مقاومة الانقلاب لا تسقط بالتقادم
وائل قنديل
لم تتوقف مواقع الصحف المصرية التابعة للانقلاب على مدار 48 ساعة، سبقت انطلاق التظاهرات الحاشدة في جمعة الأمس، عن جلد القارئ بشريط ساخن من الأخبار العاجلة، لا تخرج عن انفجار عبوة ناسفة هنا، وإبطال مفعول قنبلة هناك، مع وقوع إصابات أو بدونها.
وعلى الرغم من ذلك، يصر حكام مصر الجدد على التعامل مع الحدث وفقاً لكراسة الشروط والمواصفات المعتمدة منذ بداية الانقلاب في الثلاثين من يونيو/ حزيران 2013، والتي تقوم على تصنيع أكاذيب محشوة بعجوة الأرقام الوهمية.
رئيس الحكومة القادم من عالم المقاولات إلى السياسة، من دون أية مقدمات موضوعية، أو حتى ذاتية، قال ما معناه إن أحداً لم يتظاهر في مصر، وإن على قناة الجزيرة أن تتقي الله، ناصحاً بمتابعة التلفزيون المصري الذي ينقل الحقيقة.
رئيس الحكومة القادم من عالم المقاولات إلى السياسة، من دون أية مقدمات موضوعية، أو حتى ذاتية، قال ما معناه إن أحداً لم يتظاهر في مصر، وإن على قناة الجزيرة أن تتقي الله، ناصحاً بمتابعة التلفزيون المصري الذي ينقل الحقيقة.
وبالطبع، لا تخرج الحقيقة في مفهوم جنرالات الانقلاب، من عسكريين ومقاولين وإعلاميين، ترعرعوا في حظائر المؤسسة الأمنية، عمّا تعتقده الحكومة، وتقوله، وتريد من الناس تصديقه.
هي الحقيقة في وجهها القبيح، التي تجعل رئيس سلطة الانقلاب يتقمّص شخصية فرانكفونية مضحكة، بمناسبة وجوده في فرنسا، ويزعم أن منسوب الحريات والديمقراطية ارتفع في مصر على نحو ينذر بفيضان، وأنه مد يده بالورود لجماعة الإخوان مدة أسبوعين بعد الانقلاب، فلما رفضت صدر القرار بارتكاب المجزرة.
وبالطبع، يسلك الرجل على طريقة "إذا كنت في فرنسا، أعلِن اعتناقك أفكار الفرنسيين"، فيقول إنه يتعامل مع موضوع التظاهرات والاعتقالات اعتماداً على النقل الحرفي من القوانين والتشريعات الفرنسية..
هي الحقيقة في وجهها القبيح، التي تجعل رئيس سلطة الانقلاب يتقمّص شخصية فرانكفونية مضحكة، بمناسبة وجوده في فرنسا، ويزعم أن منسوب الحريات والديمقراطية ارتفع في مصر على نحو ينذر بفيضان، وأنه مد يده بالورود لجماعة الإخوان مدة أسبوعين بعد الانقلاب، فلما رفضت صدر القرار بارتكاب المجزرة.
وبالطبع، يسلك الرجل على طريقة "إذا كنت في فرنسا، أعلِن اعتناقك أفكار الفرنسيين"، فيقول إنه يتعامل مع موضوع التظاهرات والاعتقالات اعتماداً على النقل الحرفي من القوانين والتشريعات الفرنسية..
ولأن فرنسا لا تجد غضاضة في مشاهدة دماء قوى الإسلام السياسي تجري أنهاراً منذ ضلوعها في تفجير العشرية الجزائرية السوداء، لا يفوّت الجنرال "الفرانكفوني" الفرصة، ليقدم طبقاً يرضي ذوق الفرنسيين، يشتمل على بهارات إعلان الكراهية لمفهوم الجهاد، والدعوة إلى تحالف مع الغرب ضد الإسلاميين، دفاعاً عن الإسلام كما يقول، تماماً كما كان الجنرال بونابرت يقتحم الأزهر بخيوله، دفاعاً عن الإسلام الفرانكفوني الجميل، أيضاً.
يحلو لعبد الفتاح السيسي والعاملين في مؤسسة انقلابه تصوير القصة كلها على أنها صراع مع "الإخوان" والإسلاميين، يسوق هذه الرواية الفاسدة للخارج والداخل، للقفز على جوهر القضية، وهو أن مجموعة من الأشخاص كوّنوا في ما بينهم تشكيلاً مارس عملية قرصنة على ثورة مصرية واعدة بالإصلاح الديمقراطي والاقتصادي والحضاري، وفي طريقهم إلى تنفيذ جريمة القرصنة، خطفوا وقتلوا وعذبوا ونكّلوا بمعارضيهم.
يطيب لهم أن يقوموا بهذا الاختزال المخل، والاختصار الشرير للمعادلة، لتنتقل من كونها اعتداء على تجربة ديمقراطية، تولّدت عن ثورة أذهلت العالم، إلى مجرد نزاع بين الدولة والإسلاميين، وأن تتحوّل من صراع بين مجموعة جنرالات لم يتحملوا أن يحكم البلاد عبر انتخابات ديمقراطية شخص قادم من خارج المؤسسة العسكرية وبين القوى المدنية والديمقراطية، إلى نزاع بين الدولة والإخوان.
يلف هؤلاء ببضاعة "الحرب على الإرهاب" على عواصم دولٍ لديها ميراث عتيد من الاستعلاء على حضارة الشرق، ذات المكوّن الإسلامي الأصيل، يسددون فواتير ويعلنون الاستعداد للعب كل الأدوار المطلوبة، كما جاءت في كتب التاريخ الاستعماري القديم والحديث، تماماً كما كان يفعل عارضو خدماتهم على قادة حملات الاحتلال الفرنسية والبريطانية، ومَن جاء بعدهم راضياً بما يتساقط من مائدة "سايكس بيكو".
لقد حاول باعة الانقلاب الجائلون أن يصوّروا للعالم أن لا حراك، ولا معارضة ضدهم في مصر، فباغتتهم الحشود والأحداث الساخنة في جمعة الأمس، على الرغم من تحفظات على عنوانها، فعادوا، مرة أخرى، إلى عنبر الحكام التوحديين، يرددون روايات تناقض ما أعلنوه قبل يومين، من إجراءات غير مسبوقة، حوّلت مصر كلها إلى ثكنة عسكرية.
وتبقى الحقيقة الناصعة أن جذوة مقاومة جريمة الانقلاب لم تخمد في نفوس المصريين، بعد مضيّ 72 أسبوعاً على عملية اختطاف مصر.
يحلو لعبد الفتاح السيسي والعاملين في مؤسسة انقلابه تصوير القصة كلها على أنها صراع مع "الإخوان" والإسلاميين، يسوق هذه الرواية الفاسدة للخارج والداخل، للقفز على جوهر القضية، وهو أن مجموعة من الأشخاص كوّنوا في ما بينهم تشكيلاً مارس عملية قرصنة على ثورة مصرية واعدة بالإصلاح الديمقراطي والاقتصادي والحضاري، وفي طريقهم إلى تنفيذ جريمة القرصنة، خطفوا وقتلوا وعذبوا ونكّلوا بمعارضيهم.
يطيب لهم أن يقوموا بهذا الاختزال المخل، والاختصار الشرير للمعادلة، لتنتقل من كونها اعتداء على تجربة ديمقراطية، تولّدت عن ثورة أذهلت العالم، إلى مجرد نزاع بين الدولة والإسلاميين، وأن تتحوّل من صراع بين مجموعة جنرالات لم يتحملوا أن يحكم البلاد عبر انتخابات ديمقراطية شخص قادم من خارج المؤسسة العسكرية وبين القوى المدنية والديمقراطية، إلى نزاع بين الدولة والإخوان.
يلف هؤلاء ببضاعة "الحرب على الإرهاب" على عواصم دولٍ لديها ميراث عتيد من الاستعلاء على حضارة الشرق، ذات المكوّن الإسلامي الأصيل، يسددون فواتير ويعلنون الاستعداد للعب كل الأدوار المطلوبة، كما جاءت في كتب التاريخ الاستعماري القديم والحديث، تماماً كما كان يفعل عارضو خدماتهم على قادة حملات الاحتلال الفرنسية والبريطانية، ومَن جاء بعدهم راضياً بما يتساقط من مائدة "سايكس بيكو".
لقد حاول باعة الانقلاب الجائلون أن يصوّروا للعالم أن لا حراك، ولا معارضة ضدهم في مصر، فباغتتهم الحشود والأحداث الساخنة في جمعة الأمس، على الرغم من تحفظات على عنوانها، فعادوا، مرة أخرى، إلى عنبر الحكام التوحديين، يرددون روايات تناقض ما أعلنوه قبل يومين، من إجراءات غير مسبوقة، حوّلت مصر كلها إلى ثكنة عسكرية.
وتبقى الحقيقة الناصعة أن جذوة مقاومة جريمة الانقلاب لم تخمد في نفوس المصريين، بعد مضيّ 72 أسبوعاً على عملية اختطاف مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق