أرسلت حكومةُ لبنان لشعبها رسالةً بالواتساب "على كل مشترك بالتطبيق أن يدفع ستة دولارات شهريا"، وصلت الرسالة وظهرت العلامتان باللون الأزرق، ليس على شاشات الهواتف بل على وجوه الناس، التي كفرت بسلطة لا تشبع من خبز الفقراء.
وتميز الحراك اللبناني بالجد والمزاح، ضحك يملأ المكان، ودموع تروي الحكاية، حيث يحكي الشباب عن واقعهم حين يتخرجون من أغلى الجامعات ولا يجدون عملا فيضطرون إلى استقبال اتصالات الطلبات في المطاعم.
وقبيل اندلاع المظاهرات كان وزير البيئة فادي جريصاتي يطلق حملةً للحد من استعمال أكياس البلاستيك من أجل البيئة، لكن الوزير لم يرشد المتظاهرين إلى إطارات مستعملة صديقة للبيئة لإحراقها في المظاهرات.
أما مفجر الثورة وزير الاتصالات محمد شقير بكل ثقة وقبل أن يتراجع عنها وعد اللبنانيين "بإنُّن رح يكَيفوا بضريبة الواتساب"، وحولت ضريبةُ اللبنانيين إلى مجموعة واحدة لكنها حتى الآن من دون إدارة، فنزل اللبنانيون إلى كل الساحات بكل ألوان الطيف والطوائف.
أما الطرائف الناتجة عن الحراك فيعتبرونها جزءا من القوة، حيث يقول أفلاطون مقياس الرجل العظيم قدرته على السخرية من المتاعب، في حين يعتبر فولتير السخرية سلاح الأعزل المغلوب على أمره.
رفض من الثوار
وبعد أن ثار اللبنانيون وطالبوا برحيل الطبقة السياسية بكاملها من رؤساء ووزراء ونواب، خرج رئيس الحكومة سعد الحريري لطلب ثلاثة أيام مهلة من المتظاهرين، وقبيل انتهاء المهلة خرج على الإعلام ليعلن سلسلةَ إجراءات إصلاحية غير مسبوقة في تاريخ لبنان.
وتتضمن الإجراءات منع أي ضريبة إضافية، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب إلى النصف، وأمورا إنمائيةً ورقابية أخرى، لكن الحريري لم يخف فخره بأهم ما أنجزه الحراك أو الثورة.
لكنّ المتظاهرين رفضوا إصلاحات الحريري، ولم يقنعهم كذلك خطاب رئيس الجمهورية، وبقوا في الساحات مطالبين برحيل كل الطبقة السياسية، دون تقديم أي رؤية جادة للمرحلة الانتقالية، لأنهم شعب وليسوا حزبا منظما، لكنهم يثقون في الجيش اللبناني لحفظ الأمن وهو لا يشتغل بالسياسة، فالسياسيون في لبنان يعملون لطوائفهم، أما الجيش فيعمل لكل البلد ومكوّن في الأساس من كل البلاد.