يسألونك عن الكحك والبسكويت!!
محمود مراد
فمن مشيد بـ "خير أفران الأرض" إلى آخر يقترح على الجيش تخصيص مليار جنيه لإنتاج سلسلة أفلام لزيادة شعبية قياداته، على أن تحمل عناوين مثيرة مثل "البيتيفور لا يزال في جيبي"، "الطريق إلى الصاجات"، "العمر كعكة"، "حتى آخر الفرن"!! وثالث يهنيء القوات المسلحة لنجاحاتها الأخيرة ويغني لها "تسلم الصواني"!!
أما الناقمون فهتفوا "يسقط يسقط كحك العسكر .. ناشف جداا ناقص سكر" و"ياللي ساكت ساكت ليه .. خدتوا بملبن ولا إيه"؟!! طبعا اللوا عبد العاطي وجهازه المعجزة مَوَّال تاني خالص!!
في المقابل، حفلت تعليقات فريق آخر من الأصدقاء بكثير من اللوم ـ وأحيانا التخوين والمسبة ـ للمشككين في قدرات جيشنا، درع الوطن وحامي الديار وعمود الخيمة الأخير ... ألخ.
وحاول بعضهم أن يقترب من الموضوعية فاكتفى برفض تعميم خطايا قيادات الجيش على المؤسسة بأكملها مشيرا إلى أن "القوات المسلحة المصرية" ـ اسم فخم جدا ـ طول عمرها بتعمل كحك وبسكويت في العيد تاكل صوابعك وراهم، والإنصاف يقتضي أن تصفق للعبة الحلوة حتى لو كانت من الفريق المنافس!
لست في معرض نقد هذا الفريق أو ذاك، لكني تذكرت حقائق يعرفها المصريون جميعا عن جيشهم، سواء بالخبرة المباشرة من خلال التجنيد الإلزامي أو عبر حكايات الأقارب والأصدقاء، قد يكون استحضارها مفيدا لبلورة تصور أقرب إلى الصواب بخصوص أداء المؤسسة العسكرية ومدى التزامها أو انحرافها عن المسار الذي ينبغي أن تسلكه.
وقد لفت نظري في هذا الصدد رسالة نشرها الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل على صفحته على الفيسبوك، من مجند سابق يقص فيها تجربته خلال فترة تجنيده. ويبدو أن الرسالة فتحت شهية آخرين فأقبلوا يقصون هم أيضا تجاربهم، والتي أنقلها بدوري كما هي، لا لأنها تحمل جديدا، ولكن ليستشعر الخطر أولئك المبالغون في السخرية بما قد يُلهي عن الغرض الأساسي من النقد وهو الإصلاح، وأولئك المغالون في تنزيه الجيش عن كل نقص ورافعوه إلى درجات من العصمة والقداسة لا يليق معها محاسبة قياداته كما تصنع الدول المحترمة.
كتب صاحب الرسالة ما يلي:
"السلام عليكم ورحمه الله...دخلت الجيش سلاح مهندسين قسم مفرقعات والغام ...اقسم لك بالله لم ار طوال جيشى حتى خرجت لغم يوحد ربنا ولم اشاهد مجرد مشاهده حتى جهاز نزع الالغام والمفروض انى خبير رص الغام وخبير ازاله الغام وكان متأمن على الكتيبه لصالح مين لا اعرف .وكل اللى كنا بنعمله ضم الغله فى صحراء سيدى برانى ....الجيش بتاعنا كارثه بمعنى كلمه كارثه"
أما التعليقات فكانت كما يلي:
أحمد الساري "يا بيه الحال من بعضه, انا كنت مجند فى سرية مهندسين عسكريين بلواء مشاه بالفرقة التانيه مشاه ميكانيكى ونفس الكلام ده حصل معايا مافيش تدريب حقيقي كله همبكه وضحك علي الدقون مافيش مساعدات تدريب كل اللي شفته لغم هيكلى مضاد للدبابات ووالله العظيم الظباط ماكانوا يعرفوا بيشتغل ازاي ولا ايه الميكانيزم بتاعه ودى لازم اعرفها عشان أعرف أبطل مفعوله وبعد كده حضرت مشروع حرب ه شهور كانوا بيركزوا ان إحنا نتدرب علي مهمه واحده بس واللي هى موضوعه فى خطة مشروع الحرب يعنى نتدرب علي شئ واحد بس من مجموعة مهام عشان الشئ ده هو اللي هايننفذ قدام رئيس الأركان يعنى من الآخر بنتدرب عشان نتيجة المشروع تطلع حلوه ويتصرف مكافءات للقاده مش بنتدرب عشان لما ندخل حرب نكون قادرين وجاهزين نحارب
بصراحه واقع اليم، ودائما بضحك علي نفسي وأقول بلاش تعمم علي الجيش كله ممكن تكون وحدتي بس هي اللى كانت مقصره. الخوف كله ليكون ده الحال كله"
أسد الفرات "انا كنت مجند في سلاح حرب اللكترونيه ههههههه مش قادر اكمل كتابه من كتر الضحك ها كمل خلاص كنت في فوج 712حرب الكترونيه عندنا 14 محطة رادار معطله سيارات كراز معطله مولدات معطله المهم انا خلصت جيش ورحت استدعاء بعد 5سنين معرفتش انا كان تخصصي ايه لحد الان بالله عليكم اللي يعرف يقولي" (أنا بصراحة مش عارف هو مبسوط أوي ليه كدة!!).
عامر الحداد "انا كنت دفاع جوي ولا اعرف شئ عن الاسلحة واخر السنه ليك 21 طلقه تضربهم فرح العمدة ونروح نشتغل عند الرتب في بيوتهم كل واحد حسب صنعته"
أحمد النادي "الحمد لله أنا كنت مهندس في الهيئة الهندسية وكنا بنقوم بعمل وطني قومي عظيم عمل أحدث نقلة نوعية كبيرة في تاريخ العسكرية ألا وهو : كنا بنبني اسكان ظباط القوات المسلحة وكان بيستلم مننا المشروع مجموعة من خير زوجات خير اجناد الارض"
أحمد عبد الرازق هاشم "انا جبت واسطه علشان ما احصدش القمح فى سيدى برانى".
انتهى النقل، ولا أظن أن هناك مصريا يجهل هذه الحكايات، لكن المأساة تكمن في أولئك الذين يكذبون أعينهم ويهينون عقولهم وينحون الحقيقة جانبا ويستسلمون للخدر اللذيذ الذي تبثه في أوصالهم عبارات المأفون توفيق عكاشة وأمثاله عن قوة الجيش وبأسه الذي لا يُرد وترتيبه الحادي عشر بين جيوش العالم وحكايات الفرقة 777 والفرقة 999 اللي بتاكل البشر أحياء وهتروح تقرقش بتوع حماس .. ألخ، فيما يذكر بالوهم الذي تملك عقول المصريين والغشاوة التي حجبت بصائرهم بين يدي مأساة 67، فلم يستفيقوا إلا بعد أن قضمت إسرائيل واحدا من أهم وأغلى أوصال الوطن .. الله يستر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق