الأمير وأردوغان.. وصنع الاستقرار
عبدالله بن حمد العذبة
قبل أيام من حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الدوحة، كان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى -حفظه الله- عائداً لتوه من جولة خارجية مهمة في ثلاث دول بأميركا الجنوبية، هي كوبا والمكسيك وفنزويلا.
وتزامن وصول أردوغان مع تأكيد السفير الياباني لدى الدوحة شينجو تسودا في حوار مع «العرب»، نُشر أمس الأول، بأنه تم الاتفاق بين بلاده وقطر على «شراكة شاملة» قريباً، خارج نطاق مجال الطاقة، إلى مجالات أخرى مثل: الأمن، والتعليم، والصحة، والعلوم والتكنولوجيا، والمجالات الإنسانية.
وتزامن وصول أردوغان مع تأكيد السفير الياباني لدى الدوحة شينجو تسودا في حوار مع «العرب»، نُشر أمس الأول، بأنه تم الاتفاق بين بلاده وقطر على «شراكة شاملة» قريباً، خارج نطاق مجال الطاقة، إلى مجالات أخرى مثل: الأمن، والتعليم، والصحة، والعلوم والتكنولوجيا، والمجالات الإنسانية.
إن قطر بقيادة سمو الأمير تنفتح على العالم شرقه وغربه، وخلال الأشهر الماضية قام سموه بجولات عدة شملت دولاً أوروبية وآسيوية، فضلاً عن الولايات المتحدة. وكل هذه الجولات، وما تضمنته من لقاءات سمو الأمير مع قيادات هذه الدول، يصب في الأساس لخدمة الشعب القطري، فضلاً عن توظيف قطر علاقاتها الطيبة مع دول العالم لخدمة قضايا أمتها، وفي مقدمتها القضية المركزية فلسطين.
لكن..
تبقى العلاقات مع المحيط العربي والإسلامي، تحظى باهتمام خاص في استراتيجية دولة قطر. وعند الحديث عن هذا المحيط ستبرز الشقيقة العربية الكبرى المملكة العربية السعودية، والشقيقة الإسلامية الكبيرة الجمهورية التركية. وهكذا وجدنا سمو الأمير دائم التواصل والتنسيق مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وزار الرياض عاصمة القرار العربي أكثر من مرة. كما زار تركيا ثلاث مرات هذا العام.
ولا شك أن التنسيق الدائم بين الدوحة والرياض وأنقرة، الذي يحلو لبعض المراقبين تسميته «تحالفاً»، وهو أعمق وأكبر من ذلك بكثير، أثمر نتائج إيجابية لقضايا العالم العربي والإسلامي، ليكون هناك تناغم في الرؤى واتساق في المواقف حيال قضايا أساسية، لا سيما في فلسطين وسوريا واليمن، أثمر عن «فعل»، بعد أن كانت مواقف الأمة سابقاً مجرد «ردة فعل». وقبل هذا وبعده سعي العواصم الثلاث المستمر إلى إحلال الاستقرار في ربوع المنطقة، والانحياز الدائم إلى الشعوب.
أما عن زيارة الرئيس أردوغان إلى الدوحة، فهي ليست فقط زيارة مهمة لضيف كبير وأصيل صاحب «كاريزما» في الأوساط السياسية والشعبية العربية والإسلامية، وليست فقط زيارة تاريخية لحضور الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية العليا القطرية – التركية، والذي بحث خلاله الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى استعراض تطورات الأوضاع في المنطقة، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين حكومتي البلدين، منها ما يتعلق بالمجال الاقتصادي والتجاري والتعليمي. لكنها زيارة تأتي في توقيت دقيق، في وقت تعاني فيه المنطقة من زلزال جيوسياسي، خاصة في ضوء مكانة البلدين والرؤى والمواقف المشتركة للزعيمين تجاه العديد من التحديات الحالية، خاصة ما يتعلق بشأن دعم الشعب السوري وسعيه لاستعادة حريته.
لقد حضرت محاضرة الرئيس أردوغان في جامعة قطر، بناء على دعوة كريمة من رئيس الجامعة الدكتور حسن الدرهم، والذي قام بتسليم الدكتوراه الفخرية من الجامعة للزعيم التركي الكبير، وهي المرة الأولى التي تمنح فيه الجامعة الدكتوراه الفخرية لأحد في تكريم كبير يستحقه الضيف الكبير.
لمست في هذا الزعيم الروح الطيبة التي تتسق مع انحيازه الدائم للشعوب والمستضعفين، لا الأنظمة والجلادين. ليس جديداً عليه عبارات الود التي تؤكد مكانة قطر في قلبه. شعرت بالفخر وهو يؤكد أن تركيا ستبقى مع قطر داعمة لقضية فلسطين، وبالزهو وهو يتقدم بالشكر لقطر «لدعمها أهلنا في غزة المحاصرة».
لمست في هذا الزعيم الروح الطيبة التي تتسق مع انحيازه الدائم للشعوب والمستضعفين، لا الأنظمة والجلادين. ليس جديداً عليه عبارات الود التي تؤكد مكانة قطر في قلبه. شعرت بالفخر وهو يؤكد أن تركيا ستبقى مع قطر داعمة لقضية فلسطين، وبالزهو وهو يتقدم بالشكر لقطر «لدعمها أهلنا في غزة المحاصرة».
الحقيقة أن هذه الروح الطيبة تجاه قطر وشعبها وأميرها ليست جديدة على أردوغان. نذكر له بكل خير بادرته التي حملت معاني التقدير لدولة قطر، أن اختار الدوحة كأول محطة عربية يزورها، بعد انتخابه وتنصيبه رئيساً للجمهورية نهاية أغسطس 2014. والشيء بالشيء يذكر، فالزيارة الأخيرة كانت فيها الدوحة أيضاً أول محطة للرئيس التركي، بعد الفوز الكبير لحزبه «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية التركية.
نتائج زيارة أردوغان، وما تم توقيعه خلالها من اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم في عدة مجالات، تؤكد أن العلاقات بين الدوحة وأنقرة مرشحة لمزيد من الرسوخ والعمق، خاصة مع تسجيل البلدين «إنجازاً دبلوماسياً وشعبياً» آخر في مسار علاقاتهما التاريخية، يجسده تدشين المركز الثقافي التركي في قطر، تتويجاً لسنة كاملة من فعالية «2015.. سنة قطر- تركيا الثقافية».
وعلى المستوى الدولي سينعكس التنسيق والتشاور بين الدوحة وأنقرة، على العديد من القضايا الإقليمية والدولية، في ظل تطابق الرؤى وتناغم المواقف في قضايا المنطقة، وهو ما أشار إليه الرئيس التركي أكثر من مرة، بعد توليه سدة الرئاسة بقوله: «إن رؤية تركيا وقطر للمسائل الإقليمية تتقاطع بشكل كبير للغاية، وشهدت علاقاتنا الثنائية تطوراً كبيراً للغاية خلال السنوات الأخيرة، كما أنها آخذة في الازدياد»، وتأكيده أن بلاده تنظر إلى علاقاتها مع قطر ومع باقي دول الخليج العربية «من منظور استراتيجي، ولدينا مواقفنا في هذه القضايا، وأمن واستقرار الخليج لا يقل أهمية عن أمن واستقرار بلدنا».
وسنشهد خلال الفترة المقبلة مزيداً من التنسيق في المحافل الدولية، في ظل تنامي أدوار البلدين اللذين برزا كلاعبين مؤثرين وقوتين صاعدتين في الساحتين الإقليمية والدولية، بعد أن شهد لهما العالم بمناصرتهما قضايا الأمة، بداية من الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم، وانتهاء بدعمهما المستمر للشعب السوري من أجل نيل حريته.
قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد -حفظه الله-، ستظل حاملة مشعل نصرة قضايا الأمة، وستبقى « تركيا- أردوغان» شوكة في حلق كل داعمي نشر الفوضى وجلادي الشعوب وقادة الانقلابات العسكرية على أنظمة الحكم المدني يا إخوان..
وعلى الخير والمحبة نلتقي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق