟ قال: فإذا هي هي. قال: فلمّا وقفت عليّ انسلحت تقول: القاطع الظالم، احتملت بأهلك وولدك وتركت بقيّة والدك عورتك ورحلت للاستجمام في طنجة وأغادير. قال: أي أخيّة، ابني سفير في واشنطن. وقعتُ مثل غيري في حب ايفانكا فاعذريني، القلب يعشق كل جميل.
"بيضل العاشق عقلاتو صغار" كما قال نصري شمس الدين.
المهم في حديثنا الفالت من عقاله من الظلم وغياب الكرامة، أنّ زميلاً معاصراً لعدي بن حاتم، وكان عديّ سيد قومه ويأخذ المرباع، وهو مثل الخمس عند الشيعة، فاق حاتما في كرمه، وعندما فكَّ أسر ايفانكا، وسرّحها بعد أن أعطاها مائة مليون دولار تستعين بها على قضاء حوائجها، وقال: خلّوا عنها، فإن أباها ترامب يعلّم مساوئ الأخلاق. وكان قد بدأ ولايته الكريمة بمنع رعايا سبع دول مسلمة من دخول أمريكا، ومتّع أباها بخمسمائة مليار دولار، كي يمنحه الموافقة على غزو جارته قطر وحصارها. فهذا لعمري كرم لم ينل شرفه حتى حاتم الطائي.
وتقول أخبار من زوّدنا ومن لم نزود: إن للملوك الخمسة الذين نسب لهم فضل فتح أبواب القدس للصلاة، فضلاً في حصار المسجد، لولا أن جيش الحصار اليهودي لم يتحمل، لأنه جيش رقيق الحاشية، سريع الإفاقة، سريع الهراقة.
وزعم الفرزدق أيضاً أنه بعد قتل الصبي الأردني، اتصل نتنياهو بالمعتصم الأردني، ليعتذر عن قتل الصبي، فأغلق الملك الهاتف في وجهه، وأخشى أن داء الإعلام المصري، وهو العكشنة قد بلغ الأردن. وقد نسمع أن نتنياهو معتقل في الأردن، وربما يموت تحت التعذيب مثل قائد الأسطول السادس.
ونسبت مواقع مصرية شرف فتح أبواب القدس وإزالة الأبواب الإلكترونية وبأس الكاميرات المراقبة إلى السيسي، الذي ناجى مرتين إسرائيل همساً ورقةً: من فضلكم بلاش كده. ويقال: إنه هدّدهم هاتفياً: افتحوا الأبواب وإلا أحضرتك لكم سيخاً من كفتة عبد العاطي، أوله عندي وأخره في منابت الزيتون.
والمعلوم للقاصي في الأقصى والداني في مكة المكرمة، أنّ الملك السعودي أصلحه الله، يعتكف حالياً في طنجة وأغادير للعبادة، ولا أعرف ما الحكم الشرعي في الاستجمام، وأبواب الأقصى مغلقة، وأبواب الحرم أيضاً دونها عوائق في وجه الشعب القطري، وفي وجوه جميع المسلمين.
والحق، إني لا أطالب الملوك العرب بوقفة عزّ في وجه المحتلين، وهم من كل حدب ينسلون، من إيران ومن تل أبيب ومن أمريكا ومن روسيا.. ولا أطالبهم بجملة عربية، تامة المعنى، سليمة من اللحن، وإنما أدعو لهم بالسترة من أرذل العمر.
وقد يعذرهم رعاياهم، فالصيدلية العالمية لم تخترع بعد فياغرا الكرامة، والإعلام الرسمي ينصب لهم رايات النصر الزرقاء على رزّ الهزائم البيضاء.