قضية فلسطين بين التسوية والتصفية
عادل سليمان
وعلى مدى أكثر من 60 عاماً، لم تشتعل حرب في المنطقة العربية، إلا في إطار الصراع العربي الإسرائيلي (باستثناء بعض الصراعات العربية العربية المحدودة)، وتحت عنوان تحرير فلسطين، أو التصدي لعدوان إسرائيلي على أطراف عربية، فلسطينية بشكل مباشر، أو أطراف تتبنى قضية تحرير فلسطين، أو حتى تساند أي مقاومة فلسطينية للاحتلال الصهيوني الإسرائيلي؟ علينا فقط أن نستعيد مشاهد الصراع على أرض الواقع من حرب فلسطين الأولى عام 1948، والتي سميناها "النكبة"، مروراً بكل الحروب الرئيسية والفرعية بعدها. العدوان الثلاثي 1956، حرب 5 يونيو/حزيران 1967، والتي سميناها "النكسة" وحرب الاستنزاف في أعقابها، ثم حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وكان شعارها إزالة آثار عدوان 5 يونيو، ثم سلسلة الحروب الفرعية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة من اجتياح لبنان 1982، واحتلال جنوبه، والضربات النوعية ضد العراق تارة، والسودان تارة، وسورية مرات؟
لا نتعرض، هنا، للشأن الفلسطيني المباشر، من انتفاضات ومقاومة مسلحة واشتباكات فدائية، واجتياحات للضفة الغربية وقطاع غزة، وحروب عدوانية على غزة، وحصار واستيطان وتهويد، فلهذا الشأن حديث آخر في إطار نضال الشعب الفلسطيني، من أجل تحرير وطنه، وليس في إطار أنها قضية العرب الأولى والمركزية.
لا نتعرض، هنا، للشأن الفلسطيني المباشر، من انتفاضات ومقاومة مسلحة واشتباكات فدائية، واجتياحات للضفة الغربية وقطاع غزة، وحروب عدوانية على غزة، وحصار واستيطان وتهويد، فلهذا الشأن حديث آخر في إطار نضال الشعب الفلسطيني، من أجل تحرير وطنه، وليس في إطار أنها قضية العرب الأولى والمركزية.
إذن، نحن في عالمنا العربي، ومنذ حرب فلسطين الأولى 1948، نعيش في إطار حالة اسمها القضية الفلسطينية، وتحرير فلسطين، الانقلابات والثورات من أجل تحرير فلسطين، نبني الجيوش، ونجهّز القوات من أجل تحرير فلسطين، نقيم المشروعات الكبرى في المجالات كافة، من أجل توفير القدرات لتحرير فلسطين، ننشئ الجامعات ومراكز البحوث والدراسات من أجل تحرير فلسطين، آلاف الباحثين حصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه في محاولاتٍ لإيجاد سبيل لتحرير فلسطين، والأمثلة والمجالات كثيرة ومتعددة.
لا تطرح هذه الأسئلة والتساؤلات نوعاً من الرفاهية الفكرية، خصوصاً أن المنطقة العربية تشهد تطورات شديدة الخطورة، ليس من قبيل المبالغة القول إننا لم نمر بمثلها منذ نحو مائة عام، خصوصاً إذا أدركنا أن الإجابة على كل تلك الأسئلة ستكون صادمة لكثيرين، فهي قطعاً ليست بالإيجاب، فلا القضية الفلسطينية، الآن، قضية العرب الأولى والمركزية، ولا هي صانعة الزعماء والقادة الملهمين، ولا هي محركة الجيوش ومفجرة الانقلابات والثورات، ولا حتى بقيت محل اهتمام الباحثين والمحللين في مراكز الدراسات، فقد تم استبدال "تحرير فلسطين"، و"القضية الفلسطينية"، بهدف آخر أصبح أكثر جاذبية، هو هوس "الحرب على الإرهاب، وتحرير الشعوب من الحركات الإرهابية".
وعند هذا الحد، لابد من طرح الأسئلة المركزية الكبرى، وهي: هل انتهى دور القضية الفلسطينية بالنسبة لدول المنطقة؟ وهل سيترتب على ذلك السعي إلى تسوية القضية، وهو ما يعني ضمان الحد الأدنى من الحق الفلسطيني والحفاظ على الهوية الفلسطينية، أم سيترتب على ذلك السعي إلى تصفية القضية، وهو أمر مختلف تماماً، سيؤدي، حتماً، إلى إهدار حقوق الشعب الفلسطيني، وضياع الهوية الفلسطينية؟
أعتقد، جاداً، أنها أسئلة وجود ومصير للشعب الفلسطيني، في المقام الأول، ولعله يواجهها، للمرة الأولى في تاريخ الصراع، خصوصاً وأن أجياله تربت على أن القضية هي قضية الأمة، فإذا به يكتشف أنها قضيته وحده، ولا ينتظر من الأمة أكثر من دعم أغلبه معنوياً. وأيضاً، أسئلة مصير ومستقبل لكل الأمة، قد لا يكون مرئياً في المرحلة الآنية التي نعيشها، لأن تسوية القضية، بضمان الحد الأدنى من الحق الفلسطيني، المتمثل في دولة وهوية، سيمثل ظهيراً لها ضد توسع صهيوني، سيكون حتمياً في حالة تصفية القضية، على قاعدة "لا دولة ولا هوية".
قد يقول بعضهم إننا نغرد خارج السرب بهذا الطرح، ولكن، من يراقب ما يجري على الساحة الفلسطينية، بينما الكل غارق لأذنيه في حديث الإرهاب، والتحالفات الإقليمية والدولية العجيبة، سيرى الأعجب يجري على أرض الواقع بهدوء وإصرار في الضفة، وإخضاع كل المستوطنات للقانون الإسرائيلي في القدس، والتهويد على قدم وساق، ثم تحرك العاهل الأردني، عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ثم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وتأكيد إسرائيل على ولاية الاْردن، وليس السلطة، على المسجد الأقصى ومقدسات بيت المقدس، وما يجري لغزة، وهو ما يفوق الخيال بعد صمودها الأسطوري. بالتأكيد، من يراقب هذا كله سيقتنع بأن هذا ليس تغريداً خارج السرب في أي حال، بل هو أقرب إلى الصراخ، لعل الشعوب تفيق، فلم يعد هناك أمل في من بيدهم الأمور. وعلينا أن نعود إلى عنوان المقال، لأننا بالفعل في مواجهة سؤال: القضية الفلسطينية بين التسوية والتصفية، فماذا نحن فاعلون؟
لا تطرح هذه الأسئلة والتساؤلات نوعاً من الرفاهية الفكرية، خصوصاً أن المنطقة العربية تشهد تطورات شديدة الخطورة، ليس من قبيل المبالغة القول إننا لم نمر بمثلها منذ نحو مائة عام، خصوصاً إذا أدركنا أن الإجابة على كل تلك الأسئلة ستكون صادمة لكثيرين، فهي قطعاً ليست بالإيجاب، فلا القضية الفلسطينية، الآن، قضية العرب الأولى والمركزية، ولا هي صانعة الزعماء والقادة الملهمين، ولا هي محركة الجيوش ومفجرة الانقلابات والثورات، ولا حتى بقيت محل اهتمام الباحثين والمحللين في مراكز الدراسات، فقد تم استبدال "تحرير فلسطين"، و"القضية الفلسطينية"، بهدف آخر أصبح أكثر جاذبية، هو هوس "الحرب على الإرهاب، وتحرير الشعوب من الحركات الإرهابية".
وعند هذا الحد، لابد من طرح الأسئلة المركزية الكبرى، وهي: هل انتهى دور القضية الفلسطينية بالنسبة لدول المنطقة؟ وهل سيترتب على ذلك السعي إلى تسوية القضية، وهو ما يعني ضمان الحد الأدنى من الحق الفلسطيني والحفاظ على الهوية الفلسطينية، أم سيترتب على ذلك السعي إلى تصفية القضية، وهو أمر مختلف تماماً، سيؤدي، حتماً، إلى إهدار حقوق الشعب الفلسطيني، وضياع الهوية الفلسطينية؟
أعتقد، جاداً، أنها أسئلة وجود ومصير للشعب الفلسطيني، في المقام الأول، ولعله يواجهها، للمرة الأولى في تاريخ الصراع، خصوصاً وأن أجياله تربت على أن القضية هي قضية الأمة، فإذا به يكتشف أنها قضيته وحده، ولا ينتظر من الأمة أكثر من دعم أغلبه معنوياً. وأيضاً، أسئلة مصير ومستقبل لكل الأمة، قد لا يكون مرئياً في المرحلة الآنية التي نعيشها، لأن تسوية القضية، بضمان الحد الأدنى من الحق الفلسطيني، المتمثل في دولة وهوية، سيمثل ظهيراً لها ضد توسع صهيوني، سيكون حتمياً في حالة تصفية القضية، على قاعدة "لا دولة ولا هوية".
قد يقول بعضهم إننا نغرد خارج السرب بهذا الطرح، ولكن، من يراقب ما يجري على الساحة الفلسطينية، بينما الكل غارق لأذنيه في حديث الإرهاب، والتحالفات الإقليمية والدولية العجيبة، سيرى الأعجب يجري على أرض الواقع بهدوء وإصرار في الضفة، وإخضاع كل المستوطنات للقانون الإسرائيلي في القدس، والتهويد على قدم وساق، ثم تحرك العاهل الأردني، عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ثم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وتأكيد إسرائيل على ولاية الاْردن، وليس السلطة، على المسجد الأقصى ومقدسات بيت المقدس، وما يجري لغزة، وهو ما يفوق الخيال بعد صمودها الأسطوري. بالتأكيد، من يراقب هذا كله سيقتنع بأن هذا ليس تغريداً خارج السرب في أي حال، بل هو أقرب إلى الصراخ، لعل الشعوب تفيق، فلم يعد هناك أمل في من بيدهم الأمور. وعلينا أن نعود إلى عنوان المقال، لأننا بالفعل في مواجهة سؤال: القضية الفلسطينية بين التسوية والتصفية، فماذا نحن فاعلون؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق