بلطجية يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
وائل قنديل
التشريع الجديد يقنن، أيضاً، كل النزعات الفاشية والعنصرية والمكارثية في المجتمع، بل ويمنح ممارسيها أجوراً ورواتب وترقيات، كما ورد بنص القانون، والذي كان أول من بشر به المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إبان المذبحة التي نفذت ضد جماهير كرة القدم الأهلوية في مدينة بورسعيد ..
طنطاوي كان البادئ بالتحريض ضد المحتجين على المذبحة بقوله، في حديث متلفز "هو الشعب ساكت عليهم ليه"
غير أن أول شهيد يسقط على أيدي ميليشيات المواطنين الشرفاء التي اخترعها حكم العسكر بعد ثورة يناير، كان الشاب محمد محسن، ابن مدينة أسوان الجنوبية، وعضو حملة دعم الدكتور محمد البرادعي الداعية للتغيير.
المفارقة المدهشة، هنا، أن الحشد للانقلاب على حكم الرئيس المنتخب، محمد مرسي، استخدم شبح هذا القانون كفزاعة لتخويف المصريين من دستور ٢٠١٢، ومطالبتهم بالتظاهر والاحتجاج والاعتصام، حتى يسقط الرئيس المنتخب ودستوره.
وأذكر أنه في ذروة التصعيد لإسقاط النظام، أثناء حصار قصر الاتحادية، عكفت مجموعة من السياسيين والقانونيين على إعداد ونشر لائحة بما اعتبرته "المواد الخطيرة" فيما أسمته "دستور الإخوان".
هذا الفريق كان يضم الدكتور عبد الجليل مصطفى، المنسق العام السابق للجمعية الوطنية للتغيير، وجابر جاد نصار، الذي كان يقول سراً في المجالس المغلقة إن مسودة "دستور الإخوان" هي الأعظم في تاريخ الدساتير المصرية، ثم يدعو لإحراقها أمام الجماهير، والذي كوفئ في ما بعد بأن أجلس مكان طه حسين رئيساً لجامعة القاهرة، والدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.
وكان أبرز ما استخدمه هذا الفريق الممثل لجبهة الإنقاذ لتهييج الناس ضد الرئيس هو المادة العاشرة من الدستور التي رأوا أنها تحمل خطر السماح بقانون للشرطة المجتمعية.
وقد اعتمد فريق "الإنقاذ" أسلوب السؤال والجواب للوصول إلى الناس، وكان السؤال الرابع عشر في قائمة المفزعات وإجابته على النحو التالي:
س- 14 وكيف يمكن لتيار سياسي معين أن يفرض رؤية أو أسلوب حياة معينة على باقي المصريين؟
ج- تلخصت خطة تيار الإسلام السياسي في السيطرة على الجمعية التأسيسية والأغلبية اللازمة للتصويت على المواد فيها، وذلك لوضع نصوص في الدستور تفرض رؤيتهم الخاصة. فعلى سبيل المثال نصت المادة (10) على أن المجتمع يحرص على تماسك الأسرة "وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها وفقاً للقانون"، وهو ما يسمح بتدخل المجتمع لحماية الطابع الأصيل والقيم الأخلاقية، وفقاً لقانون جديد، يشار إليه في الدستور لأول مرة، ويمكن أن يكون ذلك سنداً لقانون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ومصدراً للعنف الاجتماعى.
والآن، نحن أمام قانون فعلي، وليس مجرد شبح للتخويف، يقنن إنشاء حالة "أمر بالمعروف ونهي عن المنكر" على الطريقة العسكرية السيسية، ولن نسمع بالطبع، ولا ننتظر من السادة الديمقراطيين الليبراليين المستنيرين، أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة، أو يشعرون بالخجل من عدم قدرتهم على رفع إصبع واحدة بالاعتراض، على إطلاق إشارة افتتاح حصر الفاشية المجتمعية المقننة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق