حالات حرجة.. شهادة صحفي سوري على الثورة في بلاده
لم يعرف الشاب السوري هادي العبد الله كليات ومعاهد الإعلام، وحين قصّر به مجموعه الكلي عن دخول كلية الطب وصل إليها من باب آخر ليتخصص في التمريض، فكل ما كان يهمه في مهنة الطب أنها تحارب الألم.
قطعته الثورة السورية -التي انفجرت في مارس/آذار 2011- عن استكمال المسار الذي رسمه لنفسه، ولكنه أصبح صوت ثورة شعبه حين أطل على العالم عبر شاشة الجزيرة بأول ظهور له في أبريل/نيسان 2012.
قطعته الثورة السورية -التي انفجرت في مارس/آذار 2011- عن استكمال المسار الذي رسمه لنفسه، ولكنه أصبح صوت ثورة شعبه حين أطل على العالم عبر شاشة الجزيرة بأول ظهور له في أبريل/نيسان 2012.
في كتاب قيد الإصدار، يحكي هادي العبد الله (32 عاما) يومياته مع الثورة السورية، فيقدمها -كقصة ضمير إنساني- تحت عنوان "حالات حرجة.. من يومياتي في الثورة السورية 2011-2019".
يحكي الكتاب قصص يوميات الحرب وما فيها من فجائع وموت يبدؤها بالحالة التي كان يعيشها لحظة اندلاع الثورة، وكيف انتقل من محاضر في معهد للتمريض إلى مراسل سري ينقل للقنوات الإخبارية تفاصيل فظاعات نظام الأسد، وما يفعله بثوار حمص، وكيف كان يتخفى تحت أسماء عدة، ويجتهد في تغيير صوته وتعتيم هويته حتى لا تناله يد النظام الباطشة.
هادي العبد الله يحكي في مذكراته قصص يوميات الحرب وما فيها من فجائع وموت
ويروي هادي كيف استخفى بعمله عن جميع الناس حتى عن أهله، ما عدا أمه التي أطلعها على مهمته الثورية، فكانت تقف بكل صمود الجنود على باب غرفته في الطابق العلوي لتحرسه وهو يؤدي مهمته، يهمس في الهاتف للقنوات فيعود الصوت إلى البيت ليجد صداه في الطابق السفلي، وينطلق من شاشة التلفاز التي يتابع عليها والده الأخبار فيدعو الشيخ لهذا المراسل بالخير وهو لا يدري أنه ولده، ثم ينادي ابنه ليستمع إلى أخبار المظاهرات لعله يتحمس فيلحق بها.
يحكي هادي -وهو اسم مستعار- كيف اختار اسما مستعارا ليخفي هويته في بدايات تواصله مع الشبكات الإخبارية، كان هذا الاسم "سمير فتحي"، ومع تطور أحداث الثورة وتشديد النظام قبضته على الناشطين شعر هادي بأن النظام قد اقترب من "سمير فتحي"، وأنه لم يعد بينه وبين الاعتقال إلا اجتهاد شبيح أو جندي.
احتال هادي لينقذ نفسه بأن قتل "سمير فتحي" هذا، ورمى الخبر إلى وكالات الأنباء فطارت به، وأذاعته "الجزيرة"، وأقامت قناة "وصال" الحداد عليه لثلاثة أيام.. لكن هذه الموتة لم تقضِ عليه، فقام منها ليصبح "هادي العبد الله".
كشف هادي تورط مقاتلي حزب الله اللبناني في دماء أهل مدينة القصير السورية في وقت لم تكن الشبكات الإخبارية تصدق أحاديث الثوار عن مشاركة حزب الله في معارك القصير.
كُتبت هذه اليوميات كما تكتب الملاحم البطولية، فهادي يحكي فيها كيف كان يتعرض للموت فيشيح عنه تارة، وتارة يلامسه الموت بأصابعه، فحتى الشظية التي اخترقت رأسه وقفت على بعد سنتيمتر واحد من دماغه.
سرد هادي قصصه مع رفاق النضال من المصورين الذين كانوا يتنقلون بصحبته على خريطة الموت السورية، بدءا بمصوره الأول طرّاد الزهوري، ثم مصوره الثاني خالد العيسى، إضافة إلى رائد فارس وحمود جنيد، وكلهم أدركتهم يد الموت.
لقد كان في قصص رحيل هؤلاء الرفاق أكبر تلخيص لقصة الثورة السورية المغدورة التي وقعت بين فكي كماشة لا ترحم: النظام السوري، والفصائل المسلحة، فالمصور طرّاد ذهب ضحية هجمات النظام الوحشي، أما الثلاثة الآخرون فاغتالتهم يد التطرف اللعينة.
إسطنبول.. حفل توقيع كتاب "حالات حرجة"
للناشط هادي العبد الله
يجيء كتاب هادي العبد الله كثاني مذكرات شخصية تسترجع أحداث الثورة السورية من داخل الصف الثوري بعد مذكرات برهان غليون "عطب الذات"، وهو يقدم بذلك صفحات من دفتر نضال الشباب العرب الطامحين للحرية والعدالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق