الجمعة، 25 يوليو 2014

شباب بغزة يتنبؤون باستشهادهم


شباب بغزة يتنبؤون باستشهادهم

 الشهيد مهند ضهير كتب على صفحته على موقع فيسبوك "احتمال بكرة (غدا) أكون شهيدا" وهو ما حدث بالفعل (الجزيرة نت)

ضمن قصص وروايات الوفاة في قطاع غزة، الشهداء يستشعرون بقرب منيتهم قبل استشهادهم ولا يكتفون بذلك، بل إنهم يوثقون ذلك، عبر أحاديث خاصة لوالديهم أو أصدقائهم، أو من خلال صفحاتهم على فيسبوك، أو حتى بإرسال رسالة قصيرة على هاتف محمول لأحد الأصدقاء، بكلمات قلائل "لقاؤنا في الجنة".
لم يدرك الستيني يوسف ضهير أن بعض الكلمات التي خطها ابنه الشهيد مهند (23 عاماً) على صفحته على فيسبوك قبل يوم من استشهاده، أو تلك التي قالها لأمه قبل دقائق من قصفه بصاروخ إسرائيلي، ستكون بمثابة رسالة وداع نهائية، وكأنه استشعر باقتراب موعد الشهادة.
وبعد استشهاده، بدأ ضهير يتيقن أن نجله كان يستشعر الموت في كل حركة وسكنة، لدرجة أنه كان يقوم بكل سلوكياته بناء على هذا الإحساس، فكتب على صفحة فيسبوك "احتمال بكرة (غدا) أكون شهيدا.. ادعوا لي" بعد أن يثبت لافتة صغيرة على دراجته النارية مكتوبا عليها "إذا كانت الحياة خوفا فالموت أفضل".
ويستعيد ضهير -أثناء حديثه للجزيرة نت- مع زوجته اللحظات التي جمعتهما مع ابنيهما قبل استشهاده، بأيام وساعات وحتى دقائق، لكنهما كانا يظنان أنه يمازحهما كعادته، عندما يخبرهما بأنه لن يتزوج في الدنيا، لأن الحور العين تنتظره في الجنة.
بينما ترد الأم حينها على فلذة كبدها بدعابة "أنا بحثت لك عن عروستك، وأفضل أن تتزوج في الدنيا، بدل لا تشوف لا دنيا ولا آخرة" فيجيبها مطمئناً "تركت لكم الدنيا ويكفي ما كتبه الله لي في الآخرة".
وتستذكر الأم المكلومة تلك اللحظات بعيون دامعة، وهي تقلب بعض صور ابنها منذ كان طفلاً حتى كبر شاباً يافعاً، لكنها تؤكد أن روح الدعابة لديه جعلتها لا تعير انتباهاً لتغير سلوكه وكلماته ليكون أكثر هدوءاً وقرباً إلى الله عز وجل.

القرا كتب على صفحة فيسبوك
 قبل استشهاده بساعتين فقط: شهيد 
(الجزيرة)
يقين بالشهادة
وتبدو حكاية إبراهيم القرا (26 عاماً) مشابهة لغيرها من قصص الشهداء، لكنه كان الأكثر يقيناً كما يبدو باقتراب الأجل، فكتب على صفحة فيسبوك قبل استشهاده بساعتين فقط "شهيد" وعنون بذلك بروفايل صفحته، من دون أن ينتبه أحد من أقاربه لذلك، فالناس في حالة حرب ونزوح جماعي.
بيد أن عزيزة القرا (60 عاماً) -أم الشهيد- كانت تستشعر بدنو أجل فلذة كبدها، إذ عاد من رباطه على الحدود قبيل الفجر ليتناول قليلا من الطعام، ثم يودعها مباشرة، قائلاً "أنا بين يدي الله يا حاجة، ادعي لي بالشهادة".
وتضيف الأم التي تملكها الصبر والجلد "كان يتمنى الشهادة، فاستشعر بقربها، لأن الإنسان عادة ما ينتظر ما يتمنى".
لكن الحكاية لا تتوقف عند من استشهدوا، فهناك من ينتظر، من الذين استشعروا قرب الأجل الذي لم يأت بعد، فأرسل رسالة من جهاز محمول قبل إغلاقه لأحد أصدقائه قائلاً "قسماً بمن أحل القسم أنا على موعد قريب مع الشهادة".
واطلعت الجزيرة نت على الرسالة السابقة وغيرها، من رسائل مشابهة، إذ ذكر بعض متلقيها -الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم- أنهم فقدوا الاتصال بأصدقائهم، ويرجحون أنهم نالوا ما تمنونه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق