"كريستيان مونيتور": لماذا "يتودد" السعوديون إلى جماعة الإخوان؟
قال تقرير نشرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"، من إعداد مراسلها في الأردن، إن المملكة العربية السعودية أطلقت مبادرة دبلوماسية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، يظهر أنها تهدف إلى الحد من نفوذ إيران وتأثيرها في بعض فروع المنظمة الإسلامية السنية.
والتحرك السعودي الأخير، وفقا للتقرير، أعقب الاتفاق النووي بين القوى العالمية الست وإيران، ويمثل خروجا كبيرا عن سياسة العدوانية التي تبنتها الرياض في آخر عهد الملك الراحل ومحاولة استئصالها من منطقة الخليج.
وكان الأكثر إثارة للانتباه في هذا الاتجاه، زيارة زعيم حماس، خالد مشعل، الأسبوع الماضي إلى المملكة. وقد اعتمد فرع الإخوان الفلسطيني لفترة طويلة على رعاية طهران، علما أنه قبل ستة أشهر فقط، ضغطت الرياض على قطر لإغلاق المكتب السياسي لحركة حماس هناك.
وزار مشعل مكة، فصلى مع الملك سلمان وعقد اجتماعات مع وزير الداخلية محمد بن نايف ووزير الدفاع محمد بن سلمان -ابن الملك والنجم السياسي الصاعد-، كما أحد هذا مسؤولو حماس وكالة الأنباء السعودية.
ولم يكن هذا هو المؤشر الوحيد على التقارب مع الإخوان، ذلك أنه رئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، وهمام سعيد المراقب العام لجماعة الإخوان في الأردن، وعبد المجيد الزنداني الشخصية القيادية البارزة في جماعة الإخوان باليمن، كلهم قد زاروا المملكة مؤخرا.
ويرى مراقبون في هذا إشارات إلى "إعادة حساب" إستراتيجي للرياض.
"هذه الزيارات كلها جزء من إستراتيجية كبرى لاحتواء إيران"، كما نقل التقرير عن الباحث مصطفى العاني، مدير دراسات الدفاع في مركز الخليج للأبحاث ومقره جدة، مضيفا: "الجزء الأول منها هو إبعاد الإخوان المسلمين عن إيران.
"هذه الزيارات كلها جزء من إستراتيجية كبرى لاحتواء إيران"، كما نقل التقرير عن الباحث مصطفى العاني، مدير دراسات الدفاع في مركز الخليج للأبحاث ومقره جدة، مضيفا: "الجزء الأول منها هو إبعاد الإخوان المسلمين عن إيران.
والثاني هو استخدام الجماعة لمواجهة النفوذ الإيراني".
وقد منع المسؤولون السعوديين الصحافة المحلية من مناقشة هذا الموضوع حتى اليوم. ورغم أن وزير الخارجية عادل الجبير قال في مؤتمر صحافي إنه لم يكن هناك شيء سياسي في الزيارة، فإن المطلعين السعوديين يقولون إن الزيارة تشير إلى "تفاهم مهم" بين حماس والحكم السعودي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في القصر الملكي غير مصرح له التحدث إلى الصحافة، قوله: "خلال الزيارة، أكد الوفد عن تقديره لدعم المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية وكذلك جهودها لاستعادة الحكومة الشرعية في اليمن". وأضاف قائلا: "كما أعرب الوفد أيضا عن دعمه للجهود المبذولة لمنع الهيمنة الإيرانية على المنطقة والحرب ضد التطرف".
* تحالف القديم:
ورغم التوجهات العدائية الأخيرة، وفقا للتقرير، فإن المملكة العربية السعودية لديها تاريخ طويل من استخدام الإخوان ضد منافسيها الإقليميين.
وقد منع المسؤولون السعوديين الصحافة المحلية من مناقشة هذا الموضوع حتى اليوم. ورغم أن وزير الخارجية عادل الجبير قال في مؤتمر صحافي إنه لم يكن هناك شيء سياسي في الزيارة، فإن المطلعين السعوديين يقولون إن الزيارة تشير إلى "تفاهم مهم" بين حماس والحكم السعودي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في القصر الملكي غير مصرح له التحدث إلى الصحافة، قوله: "خلال الزيارة، أكد الوفد عن تقديره لدعم المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية وكذلك جهودها لاستعادة الحكومة الشرعية في اليمن". وأضاف قائلا: "كما أعرب الوفد أيضا عن دعمه للجهود المبذولة لمنع الهيمنة الإيرانية على المنطقة والحرب ضد التطرف".
* تحالف القديم:
ورغم التوجهات العدائية الأخيرة، وفقا للتقرير، فإن المملكة العربية السعودية لديها تاريخ طويل من استخدام الإخوان ضد منافسيها الإقليميين.
ففي الخمسينيات والستينيات دعمت المملكة الإخوان وذلك لإضعاف النظام الجمهوري القومي لمصر في عهد جمال عبد الناصر.
ورغم أنها محظورة من ممارسة النشاط السياسي في المملكة العربية السعودية، نشط أعضاء جماعة الإخوان في الأوساط الأكاديمية، وكان لهم تأثير كبير في المدارس الثانوية والجامعات.
لكن هذا التحالف كان دائما غير مريح للاعتبارات الإيديولوجية والسياسية، وتدهورت العلاقات بشكل خاص في أعقاب انتفاضات الربيع العربي في العام 2011، والتي كانت مدعومة من قبل جماعة الإخوان وقد أرعبت الحكومة السعودية.
في عام 2014 حظر الملك عبد الله بن عبد العزيز الجماعة وصنفها في قائمة المنظمات الإرهابية الإقليمية، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وغضت الطرف على اعتقال قادة الإخوان في الأردن ومصر، كما ضغطت على قطر لطرد مشعل في يناير الماضي.
لكن صعود الملك سلمان إلى العرش في يناير الماضي شهد مناخا جديدا للعلاقات بين السعودية والإخوان. ففي الوقت الذي انقُلب فيه على حكم الإخوان في مصر عام 2013، توسع النفوذ الإيراني في سوريا، واتهم السعوديون طهران في دعم تمرد الحوثيين في اليمن.
ثم جاء الاتفاق النووي، الذي يُفترض أن يعزز موقع وموقف إيران لمعارضة منافسه السعودي القديم. وهنا، فجأة، بدا الإخوان فرصة أكثر منهم تهديدا.
* المصالح المتبادلة في اليمن:
"وكان الملك سلمان واضحا منذ البداية، فقد كان من أولوياته الحصول على دعم جماعة الإخوان المسلمين وتوجيههم بعيدا عن النفوذ الإيراني"، كما نقلت الصحيفة الكاتب حسن أبو هنية، المحلل السياسي المقيم في عمان والخبير في الحركات الإسلامية، وأضاف: "وقد سرَع الاتفاق النووي الإيراني هذه السياسة".
وكانت القضية الناشئة ذات الاهتمام المشترك بين المملكة العربية السعودية والإخوان هي اليمن، حيث تخوض الرياض حملة عسكرية منذ أربعة أشهر لصد الحوثيين المدعومين من إيران وإعادة تثبيت الحكومة الموالية للسعودية.
الإخوان في اليمن، والمعروفون باسم التجمع اليمني للإصلاح، لديهم عدة آلاف من المقاتلين يواجهون الحوثيين ويلعبون دورا حاسما في المعركة من أجل تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن. وقد كافأت الرياض الإخوان عن وفائهم، كما يرى التقرير.
وبعد ساعات من مغادرة مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للمملكة، وصل الشيخ عبد المجيد الزنداني، أحد مؤسسي جماعة الإخوان في اليمن، إلى الرياض، ويُقال إنه يناقش المسؤولين السعوديين والمجموعات السياسية اليمنية مستقبل اليمن، حيث من المتوقع أن يلعب التجمع اليمني للإصلاح دورا رئيسا فيه.
* قتال تنظيم الدولة الإسلامية:
وقال التقرير إن المملكة العربية السعودية مددت أيضا غصن الزيتون إلى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن لحشد الدعم في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
ففي زيارة نادرة إلى السعودية هذا الشهر، التقى همام سعيد، المراقب العام لجماعة الإخوان في الأردن، مع وزير الشؤون الإسلامية السعودي صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، ويقال إنهما ناقشا دعم جماعة الإخوان المسلمين الأردنية للتدخل السعودي في اليمن والحرب ضد تنظيم الدولة "داعش".
وفقا لمطلعين، حثت الرياض جماعة الإخوان الأردنية على الدعم السياسي المكثف وحتى الديني للحرب، وخاصة أن الأردن عضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويشترك في حدود مع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في شرق سوريا وغرب العراق.
في المقابل، وفقا للتقرير، وعدت الرياض الطلب من الأردن –حليفها القديم- تخفيف الحملة على الحركة بعد أن رخصت الحكومة لنشاط المجموعة الإخوانية المعارضة للقيادة الحاليَة ونقل أصولها إلى الخط الموالي للنظام.
"المملكة العربية السعودية لم تعد ترانا أعداء بل شركاء"، كما نقل التقرير عن سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن. وأضاف موضحا: "الحرب ضد التطرف وضد داعش هي واحدة من المناطق العديدة للتعاون فيما بيننا".
* قيود على التحالف:
لكنَ المراقبين السعوديين، وفقا للتقرير، يرون أن هناك حدودا لانبعاث هذا التحالف. فرغم ما يقال عن الرياض إنها "مستاءة" من اعتقال الرئيس عبد الفتاح السيسي ومحاكمة قادة جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنها لا ترغب في عودة الحركة الإسلامية إلى السلطة في مصر. كما يرى المراقبون أن الرياض وضعت "خطا أحمر" لنشاط الإخوان في الخليج.
وفي هذا، نقل التقرير عن الباحث "مصطفى العاني" من مركز الخليج للأبحاث قوله: "هناك قاعدة ذهبية يدركها الإخوان: ممنوع أي نشاط في دول مجلس التعاون الخليجي"، وأضاف: "المملكة العربية السعودية سوف تتعامل معهم كحلفاء الخارج.."، أما في الداخل فلا اعتراف بهم. وأكد مسؤولون سعوديون أن تحالف اليوم قد لا يؤدي إلى نهضة الإخوان غدا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في القصر الملكي: "في مصلحة المملكة ومصلحة العالم، نحن نتواصل مع أي طرف للحد من التهديد الإيراني"، وأضف مستدركا: "ولا نتعامل مع جماعة الإخوان كدولة ولن نفعل ذلك أبدا".
لكن هذا التحالف كان دائما غير مريح للاعتبارات الإيديولوجية والسياسية، وتدهورت العلاقات بشكل خاص في أعقاب انتفاضات الربيع العربي في العام 2011، والتي كانت مدعومة من قبل جماعة الإخوان وقد أرعبت الحكومة السعودية.
في عام 2014 حظر الملك عبد الله بن عبد العزيز الجماعة وصنفها في قائمة المنظمات الإرهابية الإقليمية، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وغضت الطرف على اعتقال قادة الإخوان في الأردن ومصر، كما ضغطت على قطر لطرد مشعل في يناير الماضي.
لكن صعود الملك سلمان إلى العرش في يناير الماضي شهد مناخا جديدا للعلاقات بين السعودية والإخوان. ففي الوقت الذي انقُلب فيه على حكم الإخوان في مصر عام 2013، توسع النفوذ الإيراني في سوريا، واتهم السعوديون طهران في دعم تمرد الحوثيين في اليمن.
ثم جاء الاتفاق النووي، الذي يُفترض أن يعزز موقع وموقف إيران لمعارضة منافسه السعودي القديم. وهنا، فجأة، بدا الإخوان فرصة أكثر منهم تهديدا.
* المصالح المتبادلة في اليمن:
"وكان الملك سلمان واضحا منذ البداية، فقد كان من أولوياته الحصول على دعم جماعة الإخوان المسلمين وتوجيههم بعيدا عن النفوذ الإيراني"، كما نقلت الصحيفة الكاتب حسن أبو هنية، المحلل السياسي المقيم في عمان والخبير في الحركات الإسلامية، وأضاف: "وقد سرَع الاتفاق النووي الإيراني هذه السياسة".
وكانت القضية الناشئة ذات الاهتمام المشترك بين المملكة العربية السعودية والإخوان هي اليمن، حيث تخوض الرياض حملة عسكرية منذ أربعة أشهر لصد الحوثيين المدعومين من إيران وإعادة تثبيت الحكومة الموالية للسعودية.
الإخوان في اليمن، والمعروفون باسم التجمع اليمني للإصلاح، لديهم عدة آلاف من المقاتلين يواجهون الحوثيين ويلعبون دورا حاسما في المعركة من أجل تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن. وقد كافأت الرياض الإخوان عن وفائهم، كما يرى التقرير.
وبعد ساعات من مغادرة مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للمملكة، وصل الشيخ عبد المجيد الزنداني، أحد مؤسسي جماعة الإخوان في اليمن، إلى الرياض، ويُقال إنه يناقش المسؤولين السعوديين والمجموعات السياسية اليمنية مستقبل اليمن، حيث من المتوقع أن يلعب التجمع اليمني للإصلاح دورا رئيسا فيه.
* قتال تنظيم الدولة الإسلامية:
وقال التقرير إن المملكة العربية السعودية مددت أيضا غصن الزيتون إلى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن لحشد الدعم في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
ففي زيارة نادرة إلى السعودية هذا الشهر، التقى همام سعيد، المراقب العام لجماعة الإخوان في الأردن، مع وزير الشؤون الإسلامية السعودي صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، ويقال إنهما ناقشا دعم جماعة الإخوان المسلمين الأردنية للتدخل السعودي في اليمن والحرب ضد تنظيم الدولة "داعش".
وفقا لمطلعين، حثت الرياض جماعة الإخوان الأردنية على الدعم السياسي المكثف وحتى الديني للحرب، وخاصة أن الأردن عضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويشترك في حدود مع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في شرق سوريا وغرب العراق.
في المقابل، وفقا للتقرير، وعدت الرياض الطلب من الأردن –حليفها القديم- تخفيف الحملة على الحركة بعد أن رخصت الحكومة لنشاط المجموعة الإخوانية المعارضة للقيادة الحاليَة ونقل أصولها إلى الخط الموالي للنظام.
"المملكة العربية السعودية لم تعد ترانا أعداء بل شركاء"، كما نقل التقرير عن سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن. وأضاف موضحا: "الحرب ضد التطرف وضد داعش هي واحدة من المناطق العديدة للتعاون فيما بيننا".
* قيود على التحالف:
لكنَ المراقبين السعوديين، وفقا للتقرير، يرون أن هناك حدودا لانبعاث هذا التحالف. فرغم ما يقال عن الرياض إنها "مستاءة" من اعتقال الرئيس عبد الفتاح السيسي ومحاكمة قادة جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنها لا ترغب في عودة الحركة الإسلامية إلى السلطة في مصر. كما يرى المراقبون أن الرياض وضعت "خطا أحمر" لنشاط الإخوان في الخليج.
وفي هذا، نقل التقرير عن الباحث "مصطفى العاني" من مركز الخليج للأبحاث قوله: "هناك قاعدة ذهبية يدركها الإخوان: ممنوع أي نشاط في دول مجلس التعاون الخليجي"، وأضاف: "المملكة العربية السعودية سوف تتعامل معهم كحلفاء الخارج.."، أما في الداخل فلا اعتراف بهم. وأكد مسؤولون سعوديون أن تحالف اليوم قد لا يؤدي إلى نهضة الإخوان غدا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في القصر الملكي: "في مصلحة المملكة ومصلحة العالم، نحن نتواصل مع أي طرف للحد من التهديد الإيراني"، وأضف مستدركا: "ولا نتعامل مع جماعة الإخوان كدولة ولن نفعل ذلك أبدا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق