أحمد عمر
أنا ونوري غاطسان، وضائعان في وطيس "فيسبوك". فجأةً، قفز نوري من هضبة الوهم إلى ضفة الواقع الصلب، وبادرني: تعرف أني كنت عاشقاً يا خال. قلت: أنت عاشق ديلفري.
قال: لا خال، كنت أعشق بنت عمي، وهي حسناء، قطعة، كمثرى؛ وجمع أنامله وركّزها، مثل سنان الرمح في نقطة واحدة، ثم قبّلها وأرسلها في الفضاء. خطبتها، عمي ليس عنده مانع، أما زوجة عمي فرفضت، السيادة عندنا هي للنساء. سبب رفضها أنني خياط، وابنتها طالبة سنة ثانية في الهندسة المعمارية. طبقيّة خال.
سألت: هل تحبك؟ قال: لا أظن أنها تكرهني، لعلها تستأنس بولعي بها، ثم كان أن قررت جعْلها تحبني حب ليلى لمجنون، وجوليت لروميو، وزينة لمم.. فقلت: هل قرّرت أن تدرس وتقدم الشهادتين التاسع والبكالوريا، وتبرهن لها أنك ند ومثيل..؟
قال: لا خال، هذا طريق طويل ووعر.. أنا أحبُّ الطرق القصيرة، حتى عندما كنت تلميذاً، فضلت القفز فوق سور المدرسة ممزقا ثيابي، على الدوران حوله للوصول إلى الباب البعيد. المهم، لن أطيل عليك، سأقفز من فوق سور الحكاية، كنت أخدم العسكرية، وكانت في الجامعة، نصحني أصحابي بحلٍّ يلين قلبها، امتثلت لنصحهم، وذهبت إلى ساحر يهودي، اسمه عزرا، وطلبت منه أن يجعل روشةً تحبني، فطلب بعض أغراضها. وكان هذا سهلاً، أحضرت له قميصا لها، خصلة شعر، حذاءً قديماً، حزاماً.. الساحر اليهودي قال: هذه ذخائر رائعة، وطلب مبلغاً مالياً محترماً. في اليوم التالي، وجدت روشة تدق علي الباب في الطبالة، كيف عرفت العنوان؟ بالشرف، بالناموس، هذا ساحر لا مثيل له. فتحت لها الباب، كانت سعيدة، رمت نفسها في حضني، خال: روشة تشبه الكمثرى الحمراء، قشّرت الكمثرى الحسناء، ومددتها على السرير الحديدي العسكري، وبدأ الهجوم البري والجوي والبحري والبراميل العنقودية والأرض المحروقة.
قلت: ارتكبت كبائر منكرة، أولاً، ذهبت إلى ساحر، ومن ذهب إلى ساحر، فقد كفر بما أنزل على محمد.. قاطعني: خال، هذا من أجل الحب؟
قال: خال، الحب أعمى.. وأعرج.. وأخرس.
ثالثاً: هي ناموسك وشرفك. ورابعاً: تفو عليك
قال: مقبولة منك خال. انتظر نهاية الحكاية. عشت أسبوعاً، وأنا أفطر كمثرى، وأتعشى كمثرى، وأتسحر كمثرى، إلى أن جاء يوم السبت، فغابت، قصدتها إلى المدينة الجامعية، فرفضت استقبالي، وكأنها لا تعرفني، قصدت عزرا، فقال لي: انتهت صلاحية التعويذة، ويجب تمديد الحرز! وطالبني بمبلغ كبير، لشحن الرصد مدة شهر "بوحدات" السحر، كأنّ الساحر تبعنا من شركة "أيفون"، خال.
ـ وبعد؟
ـ لا قبل ولا بعد. عدت إلى البيت، لأحضر له المال، فاشتعلت الشوارع بالمظاهرات: الشعب السوري ما بينذل، والله وسورية وحرية وبس...وإلى آخره. حمزة الخطيب خرب بيتي خال.. روشنة لا تتعرف علي، وكأنّ التي كانت تزورني، وتنام على سريري جنية، أما عزرا فنزح إلى نيويورك. أخ منك، يا حمزة الخطيب، بدلاً من أن يسقط النظام، أسقط نظام حبي.
سحبت حزامي، ووقفت، وقلت: لا بد من إقامة الحدِّ عليك، وفوراً.
ـ خال... بالشرف بالناموس، أنت صاير داعش. لم يكن زنا، كنت أريد فقط أن أكسر أنفها وأنف أمها، صوّرتها عارية، بس راحت الصور بالقصف. كان نصف زنا، خال.
ـ قلت: نعمل لك "أوكازيون"... أربعين جلدة.
ـ ظهرت حسناء على شاشة التلفزيون، تقبل بأربع وتدبر بثمان، وتوزع الأمطار والشموس في النشرة الجوية على الكوكب، فغمزني، وقال: تحبُّ الكمثرى، خال.
قلت: أحبُ أكلها بقشرها ومع البذر..
ضحك وقال: على راسي، خال. أنت ثمالة روحي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق