أبقارنا الملوثة وقذائفهم "صديقة البيئة"!
محمد القدوسي
في مؤتمر التغير المناخي بباريس، شارك مفاوضون من 195 دولة، وتحدث 147 قائدا، وقدمت 180 دولة خططا للحد من الانبعاث الحراري، ثم ماذا؟ الإجابة: ثم لا شيء!
التفاصيل كثيرة، والأصل أن "النفاق" وحده لا يقدم ولا يؤخر، والمفاوضات المبنية على أساس "حوار الذئاب والحملان" لا يمكن أن تصل إلى نتيجة، فما بالك لو كان الأساس هو أن الذئاب تلعب دور "الرعاة" أيضا؟
الذئاب ـ من دون شك ـ هم مجرمو الحرب الذين يطلقون القذائف والصواريخ والبراميل المتفجرة، والحملان هم الضحايا الذين لا تقتصر محنتهم على مقتل الآلاف ـ وأكثر ـ بل تمتد إلى القضاء على أرضهم ومائهم وهوائهم بواسطة التلوث الذي تخلفه قذائف القتلة، ذلك التلوث الذي انعقد المؤتمر ـ وانفض ـ من دون أن يحدثنا عنه.
ومع أن "صاروخا" واحدا يمكنه في لحظة أن يلوث البيئة بأكثر مما يفعل مصنع للكيماويات في سنة كاملة، فإننا ـ حتى الآن ـ لا نجد دراسة واحدة توضح دور الأسلحة وعمليات القصف في زيادة "الاحترار" مع أن هناك ما لا يحصى من الدراسات التي تناولت أثر كل شيء، حتى روث البقر!
القليل، الذي بين أيدينا، عن "التلوث العسكري" يكشف حقائق مرعبة، ففي العراق بلغ حجم النفايات السامة التي تركها 170 ألف جندي أمريكي في 500 قاعدة عسكرية، حسب تحقيق نشرته "تايمز" البريطانية، نحو 11 مليون رطل، وكشف المركز الطبي الدولي لأبحاث اليورانيوم أن التلوث الإشعاعي انتشر في جميع مدن وسط وجنوب العراق، بدرجة خطيرة تجاوزت، في التربة والهواء، الحد المسموح به بأكثر من 30 ألف مرة.
وفي فلسطين، استخدم العدو الصهيوني اليورانيوم والفوسفور في قذائفه، ما أدى إلى انتشار أعراض مرضية غير مألوفة بين من نجا من القصف المباشر، وتضاعف معدلات الإصابة بأمراض تنفسية وجلدية وهضمية وعصبية، فضلا عن تلوث الهواء بأطنان من الغبار، وتلوث البيئة عموما.
فهل يتكرم علينا رعاة مفاوضات "الاحتباس الحراري" بدراسة عن دورهم ـ كمعتدين ـ في زيادة الاحتباس الحراري أثناء جرائم القصف التي يرتكبونها ضد المدنيين والعزل، وضد دول وشعوب لا ترضى بهم أوصياء عليها؟
لوفعلوها ربما صدقنا بقية كلامهم، واجتهدنا في منع "البقر" عن أن يروث في الهواء الطلق!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق