الأربعاء، 30 يوليو 2014

كن فلسطيناً

كن فلسطيناً
علي الظفيري

كن فلسطيناً تثبت الأيام يوما بعد يوم، وبما لا يدع مجالا للشك، أن فلسطين قضية العربي الأولى، والأخيرة أيضا، رغم الاستخدام الجائر لهذه الكارثة البشرية من كل الأطـراف، وفي كل الاتجاهات، يوم كانت أنظمة الاستبداد العربية تلعب على الشعارات، وتوظف مأساة الشعب الفلسطيني لصالح بقائها، حين كان لا شيء يعلو فوق معركة المستبدين، ولا صوت يحق له أن يرتفع، غير الصوت الذي يستغل بخسة موضوع فلسطين لناحية استمراره وعدم نقده أو مواجهته، وليس النظام العربي الرسمي وحده من فعل ذلك، الأحـــزاب والــتــيــارات السياسية والفكرية ارتكبت نفس الخطأ وبــدرجــة أقــل، نحن جميعا أردنـــا فلسطين الخطاب والشعار والعبارة، هذا ما نفعله في تويتر على الأقل في هذه الأيام.

ألف طريق للانحياز إلى فلسطين، وبحق وجدوى هذه المرة، دون التقليل حتى من مجرد التعاطف والتأييد، الذي أصبح محل شك في أيامنا، في ظل ازدهار سؤال «العائد» من المقاومة، والتباكي على المدنيين، والترويج للهزيمة عبر تبنى خيار التفاوض، التفاوض إلى ما لا نهاية بشكل أدق، والحصول على أدنى ما يمكن أن يتحقق من ذل، وتوصيفه على أنه مكسب يمكن البناء عليه، وهو في الحقيقة ليس إلا شكلا من أشكال خدمة المحتل، بتيسير طريقة ما لإدارة شــؤون المُحتلة أرضــهــم، والمسلوبة حقوقهم كلها، وهــذا ليس منح جزء من الحق لأصحابه، بقدر ما هو عمل ممنهج ومنظم لإعاقتهم عن نيل أي شيء منها، لو انتبهنا على سبيل المثال.

أي طريق أتحدث عنه اليوم، يمكن أن يقدم خدمة لفلسطين والفلسطينيين، العناصر التي تتكون منها قضيتنا الأولــى كما نقول ونردد، لن أتحدث عن التبرع والدعم والمشاركة في القتال، فهذا أمر مفروغ منه، بل عن مسار آخر يخالف سلوكنا فيه إيماننا بالقضية ودعمها، الموقف من الفلسطيني في عالمنا العربي، وقد أبدت لنا الأيام كيف يتصرف الإعلام المصري الرسمي تجاه أبناء فلسطين، ويحرض ضدهم، وهو أمر قديم لم يبدأ مع نظام السيسي، الفلسطيني يتعرض لمحاولة شيطنة في الثقافة التي يتبناها النظام المصري، وفي خطابه السائد، ولإجراءاته المهينة والدائمة في حال قدومه إلى مصر، في مرة من المرات كان ضباط جوازات مطار القاهرة يحققون مع صديق لي، يحمل جواز سفر أردنيا، ويريدون منه إقــرارا بأصوله الفلسطينية!
دون أن يكون لذلك الأمر معنى أو هدف، هكذا فقط، وحتى تبرر عملية التعطيل والإهانة التي يتعرض لها، هذه حالة واحدة فقط من بين ملايين الحالات التي يتعرض لها الفلسطينيون في الأقطار العربية.

في الخليج على سبيل المثال، تتحفظ الــدول بشكل جائر على زيارة أو إقامة الفلسطينيين من أصحاب الوثائق، سواء تلك التي تصدر عن القاهرة، بالمناسبة يحتاجون إلى تأشيرة دخول في مصر لجوازهم المصري! أو وثائق السلطة الفلسطينية، أو الوثائق الفلسطيني، فالقضية قبل كل شيء قائمة على أفراد يمثلونها، ٍ الصادرة عن سوريا ولبنان، وهذا موقف مناف للعروبة والتضامن مع يقع علينا واجب مساعدتهم على الحياة والعمل والاستقرار.

في لبنان أحوال الفلسطينيين بالويل، كما يقولون، وفي العراق لمن بقي منهم، وغير ذلك من البلدان العربية، كل المصائب يتم تحميلها للفلسطينيين ووجودهم، وما يجب علينا اليوم أن نعمل على رفع هذا الظلم في أوطاننا، وأن ندعم وجود الفلسطيني وعمله، وحتى توطينه إن لــزم الأمـــر، واســتــقــرار أبــنــاء الشعب الفلسطيني وتحسين ظــروف حياتهم أمــر له عائد كبير على القضية والصمود في مواجهة العدو.

أقل ما يمكن الدعوة له هو زراعة الفلسطيني في أرضنا، أرضه، منحه كل الحقوق، احترامه وتقديره وعدم التحريض الرسمي والشعبي عليه، هذه مسألة لا تتطلب القتال في فلسطين، بل تبني هذا الموقف في كل بلد من بلداننا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق