حراس البوابة.. رؤساء الشاباك يتحدثون
- العنوان: حراس البوابة.. رؤساء الشاباك يتحدثون
-المؤلف: درور موريه
-الناشر: يديعوت للنشر
-عدد الصفحات: 376
- سنة الصدور: 2014
قراءة وعرض/عدنان أبو عامر
لم يتخيل إسرائيلي واحد أن يأتي ستة مديرين سابقين لجهاز الشاباك الأخطر في إسرائيل، يتحدثون إلى مؤلف وكاتب، يعترفون أمامه بقتل فلسطينيين مشتبه بتورطهم في أعمال معادية، وإصدارهم أوامر باغتيال آخرين، ويدعون افتقار رئيس الدولة إلى حس القيادة الحقيقية، ويصرحون أمام العالم بأسره بأن الحرب مع الفلسطينيين هي قرح مزمن غير معقول، ومستنقع يومي دموي، بلا نهاية ولا مبرر.
كتابنا اليوم، يعتبر الأول من نوعه الذي يفرد لقاءات حصرية مع أبرز ستة من رؤساء جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، ويكشفون فيه معلومات كانت إلى عهد قريب من أسرار إسرائيل، سواء في العلاقة مع الفلسطينيين والعرب، أو في سجل عملياتهم الأمنية والاستخبارية.
اعترافات خطيرة
يقدم المؤلف قصة جهاز الأمن العام في إسرائيل "الشاباك"، وهو المسؤول عن الحرب ضد الفلسطينيين، ويحاول أن يستعرض الوظيفة التي قام بها منذ تأسيسه، حيث قدم الرؤساء الستة في هذا المشروع البحثي الفريد من نوعه اعترافات نادرة، ورؤية مثيرة للواقع العنيف الذي يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون منذ أكثر من ستة عقود.
كتابنا اليوم، يعتبر الأول من نوعه الذي يفرد لقاءات حصرية مع أبرز ستة من رؤساء جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، ويكشفون فيه معلومات كانت إلى عهد قريب من أسرار إسرائيل، سواء في العلاقة مع الفلسطينيين والعرب، أو في سجل عملياتهم الأمنية والاستخبارية.
اعترافات خطيرة
يقدم المؤلف قصة جهاز الأمن العام في إسرائيل "الشاباك"، وهو المسؤول عن الحرب ضد الفلسطينيين، ويحاول أن يستعرض الوظيفة التي قام بها منذ تأسيسه، حيث قدم الرؤساء الستة في هذا المشروع البحثي الفريد من نوعه اعترافات نادرة، ورؤية مثيرة للواقع العنيف الذي يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون منذ أكثر من ستة عقود.
الرؤساء الستة للشاباك الذين يدور الكتاب حولهم هم "أبراهام شالوم، ويعكوب بيري، وكرمي غيلون، وعامي أيالون، وآفي ديختر، ويوفال ديسكين"، وقد عرضوا تحليلات مثيرة بشأن النظرة الأمنية في إسرائيل، وكشفوا عن أخطاء حدثت خلال تقلدهم لمناصبهم، والانتقادات الشديدة وغير المسبوقة لقرارات رجال السياسة رفيعي المستوى الذين عملوا تحت إمرتهم.
نجح المؤلف بأن يقدم قصة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من وجهة نظر رؤساء الأمن في إسرائيل، وهم المسؤولون عن الاتصالات الأمنية الأكثر سرية مقابل الحلبة الفلسطينية، عبر تناول مفاصل تاريخية هامة شملت قضايا أمنية غاية في الخطورة، منها: اغتيالات رؤساء المنظمات الفلسطينية المسلحة، قضية الحافلة رقم 300، وفائدة التعذيب خلال التحقيقات الأمنية، والإرهاب من قبل يهود متطرفين، ومقتل رئيس الحكومة "رابين" من قبل أحد اليهود المتطرفين، والمفاوضات مع الفلسطينيين، واندلاع الانتفاضتين 1987، و2000.
قادة الشاباك أجمعوا على تفشي الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية، وحذروا من مواصلة الصمت من قبل أجهزة تطبيق القانون، معتبرين أي تعريف آخر يصدر عن رئيس الحكومة أو الوزراء أو الرئيس، بوصفهم لهذه الاعتداءات أنها "جرائم كراهية" أو اعتبار منفذيها "أعشابا ضارة"، مجرد هراء لا قيمة له، و"غسيل للكلمات"، وطالما لم يقروا بأن هذا العمل إرهابا يهوديا، فلن يحلوا المشكلة.
وأضاف: الإرهاب اليهودي يخدم فكرا سياسيا بشكل عنيف وخطير، وعلى الشاباك معالجته كأي ظاهرة تآمر على أمن إسرائيل، وعدم انتظار توجيهات من الحكومة في هذه المسألة، تماما كما لا تنتظر الشرطة توجيهات في مكافحتها للصوص، فهذه صلاحيته، وما يجب عليه عمله، والتوقف عن التعامل مع هؤلاء الجانحين بقفازات من حرير.
يشكل الكتاب لائحة اتهام قاسية للسياسة الإسرائيلية، خاصة استمرار احتلال الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات اليهودية هناك، حيث انتمى هؤلاء المسؤولون الأمنيون السابقون للعلمانيين الإسرائيليين التقليديين، وأظهروا اشمئزازا من المتشددين الدينيين الذين تحابيهم الحكومات الإسرائيلية بشكل مستمر.
ورغم ذلك فإنهم ينتقدون أداء الحكومة بعد الحكومة، لأنها تفتقر جميعا إلى إستراتيجية للانسحاب بطريقة أو بأخرى من الضفة الغربية، وتعتمد بدلا من ذلك على القمع، لأنه لا يمكن لإسرائيل تحقيق السلام مع الفلسطينيين باستخدام الوسائل العسكرية.
يصور مسؤولو الشاباك أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية المستمر منذ 47 عاما، والتعصب القومي اليهودي، بأنهما خطر على بقاء إسرائيل، ولذلك تم تفسير هذا الحديث من جانب أوساط إسرائيلية على أنه انحياز للرواية الفلسطينية للأحداث.
تحطيم الرؤوس
تمكن الكتاب من إفساح المجال أمام هؤلاء المسؤولين الأمنيين كي يبوحوا بمكنونات أنفسهم، لأن الكتاب يغطي فترات خدمتهم في رئاسة الشاباك بين سنوات 1980-2011، وقد خدموا في هذه الفترة تحت رئاسة ثمانية رؤساء وزراء مختلفين، وعبر سلسلة من الانتفاضات التي قام بها الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسلسلة طويلة من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية، وتفجير باصات النقل الداخلي، ويروي على لسان أحد قادة الشاباك حكايات عن مغامرات من نوع "جيمس بوند"، هاتف محمول متفجر، وعمليات استجواب قاسية وصلت حد التعذيب.
رؤساء الشاباك السابقون أجمعوا على التأكيد على مجموعة قضايا تتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومن أهمها ضعف القيادة السياسية الحاكمة للنظام السياسي في إسرائيل، وعبثية المفاوضات مع الفلسطينيين، وعدم جدية المستوى السياسي بتحقيق سلام معهم مقابل الاستعداد الكامل عند الفلسطينيين لسلام شامل مع الإسرائيليين.
الملفت للنظر أن هذه القيادات الأمنية على اختلاف مشاربها السياسية قدمت نقدا لاذعا للمستوى السياسي في إسرائيل، واتهمته بعدم القدرة على تحمل المسؤولية، لأنه لم يكن معنيا بالاتفاق مع الفلسطينيين، خاصة رؤساء الوزراء.
وأكدوا أنه لا يمكن تحقيق سلام مع الفلسطينيين والعرب عبر وسائل عسكرية، وأن الحالة الاحتلالية تؤدي لأضرار كبيرة جدا لدى الطرف القوي الإسرائيلي، مقارنة بما يلحقه الاحتلال من أضرار بالطرف الفلسطيني المحتل، بل إن بعضهم عبر علانية عن ضرورة التحدث مع كل من عنده الاستعداد للحديث، بما في ذلك حركة حماس، وإلا فإن مستقبلا أسود ينتظر إسرائيل.
القادة الستة عرضوا خلال الكتاب آراءهم بعد ابتعادهم عن مناصبهم، ومراجعتهم لوضع الاحتلال الإسرائيلي من خارج دائرة السلطة، فيما يعتبر وثيقة سياسية بالغة الأهمية، لأنهم شرحوا الجانب غير الأخلاقي لعمليات التعذيب والإرهاب والاعتقالات والاغتيالات, وارتبطت باعترافاتهم صور تسجيلية وبيانات عن الأحداث التي كانوا شركاء فيها.
تعكس الاعترافات الواردة في الكتاب المأزق الأخلاقي الذي وجدوا أنفسهم فيه عندما كانوا في مراكز القيادة, وبعد أن كانوا يشاركون في صنع الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة من وراء الستار، ودون أن يكونوا ظاهرين في صورة صناعة القرار, لكنهم عبر هذا الكتاب خرجوا إلى المقدمة في ظهور علني يتحدثون فيه، ويعترفون بأن رد الفعل من جانب الفلسطينيين هو نتيجة لسياسات الاحتلال.
يكشف الكتاب عن قوة جهاز "شيروت بيتخون كللي" الاسم العبري للشاباك والأمن العام, وكيف يسيطر على المناقشات التي يجريها صناع القرار السياسي في إسرائيل, وكيف أن انتصار إسرائيل في حرب عام 1967، واحتلالها للأراضي الفلسطينية أعطى الجهاز سلطات واسعة جدا في الأراضي الفلسطينية.
خسارة الحرب
يشير الكاتب إلى أن حديث المسؤولين الستة السابقين ينسج سردا مثيرا عن أنشطة "الشاباك" في الضفة الغربية وقطاع غزة على امتداد 47 عاما من الاحتلال، وأن الأمر الأكثر إثارة جاء من الخلاصة التي توصلوا إليها، بقولهم إننا جعلنا الحياة مستحيلة على الفلسطينيين، لأننا أصبحنا بلا رحمة، صحيح أننا نفوز في كل معركة، لكننا نخسر الحرب النهائية أمام الفلسطينيين والعرب.
الغريب أن هؤلاء القادة الذين خدموا في فترات وظروف مختلفة، أجمعوا على القول إن النتيجة الوحيدة التي ترتبت على أدائهم وأداء رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لم يسفر إلا عن نتيجة واحدة هي تحويل حياة الفلسطينيين إلى أمر لا يطاق، وكابوس من القمع الدائم.
يعترف هؤلاء القادة بلا مواربة بالانتهاكات التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، والتعذيب الوحشي في السجون، وتحطيم الرؤوس بالمعنى الفعلي للكلمة، والإعدامات السريعة، والأضرار البشرية الجانبية التي لم تستثن الأطفال والنساء، لكن النتيجة التي يخرجون بها أن هذه القسوة أقصت، وإلى الأبد، فرص السلام المرجوة، رغم أنهم يجمعون أن على إسرائيل أن تتفاوض وتحترم الجميع، لا أن تقرب جماعة، وتستهين بأخرى.
يؤكد المؤلف أن أهمية الكتاب تنطلق من كون هؤلاء الأشخاص يفهمون حقيقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، اتحدوا معا ليظهروا موقفهم الرافض لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، بعد أن فقدت إحساسها بكيفية التعايش السلمي مع الفلسطينيين، عندما ضاعفت جهودها للقضاء على المنظمات الفلسطينية المسلحة.
تتمحور فصول الكتاب حول التكتيكات المذهلة التي تمتلكها إسرائيل، لكنها تفتقر إلى إستراتيجية بعيدة المدى، وبالتالي أظهر بأن الجهاز الاستخباراتي يمكنه النجاح في عمليات التصدي للعنف، لكن إذا لم يتم دعم تلك العمليات بمشاريع للسير قدما في عملية السلام، فلن تكون ذات جدوى.
تكمن أهمية الكتاب بأنه أحدث ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، لأنه انتزع من أولئك المسؤولين الأمنيين السابقين اعترافات ترى النور لأول مرة، وتكشف تغيرا انقلابيا في مواقفهم تجاه الفلسطينيين والعرب، ودعوات منهم لتصحيح مسار العلاقة، والابتعاد عن اعتماد خيار القوة فقط معهم.
أخيرا، يعتبر الكتاب شهادة خطيرة من قيادات كانت المسؤولة عن إدارة سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة, ولا أحد يعرف ما كان يجري في هذه الأراضي أكثر مما كانوا هم يعرفونه، لأنهم كانوا من يديرون الأوضاع فيها تنفيذا لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
نجح المؤلف بأن يقدم قصة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من وجهة نظر رؤساء الأمن في إسرائيل، وهم المسؤولون عن الاتصالات الأمنية الأكثر سرية مقابل الحلبة الفلسطينية، عبر تناول مفاصل تاريخية هامة شملت قضايا أمنية غاية في الخطورة، منها: اغتيالات رؤساء المنظمات الفلسطينية المسلحة، قضية الحافلة رقم 300، وفائدة التعذيب خلال التحقيقات الأمنية، والإرهاب من قبل يهود متطرفين، ومقتل رئيس الحكومة "رابين" من قبل أحد اليهود المتطرفين، والمفاوضات مع الفلسطينيين، واندلاع الانتفاضتين 1987، و2000.
قادة الشاباك أجمعوا على تفشي الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية، وحذروا من مواصلة الصمت من قبل أجهزة تطبيق القانون، معتبرين أي تعريف آخر يصدر عن رئيس الحكومة أو الوزراء أو الرئيس، بوصفهم لهذه الاعتداءات أنها "جرائم كراهية" أو اعتبار منفذيها "أعشابا ضارة"، مجرد هراء لا قيمة له، و"غسيل للكلمات"، وطالما لم يقروا بأن هذا العمل إرهابا يهوديا، فلن يحلوا المشكلة.
وأضاف: الإرهاب اليهودي يخدم فكرا سياسيا بشكل عنيف وخطير، وعلى الشاباك معالجته كأي ظاهرة تآمر على أمن إسرائيل، وعدم انتظار توجيهات من الحكومة في هذه المسألة، تماما كما لا تنتظر الشرطة توجيهات في مكافحتها للصوص، فهذه صلاحيته، وما يجب عليه عمله، والتوقف عن التعامل مع هؤلاء الجانحين بقفازات من حرير.
يشكل الكتاب لائحة اتهام قاسية للسياسة الإسرائيلية، خاصة استمرار احتلال الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات اليهودية هناك، حيث انتمى هؤلاء المسؤولون الأمنيون السابقون للعلمانيين الإسرائيليين التقليديين، وأظهروا اشمئزازا من المتشددين الدينيين الذين تحابيهم الحكومات الإسرائيلية بشكل مستمر.
ورغم ذلك فإنهم ينتقدون أداء الحكومة بعد الحكومة، لأنها تفتقر جميعا إلى إستراتيجية للانسحاب بطريقة أو بأخرى من الضفة الغربية، وتعتمد بدلا من ذلك على القمع، لأنه لا يمكن لإسرائيل تحقيق السلام مع الفلسطينيين باستخدام الوسائل العسكرية.
يصور مسؤولو الشاباك أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية المستمر منذ 47 عاما، والتعصب القومي اليهودي، بأنهما خطر على بقاء إسرائيل، ولذلك تم تفسير هذا الحديث من جانب أوساط إسرائيلية على أنه انحياز للرواية الفلسطينية للأحداث |
تحطيم الرؤوس
تمكن الكتاب من إفساح المجال أمام هؤلاء المسؤولين الأمنيين كي يبوحوا بمكنونات أنفسهم، لأن الكتاب يغطي فترات خدمتهم في رئاسة الشاباك بين سنوات 1980-2011، وقد خدموا في هذه الفترة تحت رئاسة ثمانية رؤساء وزراء مختلفين، وعبر سلسلة من الانتفاضات التي قام بها الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسلسلة طويلة من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية، وتفجير باصات النقل الداخلي، ويروي على لسان أحد قادة الشاباك حكايات عن مغامرات من نوع "جيمس بوند"، هاتف محمول متفجر، وعمليات استجواب قاسية وصلت حد التعذيب.
رؤساء الشاباك السابقون أجمعوا على التأكيد على مجموعة قضايا تتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومن أهمها ضعف القيادة السياسية الحاكمة للنظام السياسي في إسرائيل، وعبثية المفاوضات مع الفلسطينيين، وعدم جدية المستوى السياسي بتحقيق سلام معهم مقابل الاستعداد الكامل عند الفلسطينيين لسلام شامل مع الإسرائيليين.
الملفت للنظر أن هذه القيادات الأمنية على اختلاف مشاربها السياسية قدمت نقدا لاذعا للمستوى السياسي في إسرائيل، واتهمته بعدم القدرة على تحمل المسؤولية، لأنه لم يكن معنيا بالاتفاق مع الفلسطينيين، خاصة رؤساء الوزراء.
وأكدوا أنه لا يمكن تحقيق سلام مع الفلسطينيين والعرب عبر وسائل عسكرية، وأن الحالة الاحتلالية تؤدي لأضرار كبيرة جدا لدى الطرف القوي الإسرائيلي، مقارنة بما يلحقه الاحتلال من أضرار بالطرف الفلسطيني المحتل، بل إن بعضهم عبر علانية عن ضرورة التحدث مع كل من عنده الاستعداد للحديث، بما في ذلك حركة حماس، وإلا فإن مستقبلا أسود ينتظر إسرائيل.
القادة الستة عرضوا خلال الكتاب آراءهم بعد ابتعادهم عن مناصبهم، ومراجعتهم لوضع الاحتلال الإسرائيلي من خارج دائرة السلطة، فيما يعتبر وثيقة سياسية بالغة الأهمية، لأنهم شرحوا الجانب غير الأخلاقي لعمليات التعذيب والإرهاب والاعتقالات والاغتيالات, وارتبطت باعترافاتهم صور تسجيلية وبيانات عن الأحداث التي كانوا شركاء فيها.
تعكس الاعترافات الواردة في الكتاب المأزق الأخلاقي الذي وجدوا أنفسهم فيه عندما كانوا في مراكز القيادة, وبعد أن كانوا يشاركون في صنع الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة من وراء الستار، ودون أن يكونوا ظاهرين في صورة صناعة القرار, لكنهم عبر هذا الكتاب خرجوا إلى المقدمة في ظهور علني يتحدثون فيه، ويعترفون بأن رد الفعل من جانب الفلسطينيين هو نتيجة لسياسات الاحتلال.
يكشف الكتاب عن قوة جهاز "شيروت بيتخون كللي" الاسم العبري للشاباك والأمن العام, وكيف يسيطر على المناقشات التي يجريها صناع القرار السياسي في إسرائيل, وكيف أن انتصار إسرائيل في حرب عام 1967، واحتلالها للأراضي الفلسطينية أعطى الجهاز سلطات واسعة جدا في الأراضي الفلسطينية.
خسارة الحرب
يشير الكاتب إلى أن حديث المسؤولين الستة السابقين ينسج سردا مثيرا عن أنشطة "الشاباك" في الضفة الغربية وقطاع غزة على امتداد 47 عاما من الاحتلال، وأن الأمر الأكثر إثارة جاء من الخلاصة التي توصلوا إليها، بقولهم إننا جعلنا الحياة مستحيلة على الفلسطينيين، لأننا أصبحنا بلا رحمة، صحيح أننا نفوز في كل معركة، لكننا نخسر الحرب النهائية أمام الفلسطينيين والعرب.
تكمن أهمية الكتاب بأنه أحدث ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، لأنه انتزع من أولئك المسؤولين الأمنيين السابقين اعترافات ترى النور لأول مرة، وتكشف تغيرا انقلابيا في مواقفهم تجاه الفلسطينيين والعرب |
يعترف هؤلاء القادة بلا مواربة بالانتهاكات التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، والتعذيب الوحشي في السجون، وتحطيم الرؤوس بالمعنى الفعلي للكلمة، والإعدامات السريعة، والأضرار البشرية الجانبية التي لم تستثن الأطفال والنساء، لكن النتيجة التي يخرجون بها أن هذه القسوة أقصت، وإلى الأبد، فرص السلام المرجوة، رغم أنهم يجمعون أن على إسرائيل أن تتفاوض وتحترم الجميع، لا أن تقرب جماعة، وتستهين بأخرى.
يؤكد المؤلف أن أهمية الكتاب تنطلق من كون هؤلاء الأشخاص يفهمون حقيقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، اتحدوا معا ليظهروا موقفهم الرافض لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، بعد أن فقدت إحساسها بكيفية التعايش السلمي مع الفلسطينيين، عندما ضاعفت جهودها للقضاء على المنظمات الفلسطينية المسلحة.
تتمحور فصول الكتاب حول التكتيكات المذهلة التي تمتلكها إسرائيل، لكنها تفتقر إلى إستراتيجية بعيدة المدى، وبالتالي أظهر بأن الجهاز الاستخباراتي يمكنه النجاح في عمليات التصدي للعنف، لكن إذا لم يتم دعم تلك العمليات بمشاريع للسير قدما في عملية السلام، فلن تكون ذات جدوى.
تكمن أهمية الكتاب بأنه أحدث ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، لأنه انتزع من أولئك المسؤولين الأمنيين السابقين اعترافات ترى النور لأول مرة، وتكشف تغيرا انقلابيا في مواقفهم تجاه الفلسطينيين والعرب، ودعوات منهم لتصحيح مسار العلاقة، والابتعاد عن اعتماد خيار القوة فقط معهم.
أخيرا، يعتبر الكتاب شهادة خطيرة من قيادات كانت المسؤولة عن إدارة سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة, ولا أحد يعرف ما كان يجري في هذه الأراضي أكثر مما كانوا هم يعرفونه، لأنهم كانوا من يديرون الأوضاع فيها تنفيذا لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق