الأمن قدّموه على العلم
فهمي هويدي
لا يكاد المرء يصدق عينيه وهو يطالع ما نشرته الصحف المصرية أمس عن أجواء بداية العام الجامعى الجديد، فالأخبار والصور المنشورة تحدثت عن ثكنات عسكرية وليس عن جامعات، وعن مدرعات رابطت غير بعيد من «الجبهة» التى احتشد رجال الأمن على مداخلها، فى حين اصطف الطلاب فى طوابير تعرضت للتفتيش والتدقيق فى الهويات، وفى خلفية ذاك المشهد تزاحمت فى الفضاء الجامعى تصريحات التحذير وبيانات إحكام الرقابة وسيل الإشارات التى كان ضبط الأمن محورها، حتى بدا أن الجامعات بصدد التحول إلى مؤسسات ترفع شعارات التأديب والتهذيب والإصلاح.
وهو ما يخطر على البال منذ قرأنا عن تعديل قانون تنظيم الجامعات بما يسمح بفصل الأساتذة دون عرضهم على مجلس للتأديب، (فصل الطلاب صار أمرا مفروغا منه)، كما قرأنا عن توظيف بعض الطلاب للتجسس على زملائهم، وعن تفتيش غرف الطلاب فى المدن الجامعية، وعن مطالبة البعض بإغلاق المدن الجامعية بدعوى أنها محاضن للإرهاب، وتابعنا مسئولا جامعيا مرموقا يتحدث عن انشغاله بالأمن القومى ويعلن انه جند طلابا من بلدياته للتجسس على زملائهم.. إلخ.
فى بداية العام الدراسى تحدث الجميع عن الأمن، فلم نسمع صوتا تحدث من قريب أو بعيد عن التعليم، ولم يكن ذلك متعمدا بطبيعة الحال، لكنه كان عفويا على نحو جاء كاشفا للأولوليات التى احتل فيها الأمن الصدارة، حتى تراجع كل ما عداه، بما فى ذلك قضية فى حيوية التعليم، الذى يعد النجاح فيه من ركائز الحفاظ على الأمن القومى.
تكثيف الاهتمام بالأمن فى الجامعات له اسبابه المفهومة التى تحتاج إلى مناقشة ومراجعة، لكن من سوء الحظ انه يتم فى وقت تتراجع فيه اسهم الجامعات المصرية عربيا وافريقيا ودوليا، وهو ما كشف عنه التصنيف الدولى للجامعات الذى أوضح تقدم الجامعات الأمريكية والبريطانية على مستوى العالم، فى حين تصدرت الجامعات الاسرائيلية والتركية والايرانية والسعودية واللبنانية القائمة فى الشرق الأوسط، وحصلت جامعات جنوب افريقيا وأوغندا ونيجيريا على ترتيب متقدم افريقيا.
فى بداية العام الدراسى تحدث الجميع عن الأمن، فلم نسمع صوتا تحدث من قريب أو بعيد عن التعليم، ولم يكن ذلك متعمدا بطبيعة الحال، لكنه كان عفويا على نحو جاء كاشفا للأولوليات التى احتل فيها الأمن الصدارة، حتى تراجع كل ما عداه، بما فى ذلك قضية فى حيوية التعليم، الذى يعد النجاح فيه من ركائز الحفاظ على الأمن القومى.
تكثيف الاهتمام بالأمن فى الجامعات له اسبابه المفهومة التى تحتاج إلى مناقشة ومراجعة، لكن من سوء الحظ انه يتم فى وقت تتراجع فيه اسهم الجامعات المصرية عربيا وافريقيا ودوليا، وهو ما كشف عنه التصنيف الدولى للجامعات الذى أوضح تقدم الجامعات الأمريكية والبريطانية على مستوى العالم، فى حين تصدرت الجامعات الاسرائيلية والتركية والايرانية والسعودية واللبنانية القائمة فى الشرق الأوسط، وحصلت جامعات جنوب افريقيا وأوغندا ونيجيريا على ترتيب متقدم افريقيا.
اما جامعة القاهرة فقد جاءت فى الترتيب ٣٢ على مستوى الشرق الأوسط والـ١٢٠٦ على مستوى العالم، وهى فى ذلك متقدمة بصورة نسبية على بقية الجامعات المصرية الأخرى.
خلال السنوات الأخيرة حدث ذلك التراجع فى مستوى الجامعات المصرية (بعض الدول الخليجية لم تعد تعترف بشهادة بكالوريوس الطب المصرية وتتطلب شروطا اخرى لاعتمادها)، إلا ان ظهور العنصر الأمنى على النحو الذى لاحظناه هذا العام لابد ان يكون له أثره السلبى على سمعة تلك الجامعات على الأقل، هذا إذا لم يؤثر تقصير أمد العام الجامعى على تحصيل المناهج وكفاءة العملية التعليمية.
فى الوقت الذى صار فيه الأمن شاغل الجامعات المصرية، فإننا نشهد صعودا سريعا ومدهشا للجامعات الآسيوية التى اصبحت تحتل مكانة متقدمة بين جامعات العام رفيعة المستوى، فى حين اصبح تلاميذ المدارس الآسيوية يتصدرون تصنيف التعليم على مستوى العالم، إذ بعدما ظلت فنلندا تحتل المرتبة الأولى طوال عشر سنوات على مستوى التعليم الرفيع، فإنها تخلت عن تلك الصدارة ابتداء من عام ٢٠١٢، وتراجع ترتيبها إلى المرتبة الثانية عشرة، وتصدر القائمة شنغهاى فى الصين، ثم سنغافورة وبعدها هونج كونج ثم تايوان وكوريا الجنوبية وبعدهما ماكاو واليابان، وهذا الترتيب فى التفوق الذى استأثرت به الدول الآسيوية حققته الاختبارات التى تمت فى مجالى العلوم والنصوص المكتوبة. (للعلم التلاميذ فى كوريا الجنوبية يقضون ٥٠ ساعة اسبوعيا فى الدراسة بزيادة ١٦ ساعة عن نظرائهم فى أوروبا، حيث يدخلون إلى صفوفهم فى السابعة والنصف صباحا ولا يغادرونها قبل الساعة الرابعة بعد الظهر).
فى التقارير المنشورة وجدت ان الجامعات فى الهند بدأت تشق طريقها بقوة لتحتل موقعها بين أهم الجامعات الآسيوية والعالمية، تتنافس فى ذلك ٣٤٣ جامعة و١٧ ألف كلية إضافة إلى ٦٦ مؤسسة للتعليم عن بعد فى ٦٠ جامعة إلى جانب 11 جامعة مفتوحة.
خلال السنوات الأخيرة حدث ذلك التراجع فى مستوى الجامعات المصرية (بعض الدول الخليجية لم تعد تعترف بشهادة بكالوريوس الطب المصرية وتتطلب شروطا اخرى لاعتمادها)، إلا ان ظهور العنصر الأمنى على النحو الذى لاحظناه هذا العام لابد ان يكون له أثره السلبى على سمعة تلك الجامعات على الأقل، هذا إذا لم يؤثر تقصير أمد العام الجامعى على تحصيل المناهج وكفاءة العملية التعليمية.
فى الوقت الذى صار فيه الأمن شاغل الجامعات المصرية، فإننا نشهد صعودا سريعا ومدهشا للجامعات الآسيوية التى اصبحت تحتل مكانة متقدمة بين جامعات العام رفيعة المستوى، فى حين اصبح تلاميذ المدارس الآسيوية يتصدرون تصنيف التعليم على مستوى العالم، إذ بعدما ظلت فنلندا تحتل المرتبة الأولى طوال عشر سنوات على مستوى التعليم الرفيع، فإنها تخلت عن تلك الصدارة ابتداء من عام ٢٠١٢، وتراجع ترتيبها إلى المرتبة الثانية عشرة، وتصدر القائمة شنغهاى فى الصين، ثم سنغافورة وبعدها هونج كونج ثم تايوان وكوريا الجنوبية وبعدهما ماكاو واليابان، وهذا الترتيب فى التفوق الذى استأثرت به الدول الآسيوية حققته الاختبارات التى تمت فى مجالى العلوم والنصوص المكتوبة. (للعلم التلاميذ فى كوريا الجنوبية يقضون ٥٠ ساعة اسبوعيا فى الدراسة بزيادة ١٦ ساعة عن نظرائهم فى أوروبا، حيث يدخلون إلى صفوفهم فى السابعة والنصف صباحا ولا يغادرونها قبل الساعة الرابعة بعد الظهر).
فى التقارير المنشورة وجدت ان الجامعات فى الهند بدأت تشق طريقها بقوة لتحتل موقعها بين أهم الجامعات الآسيوية والعالمية، تتنافس فى ذلك ٣٤٣ جامعة و١٧ ألف كلية إضافة إلى ٦٦ مؤسسة للتعليم عن بعد فى ٦٠ جامعة إلى جانب 11 جامعة مفتوحة.
إذ وفقا لأحدث مسح حول أفضل كليات اجرته صحيفة «انديا توداى» ضمن دليل «نيلسون بست كولدج» وهو أفضل دليل موثق فى الهند، كانت الكليات التى حصلت على الترتيب الأول فى مجالات العلوم والفنون والتجارة وجميعها من جامعة نيودلهى، فكانت خمس من أفضل عشر كليات فى مجال الفنون والعلوم من تلك الجامعة، وكذلك أربع من أكبر ١٠ كليات للتجارة، ناهيك عن تفوق العاصمة الوطنية على بقية البلاد فى ثلاثة مجالات اخرى، حيث تم تصنيف معهد عموم الهند للعلوم الطبيعة ومعهد اى. اى. تى دلهى وان. اى. اف. تى دلهى، كأفضل الكليات فى الطب والهندسة والموضة على التوالى.
الكلام عن سنغافورة التى أصبحت توصف بأنها بلاد التعليم الجامعى الرفيع وأرض الفرص العلمية، إذا قورن بالصورة التى تشهدها فى مصر، فإنه يشعرك بأنك تتحدث عن كوكب آخر مختلف عن الكوكب الذى نعيشه ونعرفه، وسنظل نحلق فى آفاق ذلك الكوكب البعيد طالما علقنا أبصارنا بالفضاء الجامعى الآسيوى، ولن نشعر بقسوة الارتطام بأرض الواقع إلا إذا فتحنا أعيننا على صور الحاصل فى مداخل الجامعات المصرية، التى تمسح من أذهاننا أى حديث عن المعرفة والتقدم وأحلام المستقبل.
الكلام عن سنغافورة التى أصبحت توصف بأنها بلاد التعليم الجامعى الرفيع وأرض الفرص العلمية، إذا قورن بالصورة التى تشهدها فى مصر، فإنه يشعرك بأنك تتحدث عن كوكب آخر مختلف عن الكوكب الذى نعيشه ونعرفه، وسنظل نحلق فى آفاق ذلك الكوكب البعيد طالما علقنا أبصارنا بالفضاء الجامعى الآسيوى، ولن نشعر بقسوة الارتطام بأرض الواقع إلا إذا فتحنا أعيننا على صور الحاصل فى مداخل الجامعات المصرية، التى تمسح من أذهاننا أى حديث عن المعرفة والتقدم وأحلام المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق