تقطة نظام
قانون: فرِّقْ تسُدْ!
يروي الهنودُ في حكاياهم الشعبية أنَّ الغربان وطيور الِحدآن قد اتفقوا فيما بينهم على تقاسمِ كل شيءٍ يتمُّ الحصول عليه في الغابةِ مُناصفة. وذات يومٍ شاهدوا ثعلباً جرحه الصيادون مُضطجعاً بلا حولٍ ولا قوةٍ تحت شجرة، فتجمهروا حوله!
قالت الِحدآن: سنأخذُ النصف العلوي من الثعلب وقالتْ الغربان: حسناً، نحن سنأخذُ النصف السفلي منه!
عندها قالَ الثعلبُ: كنتُ أعتقدُ أن الغربان أذكى من الحِدآن، ولكن تبيَّن الآن لي العكس، لقد تمَّت خديعتهم، فهم أَوْلى بالنصفِ العلوي الذي فيه رأسي ودماغي، وهما أطيب شيء فيَّ!
فقالتْ الغربان: هذا صحيح، لقد تمَّ خداعنا، يجب أن نأخذَ القسم العلوي من الثعلب وقالتْ الحِدآن: هذا لن يحصل، لقد اخترنا القسم العلوي أولاً!
ونشبَ قتال بين الطرفين، ماتَ فيه الكثير، ومَن خرجَ حياً فقد خرجَ إما جريحاً أو مُنهكاً.
وبقيَ الثعلبُ هناك أياماً يأكلُ ضحايا المعركةِ التي أشعلَها بين الطرفين، حتى استعادَ عافيته وقوته، ومضى في سبيله!
لم يعرف التاريخ مُحاربين أبسل من العرب في الجاهلية، ولكنهم لم يكُن يُحسب لهم حساب إلا لأنَّ بأسهم وبسالتهم كانتْ بينهم، يتقاتلون على الكلأ والملأ، ويغزو بعضهم بعضاً، وتدورُ الحربُ بين أبناءِ العمومةِ أربعين سنةً بسببِ سباقِ النوق، وما خبر داحس والغبراء، وحرب البسوس منكم ببعيد!
وعندما جاءَ الإسلامُ العظيمُ وجمعَ هذه الأمة المُتناحرة تحت رايةٍ واحدةٍ، وأدَّبَ هذه البسالة بأدبِ العقيدة، وحوَّل السيف من غايةِ الحصولِ على العشبِ والماءِ إلى جنةٍ عرضها السماء والأرض، وجعلَ الدم الذي كان يرخصُ للثأرِ يرخصُ لتكون كلمة الله هي العُليا، تحطمتْ بفتراتٍ قياسيةٍ، ومُددٍ قصيرةٍ أمامهم الإمبراطوريات!
وما أشبه اليوم بالأمس، أُمَّةٌ في أعماقها مارد يتوقُ لينبعث من جديدٍ يقفُ في وجهه فرقة وخلافات هنا وهناك يُزكي نارها أعداؤنا ويصبُّون الزيتَ على نارِ خلافاتنا التي لو نظرْنا إليها لوجدناها خلافات تافهة على دُنيا لن تأتينا راكعة إلا إذا كُنا يداً واحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق