الباشا والفجل والجرجير
وائل قنديل
صاروا كلهم يتحدثون عن العروبة، ويثرثرون عن القومية، على الرغم من أنهم هم الأصوات النكراء والألسن الحداد التي رخصت عندها "عروس العروبة"، وأعني القضية الفلسطينية ومقاومتها وقدسها وأقصاها، من الذين يرددون الأناشيد القومجية، الآن، من كانوا، قبل أسابيع، يصفّقون لإسرائيل، ويطالبونها بمزيد من العدوان، لتأديب غزة واستئصال مقاومتها.
لكن، لا بأس، فما دام قادة الأوركسترا قد أشاروا بأصابعهم، فليردد الكورس ذو الألوان والأوجه المتعددة لحن الوحدة العربية والعلاقات الأخوية، والكلام الكذوب عن "الظفر الذي لا يخرج من اللحم"، و"أمعاء البطن التي تتعارك"، وأن ما جرى كان سحابة صيف عابرة.
العروبة في نظر هؤلاء هي عروبة المنح والقروض والوديعة، لا عروبة القيم والمبادئ والدم واللغة والمصير المشترك، هي عروبة فاسدة تنطلق من وطنية فاسدة، تصنف "حماس" عدواً و"إسرائيل" صديقاً وجاراً وحليفاً، ومن ثم لا يستشعرون خجلاً، ولا يعرفون حياءً، وهم يهرفون بكلام عن "الأخوة والوحدة العربيتين"، في اللحظة التي يعلن فيها جنرالهم أن مصر العربية القومية لن تسمح بإزعاج الكيان الصهيوني من سيناء.
وبهذا المنطق، يصبح ما يدور على أرض سيناء تأميناً لاستقرار إسرائيل وسلامتها.
هي العروبة الجديدة، إذن، التي ترفع شعاراً ضد التاريخ، لتصبح المعادلة "نضرب سيناء دفاعاً عن إسرائيل" في انسلاخ واضح عن الثوابت والجينات المكونة للوجدان المصري العربي الذي تربى على معادلة "الحرب ضد إسرائيل من أجل استعادة سيناء إلى حضن الوطن".
في مناخ معبّأ بعوادم الانحطاط القومي، مثل الذي يملأ الأفق الآن، من الطبيعي ألا يرى "عميان الانقلاب" من "فيل العروبة" سوى الوديعة القطرية، على طريقة "عميان فولتير والفيل"، فإن سكتت الدوحة عن حقها في الوديعة فهي نعم الشقيقة والأخت الصغرى، وإن تمسّكت بما أعلنه الجانب المصري نفسه من أنه سيرد وديعة المليارين ونصف المليار دولار نهاية هذا الشهر، فهي تراوغ وتتمادى في معاداة مصر، وتتحايل على اتفاق المصالحة ومبادرات الوئام.
هي العروبة المخجلة، حين تقرأ أن القاهرة طلبت وساطة السعودية "شقيقة نظام الانقلاب الكبرى"، لإقناع قطر بالتخلي عن استحقاق الوديعة، ويبلغ الانكشاف الفاضح مداه، حين تهذي إحداهن، على الهواء مباشرة، بأنه من دون مد أجل رد الوديعة، خمس سنوات على الأقل، فإن الدوحة تكون غير جادة في الصلح والتهدئة.
والحاصل أنه منذ الإعلان عن المصالحة الخليجية، والحكومة المصرية لا ترى فيها إلا وسيلة ضغط على القطريين لقطع لسان "الجزيرة" وانقطاع الحديث عن رد الوديعة.
هي العروبة الجديدة، إذن، التي ترفع شعاراً ضد التاريخ، لتصبح المعادلة "نضرب سيناء دفاعاً عن إسرائيل" في انسلاخ واضح عن الثوابت والجينات المكونة للوجدان المصري العربي الذي تربى على معادلة "الحرب ضد إسرائيل من أجل استعادة سيناء إلى حضن الوطن".
في مناخ معبّأ بعوادم الانحطاط القومي، مثل الذي يملأ الأفق الآن، من الطبيعي ألا يرى "عميان الانقلاب" من "فيل العروبة" سوى الوديعة القطرية، على طريقة "عميان فولتير والفيل"، فإن سكتت الدوحة عن حقها في الوديعة فهي نعم الشقيقة والأخت الصغرى، وإن تمسّكت بما أعلنه الجانب المصري نفسه من أنه سيرد وديعة المليارين ونصف المليار دولار نهاية هذا الشهر، فهي تراوغ وتتمادى في معاداة مصر، وتتحايل على اتفاق المصالحة ومبادرات الوئام.
هي العروبة المخجلة، حين تقرأ أن القاهرة طلبت وساطة السعودية "شقيقة نظام الانقلاب الكبرى"، لإقناع قطر بالتخلي عن استحقاق الوديعة، ويبلغ الانكشاف الفاضح مداه، حين تهذي إحداهن، على الهواء مباشرة، بأنه من دون مد أجل رد الوديعة، خمس سنوات على الأقل، فإن الدوحة تكون غير جادة في الصلح والتهدئة.
والحاصل أنه منذ الإعلان عن المصالحة الخليجية، والحكومة المصرية لا ترى فيها إلا وسيلة ضغط على القطريين لقطع لسان "الجزيرة" وانقطاع الحديث عن رد الوديعة.
وعلى وقع ذلك، انطلق مهرجان "التسوّل الإجباري" باستخدام العضلات الميكروفونية المفتولة، بما يذكّرك بالصبية الذين يخبطون بأيديهم على زجاج سيارات العابرين، لكي يمتثلوا لدفع "المعلوم" في مقابل مسح الزجاج بالقوة، أو كما كان يفعل "الإقطاعي المفلس" في النكتة المصرية الشهيرة، حين ضاق به الحال، وصار محتماً عليه أن يشتغل ويكدّ ويكدح، فنصحه بعضهم بأن يزرع حديقته خضروات ويبيعها ويعيش على حصيلة بيعها.. تقول النكتة إن الباشا الإقطاعي القديم مضى مرتدياً طربوشه الأحمر اللامع، وبزّته الفخمة، وامتطى عربةً يجرها حصان، وانطلق في شوارع القرية ينادي على المشترين "فجل وجرجير يا كلاب".
مثل هذه العجرفة في التسول والغطرسة في الابتزاز تجدها على ألسنة إعلاميي الانقلاب، هذه الأيام، في مصر الجديدة الغريبة عن تاريخها وجغرافيتها.
معذرة أيها التاريخ!
مثل هذه العجرفة في التسول والغطرسة في الابتزاز تجدها على ألسنة إعلاميي الانقلاب، هذه الأيام، في مصر الجديدة الغريبة عن تاريخها وجغرافيتها.
معذرة أيها التاريخ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق