الخميس، 16 مايو 2013

معارضة مشغولة بالمأمأة والثغاء


معارضة مشغولة بالمأمأة والثغاء
فراج إسماعيل

ما بين المأمأة والثغاء انشغلت المعارضة المصرية ولم تتقدم خطوة واحدة للأمام منذ تم انتخاب الرئيس محمد مرسي، مع أنها لو تركت هذه المساحة المسكونة بالإهانات والشتائم ونزلت إلى الناس، فربما حققت أغلبية البرلمان القادم وشكلت الحكومة التي تمثل الضلع الثاني للسلطة التنفيذية.
لكنها للأسف ركزت جهدها على التقاط ما وصلت إليه قريحة موجه تعليم في الإسكندرية في وضع سؤال ترجمة هزلي تنقصه المعايير التربوية عن الخروف الذي لا يستطيع أن يصير ملكًا في مملكة الحيوان.
 وشبيه له سؤال وضعه زميله في المنصورة، وما زلنا ننتظر سؤالًا آخر عن المعزة أو السخلة لتحتفي به المعارضة وإعلامها، مما يحتم على أساتذة العلوم السياسية إفراد بحث خاص عن نظرية المأمأة والثغاء في الديمقراطية المصرية.
استفدت شخصيًا بالبحث في القاموس عن المزيد من أصوات الحيوانات، فإذا كانت المأمأة للخراف والثغاء للغنم أو الماعز، فإن مملكة الحيوان واسعة ولن ينضب معينها مع استمرار المعارضة في هزلها وضآلة تفكيرها.
يمكنني توقع أن المنهمكين بجمع توقيعات "تمرد" قد يولوا وجهتهم نحو مملكتهم الأثيرة لمزيد من التوقيعات، فهذه هي الديمقراطية الجديدة التي تفتقت عنها عقول الكسالى الخائفين من صندوق الانتخاب.
لا نعرف من هم جامعو توقيعات تمرد؟ 
ما صفتهم وشرعيتهم وأهليتهم؟
 وما قيمة ما يفعلونه حتى لو جمعوا 150 مليون توقيع؟!
باعتبار أن أحدًا لن يسألهم إذا حصلوا على توقيع للعجل في بطن أمه، وللأجنة والأطفال الرضع، وحتى لمن تتوحم باعتبار أنها في سبيلها لإنتاج مواطن. ليست عليهم رقابة محلية أو دولية ولا توجد هيئة معتبرة يمكنها أن تراقب فيلم تهريج.
مهزلة المعارضة في مصر تضحك عليها الأمم، يسخر منها الساخرون، فلم يسبقنا أحد إلى اختراع التوقيعات لإسقاط رئيس انتخبه الصندوق، والغريب أن الذين يطرقون أبوابهم للتوقيع على استمارات "تمرد" هم أنفسهم الذين جرت الإساءة إليهم وإهانتهم بأنهم أميّون، والتحريض على نزع حقهم الدستوري في التصويت بحجة أنهم يمنحون أصواتهم مقابل رشى الزيت والسكر!
هل هذه معارضة تصلح لأن تكون بديلًا في الحكم، إذا فشل مرسي فهل بديله هؤلاء الذين ركبوا أعلى خيلهم فلما خارت قواها من فرط جهلهم السياسي اتجهوا إلى استجداء المأمأة والثغاء من واضعي أسئلة الامتحانات؟!
وأخيرًا لجأوا إلى مسخرة "تمرد" التي لا ترقى للمقارنة بالكتاب الأخضر ونظام الجماهيرية الذي ابتكره القذافي على تفاهته الشديدة.
ما أكثر فوازير المعارضة المصرية وجبهة إنقاذها، وما أعظم فداحة سلوكهم السياسي وفهمهم السلبي للعملية الديمقراطية! لكن أن تنحصر حركتهم في مملكة الحيوان وتهريج "تمرد" فذلك هزيمة نكراء للأمة المصرية كلها، لأن أي نظام سياسي ناجح لا يقوم إلا بوجهين، وجه يمثله النظام الحاكم، ووجه معارض متحفز لأن يصبح حاكمًا بإرادة الشعب الانتخابية.
إذا غاب هذا الوجه الأخير أو تعثر أو مارس دوره المنتظر منه بسخافة وطفولية وخفة، فلا أمل في تغيير ديمقراطي حقيقي، بل سندخل البطالة السياسية 30 سنة أخرى، فالذين ننتظر منهم أن ينافسوا نظام الحكم القائم في الساحة الحقيقية متمثلة في الانتخابات مغيبون عن الوعي والإدراك.
farrag.ismail@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق