الاثنين، 14 ديسمبر 2015

إنهم "يتوحمون" على "دكر"!


إنهم "يتوحمون" على "دكر"!
سليم عزوز

أكدت موقعة "المايك" في السودان، أن "مصر السيسي"، "تتوحم" على دكر، ومن المتواتر، أن "المرأة الحبلى"، إذا "توحمت" على شيء ولم تنله، ظهر مطبوعا على جسد الجنين مدى الحياة.

لغير المتابعين للحدث الجلل الذي وقع في السودان نقول، إن وزير خارجية الانقلاب "السفير" سامح شكري، عندما هم بالجلوس في المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش اجتماعات سد النهضة، رأي أمامه "مايك" قناة الجزيرة، فتصرف كمن لدغه "الثعبان الأقرع"، وهتف: "شيلوا البتاع ده". 
فلم يقل "الميكروفون"، أو "المايك"، وإنما قال "البتاع"، ورغم أن الوفد المرافق للوزير كان كبيرا من حيث العدد، ورغم أن وزير الري بدا كما لو كان سكرتيرا لوزير الخارجية، فكان يشرف على جلوسه، إلا أن أحدا من الوفد المرافق، لم يعرف المقصود بالضبط بـ "البتاع"، فـ "البتاع تشابه عليهم"، وعندئذ، ولأن من الواضح أن "البتاع"، كان يرسل ذبذبات كهرومغناطيسية  إلى "الحبل السري" للوزير، فقال بيدي لا بيد عمرو، فلم يطق على وجوده صبرا، وينتظر حتى يفهم أحد من أعضاء الوفد المقصود بـ "البتاع"، وعليه فقد أطاح سامح شكري به بنفسه!

وبدا واضحا، أن الوزير المذكور عندما فعل فعلته، شعر بالراحة وتنفس الصعداء، وكان كمن عاد من الخلاء، بعد حالة إمساك مستعصية، وقد أنهى المهمة بسلام!

الوزير كان يصطحب وفدا صحفيا معه، ولم يكد يزيح "البتاع" من أمامه، حتى كان الوفد قد كتب الخبر، ولم ينتظر الصحفيون المرافقون حتى الانتهاء من المؤتمر الصحفي، الذي انعقد بعد مشاورات مهمة، في موضوع له أهمية قصوى على الأمن القومي المصري، فالخبر الصحفي، في أن يكون "عض  إنسان كلبا"، وليس في "عض كلب إنسانا".

التوصيف لما أقدم عليه "السفير" سامح شكري، بدا مختلفا من موقع لموقع ومن صياغة صحفي لصحفي آخر، فبينما كتب أحدهم أنه ألقي بميكرفون الجزيرة على الأرض، كتب آخر أنه أبعده، وكتب ثالث أنه حطمه، لكن التوصيف الأكثر دقة هو ما نشره موقع "اليوم السابع"، فقد جاء في المنشور أنه "أطاح" بـ "مايك الجزيرة"، وعندئذ شعر أنصار السيسي بالانتصار الوطني، وانتقل العطاء إلى "سامح"، الذي وصفه "أحمد موسى" بأنه "أسد الخارجية"، يبدو أن الإعلامي الكبير متأثر بأجواء "حديقة الحيوانات" بالجيزة: "الأسد" و"شيتلاند"!.

تقليدي "أحمد موسى" هذا، فهو من زمن "أسد الصحراء"، ولم يعلم ما طرأ على المشهد السياسي في عهد السيسي، إذ تبين أن هناك حالة "وحم" في صفوف أنصاره لـ "دكر"، فوصفوه بـ "الدكر"، ولهذا كتب شاعر الغبراء قصيدته التاريخية: "نساؤنا حبلى بنجمك"، وأبدت كاتبة أخرى استعدادها التام، لأن تكون جارية في البلاط، فليس عليه إلا أن "يغمز بعينه"، وكتبت شاليمار شربتلي، أنها ترى في السيسي الرجولة والحنان. فلما أفل، وجد القوم ضالتهم في بوتين!

فعقب إسقاط تركيا الطائرة الروسية، ت مدد الزعيم الروسي بالحرارة وانكمش بالبرودة، وهدد وتوعد، فقال "المتوحمون": هذا "دكر"، هذا أكبر، وانتقل العطاء من السيسي إليه، فصار "بوتين الدكر"، وهتف هاتفهم: "اضرب يا بوتين"، وخرج ضحايا الحب العذري للتظاهر أمام السفارة الروسية في القاهرة، وهن يحلفن بحياة "الدكر"، ويطالبن "الدكر الروسي"، بأن يقطع يد أردوغان، ولزوم القافية فقد تحول اسم بوتين إلى "بوطيين"، في مد للباء، وكسر مصحوب بمد للطاء أفرز ياء أخرى، إذ كان الهتاف هو: "يوم ذكرى الأربعين.. كمل .. كمل يا بوطيين"!.. فكان أولها "بو".. وآخرها "طين"، وعلى رأي الرئيس السادات في وصف رئيس اللجنة الدينية بحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي الشيخ "مصطفى عاصي": "حتى الشيخ بتاعهم عاصي"!

لا بأس، فالقافية حكمت، وقد يظن الرئيس الروسي، أن "بوطيين"، بالمد والكسر اللازمين، هو اسمه معربا، ومهما يكن، فقد أفل بوتين، وبدا متراجعا عن توقعات من ظنوا أنه "دكر"، وأنه سيطيح بأردوغان من موقعه، فاعتبروا سامح شكري، هو "الدكر"، الذي عوض صبرهم خيرا، وهو يطيح بميكروفون الجزيرة، وهذا أفضل؛ فهو وزير خارجية الانقلاب ليكون "زيت الانقلابيين في دقيقهم"، فضلا عن أن المستهدف هو الإطاحة، وما دام "بوطيين" خذلهم، ولم يطح بالرئيس التركي، فقد "أطاح" الوزير سامح بالميكروفون، والمطلوب هو الإطاحة بغض النظر عن المطاح به، أردوغان، أم "مايك الجزيرة"!

لقد تم تدشين هاشتاج باسم "الدكر سامح شكري"، وكانت ليلة رائعة سهر فيها الانقلابيون حتى الصباح، وقد رزقوا بـ "الدكر"، فضمنوا أن مواليدهم لن تحمل علامة "الدكر" على الجباه، فقد توحموا به، ونالوا مرادهم، واكتشفوا أن "الدكر" هو أقرب إليهم من حبل الوريد، ولم يقفوا عليه إلا بعد أن تمكن بحول الله، من الإطاحة بـ "مايك الجزيرة"، فغنوا "الليلة عيد"! 
فهم يعيشون لحظة انتصار نادرة في التاريخ، من شأنها أن ترفع منسوب الانتماء الوطني لدى الناشئة، فقد أطيح بالميكروفون، ويقال إنه تحطم، فكبد الوزير، بتحطيمه، دولة قطر خسائر فادحة ستؤثر على الاقتصاد القطري لعقود طويلة، عندما تفكر في شراء "مايك" جديد لمراسل الجزيرة في الخرطوم، وربما يتم الاستغناء عن خدمات المراسل لأنه لم يتمكن من الحفاظ على ميكرفونه، والمراسل الذي يفرط في "مايكه" غدا يفرط في أعز ما يملك!
هزيمة نكراء منيت بها قطر، وانتصار تاريخي تحقق على أيدي "الدكر"، وعادت أيام المجد من جديد بفضل سامح شكري، فاستحق لهذا أن يصبح هو "الدكر"، بعد خيبة الأمل في "السيسي" و"بوطيين"، ليصبح من المناسب الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، حتى يتمكن المصريون من رد الجميل "لدكرهم" الهمام بعد موقعة "المايك"!

لا تكتمل وطنية المرء، حتى يسعده الإطاحة بـ "مايك الجزيرة"، في ملحمة وطنية جرت على أرض السودان وبفضل "الدكر المغوار"، ولهذا فأنا سعيد بهذا الانتصار المؤزر، فقط أود السؤال عما انتهي إليه الأمر في موقعة سد النهضة؟!

لقد جاءت الأخبار تفيد فشل المباحثات، فاتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي لا يمنح مصر "نقطة مياه واحدة"، كما قال الدكتور أحمد المفتي العضو المستقيل من اللجنة الدولية للسد، فمصر اعترفت بالسد من خلال إعلان المبادئ وتغاضت عن النص على التمسك بحقوقها المائية التاريخية، كما قال وزير الري الأسبق نصر الدين علام.


كل هذا يهون، فماذا يمكن أن يحدث في أسوأ الأحوال؟.. أن يجف نهر النيل؟.. وماذا في ذلك؟، فهناك دول لا يمر بها نهر النيل ومع هذا لا تزال موجودة على الخريطة ولا تزال شعوبها حية ترزق، المهم هو الانتصار الوطني الذي تمثل في الإطاحة بـ "مايك الجزيرة"، وتكبيد قطر خسائر فادحة إذا فكرت في شراء "مايك" جديد!.

والأهم من هذا كله، أن مصر المتوحمة على "دكر" قد وجدت ضالتها أخيرا، بعد اكتشافها "الدكر" سامح شكري.

لقد صبروا ونالوا.. فلا وحم بعد اليوم، ولا خوف على الجنين المستكين في بطونهم منذ الانقلاب، من أن ترتسم على جسده علامة "الدكر"!

وكما قال الأخ العقيد القذافي: غنوا، وارقصوا، وافرحوا، وامرحوا، وعيشوا.
azouz1966@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق