السبت، 11 يوليو 2015

ما الذي تعلمناه بعد 20 عامًا من مذبحة سربرنيتشا؟


ما الذي تعلمناه بعد 20 عامًا من مذبحة سربرنيتشا؟


صحيفة “لو ديفوار” الكندية – التقرير
منذ 20 عامًا، 11 يوليو 1995، بدأت القوى القومية الصربية بقيادة الجنرال راتكو ملاديتش بتنفيذ المذابح المنظمة لأكثر من 8000 من الرجال والمراهقين البوسنة. الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا، كما تم الاعتراف بها من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، دامت لمدة ثلاثة أيام في قلب أوروبا، في “منطقة أمنية” محمية من قبل الأمم المتحدة. فما الذي تعلمناه بعد 20 عامًا من مذبحة سربرنيتشا؟

من إبادة جماعية إلى أخرى
غالبًا ما تكون الإبادة الجماعية مقدمة لأخرى. فقد ساند المسؤولون العسكريون والسياسيون الفرنسيون الذين أيدوا القوميين الصرب إلى حين انتخاب جاك شيراك في مايو 1995، نظام الإبادة الجماعية في رواندا قبل وأثناء وبعد عمليات الإبادة الجماعية ضد التوتسي في عام 1994. كما غضت الولايات المتحدة النظر ولفترة طويلة على ما يحدث في البوسنة كما كان الحال بالنسبة لما جرى في رواندا.

أما بالنسبة للأمم المتحدة، التي فرت من رواندا حين اندلاع الإبادة الجماعية، فقد سمحت بالتطهير العرقي وبحصار سراييفو، حتى أن قوات حفظ السلام الهولندية منعت اللاجئين البوسنيين الذين كانوا يطلبون اللجوء إلى معسكرهم لتجنب الموت في سربرنيتشا، وبقيت قوات حفظ السلام من جانبها تشاهد من دون حراك كيف تقوم فرق الموت الصربية بفصل الرجال والنساء والمراهقين، في خطوة أخيرة قبل تنفيذ عمليات الإبادة الجماعية.

واليوم، حيث يتم ذبح مئات الآلاف من السوريين، مع إبادة التاميل في سري لانكا، ومع مضاعفة بوكو حرام عدد المجازر في نيجيريا، ومع قيام تنظيم داعش بعمليات التطهير العرقي والديني، فنحن ندرك جيدًا أن هذه الجرائم لا تطاق في حد ذاتها، ولكنها أيضًا ستكون وراء إعلان إبادات جماعية أخرى. فماذا تعلمنا من سربرنيتشا إذا تركنا كل هذه المجازر تحدث أمام أعيننا دون القيام بما يلزم لوقفها؟


 اللامبالاة التي تقتل
إنها اللامبالاة التي سمحت، في قلب أوروبا، بحدوث التطهير العرقي والذي كانت سربرنيتشا ذروته. كل عام، هناك عشرات الآلاف من الناس ممن يخاطرون بحياتهم -وفي كثير من الأحيان يفقدون حياتهم- خاصة في البحر الأبيض المتوسط، وهم يفرون من الديكتاتوريات، والاضطهاد، والفقر، في محاولة للوصول إلى القارة الأوروبية، حيث يأملون في بناء حياة أفضل .

ويبقى موقف الدول الأوروبية تجاههم غير إنساني وحتى إنه موقف إجرامي، فهم يستمرون في اعتماد سياسات يعرفون جيدًا أنها ستؤدي بالضرورة إلى سقوط الآلاف من القتلى.

ماذا تعلمنا من سربرنيتشا إذا تركنا الأنانية واللامبالاة هي التي تسود، إذا اخترنا أن تستمر المذابح على بضع المئات من الكيلومترات، وأحيانًا بضعة أمتار؟ حتى إن الخطابات خلال الاحتفالات أصبحت جوفاء، فقد أصبح على الدول “المتقدمة” محاربة هذه اللامبالاة وفتح الحدود أمام اللاجئين.

 شبح “حرب أهلية أوروبية
يعود الدعم الذي تمتع به القوميون الصرب منذ 20 عامًا على اعتبار أنهم آخر معقل للغرب المسيحي ضد هجوم المسلمين الذي تعتبر البوسنة هي رأس حربته. وفكرة “حرب أهلية أوروبية” التي لم تكن بعد ناضجة في حرب البوسنة، استمرت في النمو منذ ذلك الحين.

هذه الفكرة التي يتبناها اليوم بالأساس: اليمين القومي المتطرف، الذي اعتمد خطابًا عنصريًا ضد المسلمين، والجماعات الدينية المتطرفة، بما في ذلك السلفيون والجهاديون، الذين يهاجمون في المقام الأول اليهود، والنساء، والفكر الحر والديمقراطية. ويمكن ملاحظة وجود تحالف بين هذين التيارين من خلال ما قد يرمز إليه موقف الجماعات الدينية المتطرفة التي تقف إلى جانب المتطرفين اليمينيين خلال قيامهم بعمليات إجرامية.

خط النضال السياسي لا يكمن بين المسلمين والعالم الغربي، ولكن في العالم الإسلامي وفي أوروبا، بين أنصار الشمولية الإسلامية وأنصار الحرية، وبين القوميين والديمقراطيين.

ماذا تعلمنا من سربرنيتشا إذا كنا لا نؤيد وبشدة الديمقراطيين في العالم العربي أو الإسلامي، بما في ذلك تونس وتركيا وإيران وغيرها، الذين يقاتلون كل يوم ضد الشمولية الإسلامية، من أجل الحرية؟ وإذا لم تلتزم الدول الغربية وبحزم ضد العنصرية ومعاداة السامية، لأجل عالم أكثر عدلًا وأكثر ديمقراطية؟

 أوروبا
أخيرًا، فإن فكرة معينة لأوروبا لقيت حتفها خلال حرب البوسنة. فأين هي أوروبا الموحدة والضامنة للسلام، والرافضة للقومية القاتلة والمتجاوزة للمصالح الوطنية نحو أفق ديمقراطي مشترك.

اليوم كما كان الحال منذ 20 عامًا، تخلت أوروبا عن الأمل التاريخي وعن حمل الرسالة من خلال تخليها عن أولئك الذين كانوا يؤمنون بالدور الأوروبي، فقد حشد الأوكرانيون كل الجهود ليحققوا حلمهم في الانضمام إلى أوروبا، وهذا يعني إقامة دولة مستقلة، وإنهاء الفساد وإقامة دولة القانون، كما واصل الديمقراطيون الهنغاريون مقاومتهم اليومية ضد تدمير الديمقراطية التي ينتهجها فيكتور اوربان، ويحلم الشباب البوسني بإسقاط النظام الفاسد والجامد مع التراجع أخيرًا عن اتفاقات دايتون التي حصرتهم في وجود على أساس عرقي ضيق.

ماذا تعلمنا من سربرنيتشا إذا لم نستبدل الدستور الذي كان نتيجة لاتفاقيات دايتون بدستور لا يهتم بالأعراق، وإذا لم تقم أوروبا بفتح الآفاق أمام البوسنة والهرسك.

في سربرنيتشا، كما هو الحال في أماكن أخرى، يعتبر الماضي جزءًا من الحاضر. وأمام أوروبا واجب تعلم الدروس من مذبحة سربرينيتسا والعمل على تمكين الأجيال الحالية والمستقبلية من بناء مستقبل مشرق وفي جو ديمقراطي مشبع بالحرية.

هناك تعليق واحد:

  1. بهذه الأبيات الشعرية، وصف الشاعر عبد العزيز جويدة، تقاعس العرب عن إغاثة مسلمي البوسنة وغض الطرف عمّا لحق بهم إبان هذه المجزرة الوحشية.

    (1)

    هَوِّنْ عليكْ

    ما عَادَ في الآفاقِ شَيءٌ يُرتَقَبْ

    ماذا تُريدُ مِنَ السيوفِ ؟

    صَليلَها ؟

    كيفَ الصليلُ

    وقد غَدا سيفي خَشَبْ ؟

    ماذا تُريدُ مِن الخُيولِ ؟

    صَهيلَها ؟

    كيفَ الصهيلُ

    وكلُّ فُرساني كَذِبْ ؟

    هذي "سَراييفو" تُبادُ

    وخلفَها

    قُدسٌ جَديدٌ

    سوفَ يَصنعُهُ العربْ

    هَوِّنْ عليكَ

    قَتَلتَني!

    واصرُخْ بعيدًا وانتَحِبْ

    ماذا تُريدُ مِن العُروبةِ والعربْ

    ماذا تُريدْ

    إنْ كانَ كلُّ الحاكمينَ

    على غِرارِ "أبي لَهَبْ" ؟

    (2)

    بالأمسِ كانتْ

    نَخوَةُ الفُرسانِ

    كُنَّا إنْ دُعينا ..

    نَستَجِبْ

    كانتْ ( وا إسلاماهُ ) يومًا

    تَقتضي حَمْلَ السيوفِ

    تُثيرُ بُركانَ الغَضَبْ

    ماذا دَهانا أيُّها الأعرابُ ؟

    صِرنا.. لَحمُنا يُسبَى ،

    وعِرضٌ يُغتَصَبْ

    مُتَشدِّقينَ بِدينِنا وبعَفوِنا

    وبِنُصرةِ المظلومِ لو يومًا طَلَبْ

    هذي "سراييفو" استجارَتْ

    لَمْ يُجِرْها غيرُ كُفَّارٍ

    وإنَّا.. صَوتُنا يَعلو ويَعلو بالخُطَبْ :

    قُمْ يا رسولَ اللهِ أنقِذْنا

    فدينُ اللهِ مَغلوبٌ

    أ تَرضَى يَنغَلِبْ ؟

    يا "خالِدًا"

    يا ابنَ الوليدْ

    يا سَيفَنا المسلولَ

    قلبي قد تَعِبْ

    يا ناصِرينَ الدينَ قُوموا

    واخلَعوا صَمتَ القُبورِ

    فلَمْ يَعُدْ فينا رَجُلْ

    حتى النساءُ

    بَرِئْنَ مِنَّا

    صارَ يَقتُلُنا الخَجَلْ

    (3)

    أنا يا رَسولَ اللهِ أبحثُ عن مَدَدْ

    أنا يا رسولَ اللهِ أسألُ عن سَنَدْ

    يومًا نَشرْتَ الدينَ وحدَكْ

    يومًا حَميْتَ الكلَّ وحدَكْ

    صِرنا كثيرًا يا رسولَ اللهِ بعدَكْ

    لكنْ كثيرًا في العددْ

    أمَّا العزيمةُ يا رسولَ اللهِ ضاعَتْ

    عندَ الشدائدِ لا تَرى

    مِنَّا أحَدْ

    (4)

    قلبي عليكِ

    أيا "سراييفو" التي لم تَمتَلِكْ

    نِفطًا

    لِذا لَمْ تَأتِها مِن كلِّ فَجٍّ أسلِحَةْ

    لَم تأتِها كلُّ الحشودِ

    كما رأينا

    كالطيورِ الجارِحَةْ

    رغمَ البشاعةِ والضَّراوةِ

    تَستمرُّ المذبَحَةْ

    يا أيُّها المدُنُ التي

    خَلعتْ جميعَ بيوتِها

    واستبدَلَتْها أضرِحةْ

    ما من يدٍ تَمتَدُّ

    مِن قُربٍ ولا بُعدٍ ؛

    ليسَتْ هُنالِكَ مَصلحةْ

    والمسلمونَ تَفرَّقوا

    باعوا سُيوفَهُمُ ،

    اكتَفَوا ..

    أنْ يَقرءُوا

    للراحِلينَ الفاتِحَةْ

    ردحذف