تريد عيشا؟! (1)
علاقات غير مشروعة : العيش والذل- الفساد والحرية
د.محمد محسوب
جرى البعض خلف الانقلاب مفرطا في حريته وكرامته أملا في تحقيق عدالة اجتماعية واستقرارا أمنيا دون أن يدرك أن هؤلاء حكموا ستين سنة فلم يحققوا عدالة ولا عدلا ولا استقرارا.. وإنما ذهبوا بحريتنا وقتلوا كرامتنا
الحرية لا تعني أن تفعل ما تريد..إنما أن تملك الحق في التعبير ونقد أي مسئول دون خوف على حياتك أو على رزقك.. وأن يملك الشعب محاسبة الحكومة الفاشلة وأن يكشف رؤوس الفساد وأن يعرف ميزانية البلاد وأوجه إنفاقها وأن يراقب كل قرش يدخل أو يخرج لخزانة الدولة وأن يفرض إرادته فيُغير الحكومات بانتخابات نزيهة ويُسقط الرؤساء بالطرق الديموقراطية المعروفة..
فلو كنت ممن يفكرون فقط في العيش والرزق ، وهو حقك ، فاعلم أن البرلمان الانجليزي قاتل 100 سنة ليحصل على حقه في رقابة الميزانية..
ومجلس شورى النواب المصرية سنة 1879 اعتصم نوابه بمقره وحاصرتهم داخلية الخديو طلبا لرقابة ميزانية البلاد ومعرفة الموارد والمصارف..
فبدون المال لا تحصل نهضة.. وبدون رقابة حقيقية على الميزانية لا يتوفر المال بل يتبدد بيد حكومات فاسدة لا يمكن تتبع فسادها.. ومصر لم تعرف رقابة على موازنة بل ولم تشمل أي موازنة فيها كل موارد الدولة منذ 60 سنة..
وعلى مدار الأيام المقبلة سأحكي كيف انهارات الخدمات والمؤسسات بالدولة المصرية عبر 60 سنة رغم كل المحاولات لاستنهاضها وإصلاحها.. فقط لأن الحرية كانت غائبة.. ولا أمل لإنهاضها أو لإصلاحها إلا بإسقاط الانقلاب واستراداد الحرية.. لأن الديموقراطية لم تعد خيارا لشعب وإنما وسيلته الوحيدة للبقاء والسيطرة على خيراته والتقدم والمنافسة.. أما بقاء الانقلاب - لا قدر الله - فيعني أننا نركب قطارا سريعا إلى كارثة في كافة المناحي..
لأن النظم الدكتاتورية (العسكرية) يكمن في بنائها وتركيبتها جرثومة الفساد وفيروس التخلف..
لا تتسرع وتضرب مثلا بشمولية شيوعية أو أيديولوجية.. لأن الأيديولوجيات ربما تكون دافعا مؤقتا لتحقيق انجازات مع غياب الحريات.. لكنها انجازات لا تبقى وتنهار عند المواجهات الكبير بمجرد أن يطوي الموت القادة المؤمنين بالأيدولوجيا ويبقى فقط الذين يسترزقون منها ويتعيشون على بقاياها بينما هم ينهبون ثروات البلاد ويتسترون على شبكات الفساد.. وكان سقوط القطب الشيوعي درسا لمن يعتبر..
غير إن الدكتاتورية العسكرية مختلفة حتى عن الشمولية الأيديولوجية.. فالعسكرية لا تملك عقلا ولا فكرة ولا معتقدا ولا رؤية للمستقبل.. لا تملك سوى مدفعا ودبابة هو ما أهلها للاستيلاء على الحكم.. وفي الحكم تكتشف أن المسألة كبيرة عليها فتبدأ في بناء شبكة عنكبوتية حولها من المستشارين والمساعدين ورجال الأعمال والمثقفين والإعلاميين المنافقين القادرين على كتابة شعر في قاتل ومدح ذكاء أكثر الناس غباء.. هؤلاء يتحولون بالتدريج إلى شبكة مستقرة متماسكة متضامنة من الفاسدين والمستفيدين منهم فيبتلعون الدولة بخيراتها ولا يتركون للشعب المهدور سوى بقايا موائدهم..
هذا حدث في كل دكتاتورية عسكرية من الأرجنتين إلى البرازيل سابقا ومن مصر إلى كل دولة عربية وإفريقية سارت على خطاها..
الحرية طريق للنهوض .. والدكتاتورية.. خصوصا العسكرية طريق للسقوط..
سنتأمل معا على مدار عدة مقالات ماذا أورثتنا هذه الدكتاتورية المتوحشة.. والمستقبل المظلم الذي ينتظرنا لو تركناها تعبث من جديد بحاضرنا ومستقبلنا...
#استمارة_جوَّعْتونا
وعلى مدار الأيام المقبلة سأحكي كيف انهارات الخدمات والمؤسسات بالدولة المصرية عبر 60 سنة رغم كل المحاولات لاستنهاضها وإصلاحها.. فقط لأن الحرية كانت غائبة.. ولا أمل لإنهاضها أو لإصلاحها إلا بإسقاط الانقلاب واستراداد الحرية.. لأن الديموقراطية لم تعد خيارا لشعب وإنما وسيلته الوحيدة للبقاء والسيطرة على خيراته والتقدم والمنافسة.. أما بقاء الانقلاب - لا قدر الله - فيعني أننا نركب قطارا سريعا إلى كارثة في كافة المناحي..
لأن النظم الدكتاتورية (العسكرية) يكمن في بنائها وتركيبتها جرثومة الفساد وفيروس التخلف..
لا تتسرع وتضرب مثلا بشمولية شيوعية أو أيديولوجية.. لأن الأيديولوجيات ربما تكون دافعا مؤقتا لتحقيق انجازات مع غياب الحريات.. لكنها انجازات لا تبقى وتنهار عند المواجهات الكبير بمجرد أن يطوي الموت القادة المؤمنين بالأيدولوجيا ويبقى فقط الذين يسترزقون منها ويتعيشون على بقاياها بينما هم ينهبون ثروات البلاد ويتسترون على شبكات الفساد.. وكان سقوط القطب الشيوعي درسا لمن يعتبر..
غير إن الدكتاتورية العسكرية مختلفة حتى عن الشمولية الأيديولوجية.. فالعسكرية لا تملك عقلا ولا فكرة ولا معتقدا ولا رؤية للمستقبل.. لا تملك سوى مدفعا ودبابة هو ما أهلها للاستيلاء على الحكم.. وفي الحكم تكتشف أن المسألة كبيرة عليها فتبدأ في بناء شبكة عنكبوتية حولها من المستشارين والمساعدين ورجال الأعمال والمثقفين والإعلاميين المنافقين القادرين على كتابة شعر في قاتل ومدح ذكاء أكثر الناس غباء.. هؤلاء يتحولون بالتدريج إلى شبكة مستقرة متماسكة متضامنة من الفاسدين والمستفيدين منهم فيبتلعون الدولة بخيراتها ولا يتركون للشعب المهدور سوى بقايا موائدهم..
هذا حدث في كل دكتاتورية عسكرية من الأرجنتين إلى البرازيل سابقا ومن مصر إلى كل دولة عربية وإفريقية سارت على خطاها..
الحرية طريق للنهوض .. والدكتاتورية.. خصوصا العسكرية طريق للسقوط..
سنتأمل معا على مدار عدة مقالات ماذا أورثتنا هذه الدكتاتورية المتوحشة.. والمستقبل المظلم الذي ينتظرنا لو تركناها تعبث من جديد بحاضرنا ومستقبلنا...
#استمارة_جوَّعْتونا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق